الحياة برس - هآرتس
 كارولينا ليندسمان
"الثأر الوحيد هو البناء"، حاول الوزير نفتالي بينيت تهدئة الهتافات الداعية للثأر التي انطلقت في جنازة الحاخام رازئيل شيفح، الذي قتل بالنار قرب بؤرة حفات جلعاد حيث يسكن. هذه محاولة زائفة لعرض البناء كبديل انساني على ثأر الدم، وذاته كوزير متوازن ومعتدل يحاول تهدئة الخواطر وتبريد مشاعر الحداد في لحظة ألمها، مثابة مهاتما غاندي المستوطنين.
ظاهرا، بينيت وشريكته في قيادة المستوطنين، وزيرة القضاء أييليت شكيد، التي سارعت هي الاخرى للاعلان عن أن "ردنا سيكون تسوية بلدة حفات جلعاد، ليسا متحمسين. فهما لا يصرخان "الموت للعرب"، لا يدعوان إلى "الدخول فيهم". لا يبدو أنهما يؤيدان هذه المرة حملة عسكرية. بشكل عام، موقف بينيت من الارهاب هو متقدم ظاهرا إذ انه يعترف بالارهاب اليهودي، يعارض العنف المبادر اليه في الطرفين (باستثناء عنف الجيش الإسرائيلي بالطبع)، ولكن محظور علينا أن نقع في هذا الفخ.
ان محاولة تصنيف "البناء" ككفاح غير عنيف هو تلاعب كاذب. فبينيت لا يقترح على المستوطنين استخدام "قوة الحب" اليهودية؛ لا يدعوهم إلى المقاومة السلبية، لا يوجد اي شيء سلبي في ثأر بينيت: فالمقصود هو البناء للفلسطينيين في داخل البيت، أي السطو على اراضيهم، اراضي دولتهم المستقبلية، في ظل تعميق التواجد العسكري، بينما لا يوجد للفلسطينيين أي قدرة للدفاع عن أنفسهم. وهم يقفون بلا وسيلة أمام العدوان الإسرائيلي: الشرطة الفلسطينية ممنوعة من وقف الاجتياح لأراضيهم، ليس من صلاحيتها وقف البناء غير القانوني، وبالطبع لا يوجد جيش فلسطيني يبعد الغزاة. من ناحية إسرائيل كل شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية ليس شرعيا. والبناء في المناطق مثله كالسطو على بيت يقيد سكانه بالكراسي، ويتم برعاية الشرطة.
كما أن الوزير أفيغدور ليبرمان أمر بالنظر في تحويل حفات جلعاد إلى "بلدة عادية في يهودا والسامرة". ووزير الزراعة اوري اريئيل شرح يقول: "نحن نريد ثأر الرب تبارك اسمه: نحن نقسم بان نبني بلاد إسرائيل. هذه نغمة إلهية نحن فيها الرسل".
ليس فقط محظور أن نرى في البناء كفاحا غير عنيف، بل نحن ملزمون بان نفهم ما ينطوي عليه الفكر الذي يرى في البناء "ردا صهيونيا مناسبا"، وبالمستوطنين – رُسل. إذا كان البناء في المناطق هو ثأر، بمعنى عمل رد تنفذه إسرائيل بواسطة المستوطنين، فإنه حسب من يحمل هذا الفكر، فإن المستوطنين مثلهم كمثل الجنود؛ أي: المس بالمستوطنين هو كالمس بالجنود. ومع ان هذا عمل مقاوم عنيف، الا انه لا يمكن حسب هذا المنطق، تصنيفه عمل إرهابي، لان الإرهاب موجه ضد المدنيين.
المستوطنون، مثل الكثير من الإسرائيليين أيضا، يحتجون على ان العمليات ضد المستوطنين ينظر اليها بشكل مختلف عن العمليات ضد المدنيين في داخل الخط الاخضر، ولكن في ذلك ازدواجية اخلاقية كبيرة. فمن جهة تهدد إسرائيل الفلسطينيين سلاح الاستيطان، ومن جهة اخرى تكفر بشرعية عمليات الرد على المستوطنين.
ان من يحدد المستوطنين كرُسل اسلحة التوسع الامبريالي، يشوشون التمييز بين الجنود والمستوطنين ويضعون الحاخام شيفح في ميدان المعركة العسكرية، وليس المدنية. وهكذا يصبح قتله قتل مقاتل في ميدان المعركة. من يصفون البناء في المناطق كأعمال رد على الهجمات الفلسطينية، ومن يرون في تسوية البؤر غير القانونية سلاحا في الحرب في مواجهة العنف الفلسطيني، يبيحون دماء المستوطنين ويعرضونهم للخطر كهدف لعمليات الرد الفلسطينية.

calendar_month15/01/2018 11:11 am