يعيش مليارات من البشر المتنوع في جوانب كثيرة على وجه هذه الأرض. هناك الأقوياء وهناك الضعفاء، وهناك الأغنياء وهناك الفقراء. بشر طيب، وبشر شرير، بشر يعلم وآخر يجهل. ناس تفكر وتخطط، وآخرون تلفهم البلادة والعفونة.
بيد أن جميع هذه الاختلافات لم تتأت من فراغ ولم تنته الى دون نتائج. إن من يتفحص أحوال سكان هذه الأرض ويتمعن بها ويبحث في أسبابها سيقف على أن هناك من خيوط خفية على الكثيرين تمسك بأمور إدارتها.
في هذا البحث المختصر أحاول أن أفسر علاقات البشر ومقاماتهم وفق رؤية أطلق عليها: نظرية “عربة الخيل”.
هذه النظرية استعين في تفسيرها من خلال تشبيه علاقات البشر وقوى حكمهم بعربة خيل، بهيكلها وملكيتها وقمرة قيادتها وحوذيها وخيلها والكلاب التي ترافقها.

"نظرية: عربة الخيل” في حكم العالم
والتي أحاول، وباختصار شديد تاركاً للقارىء المشاركة في تخيله، وصف دور وعلاقات عناصر عربة الخيل وعكسها في تصوير حكم بشر العالم وثرواته.

خيول العربة:
تمثل الطاقات الفكرية والعلمية والبدنية للشعوب وثرواتها الطبيعية والتي يجب ان تعمل بشكل محكم من أجل جر العربة في الوجهة المطلوبة لقاء العلف ومقومات الحياة التي تبقيها حية بالصورة والدرجة المناسبة.

قمرة الأوامر والتوجيه:
التي يجلس فيها سادة العربة المالكون لها والجالسون خلف حوذي العربة المستخدمون ( بكسر الدال)، الآمرون والموجهون لها، وأصحاب القرار في كمية ونوع العلف وتوقيتات تقديمه والمحددون لأسعاره وتكاليفه.
هؤلاء السادة هم حكام العالم من أصحاب رؤوس الأموال والرأي والوعي العام والكهنة والساسة وجنرالات الحرب.

حوذي العربة:
الشخص الذي يقوم على حمل واستخدام السوط في التحكم بحركة الخيل وتوجيه سيرها وفق توجيهات أسياد القمرة. وهو هنا يتمثل بحكام ورؤساء الدول والأنظمة والبواقين والإعلاميين والبوليس ورجال الأمن ممن يعمل بإرادة أسياد القمرة.

هيكل العربة:
النظام الدولي بقوانينه وهيئاته وعلاقاته والقوى المتحكمة في تطبيقه وفق رؤية ومصالح سادة قمرة العربة واستخدامها للحوذي.

كلاب العربة:
وهم على نوعين أو لنقل يمكن أن يكونوا على حالين:
الأول: الذين ينبحون عند مهاجمة العربة من قبل قطاع طرق (من مفكرين وأصحاب رأي آخر ومحرضين ومتمردين ضد أسياد العربة وحتى حوذيها)
الثاني: الذين ينبحون ويهاجمون العربة ويهددون بالسيطرة عليها في سيادتها وامتلاك ما فيها وتوجيهها ( من مفكرين وأصحاب رأي وثوار ومتمردين)

ماذا تحمل العربة:
تحمل العربة القيم والمنتجات الفكرية والعلمية والمادية المتراكمة عبر العصور المختلفة، وامكانات التصرف بها.

الى أين تسير العربة:
تسير العربة في اتجاه يحقق هدفين لسادة قمرة العربة:
الأول: هدف تحقيق نوازع التملك ودوافعه
الثاني: يحقق اشتراطات ديمومة ذلك التملك في أهدافه ودوافعه.

العرب، وحلم الوحدة في اطار نظرية: عربة الخيل، في حكم العالم

العرب تلك الأمة الممزقة والتي تعيش شعوبها متفرقة رغم كثير من عناصر وحدتها، لها نصيب كبير في حسابات نظرية: عربة الخيل. إن من يجلس منذ قرون من سادة في قمرة الأسياد يمتلك من عوامل النزعة والقوة والإرادة والخبث والدهاء ما يحمله على أن يسوق الشعوب العربية، خيولاً وأحواذاً (جمع كلمة حوذي) وكلاباً نابحة.

لماذا؟
لأنها:
 ⁃هزيلة في تمزقها وتناحراتها،
 ⁃متخلفة في علومها وفنونها،
 ⁃ضعيفة في قوتها،
 ⁃منافقة في ايمانها،
 ⁃فوضوية في عملها،
 ⁃ممسوخة في ثقافتها،
 ⁃مستلبة في حريتها،
 ⁃عميلة في ولاءآتها.

ان هذه الحال البائسة للعرب جعلتهم فريسة وغنيمة سهلة المضغ في أفواه السادة الجالسين في قمرة عربة الخيل التي تحكم العالم، فحولتهم الى خيول لجر العربة واستخدمت حكامهم أسياطاً بأيديها وكلاباً تنبح للذود عن العربة وممتلكاتها أحياناً، ولتمزيق بعضهم البعض أحياناً أخرى.

هل من خلاص، ونهضة وكرامة لائقة للعرب؟

نعم، عندما يستفيق وعيهم، وتنتصر كرامة أحواذهم على أنانياتهم وخنوعهم، وينتفض وفاء “كلابهم”، ويمتلكون العزم ويتحلون بالصبر ويجهدون النفس والبدن بالعمل.

برلين، 08.03.2023
calendar_month08/03/2023 06:06 pm