لعبت السياسة عبر التاريخ دوراً هاماً في قيادة المجتمعات كونها تعني رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية . وكان عالم الاجتماع الأمريكي هارولد دوايت لاسويل (Harold Dwight Lasswell) (1902 ـ 1978) قد عرّفها بأنها دراسة السلطة التي تحدِّد من يحصل على المصادر المحدودة وتقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة .كما عرَّفها عالم السياسة الأمريكي وزميل الجمعية الملكية ديفيد إيستون (David Easton)( 1917 ـ 2014) واضع النموذج التحليلي المعروف باسم نموذج (المدخلات و المخرجات Inputs and Outputs ) بنظرة وظيفية في النظم السياسية على أساس أن الظاهرة السياسية هي عبارة عن مجموعة من العلاقات المتداخلة و العناصر المتفاعلة، والتي تتكون أساسا من نظام System ومحيط Environment . بالنسبة للمدخلات Inputs فتتكون الحاجات والمطالب الصادرة عن المجتمع (المجتمع المدني ، وسائل الاعلام ، واستطلاعات الرأي العام) والتي يجب أن يعبَّر عنها في شكل مواقف وتظاهرات سياسية متزنة وعقلانية و منظمة بشكلٍ جيد وتلقى الدعم والمساندة في التنظيم وإدارة تلك المطالب من خلال النظام السياسي ، والايمان الأكيد بقواعد اللعبة السياسية .اما بخصوص المخرجات Outputs فهي عبارة عن رد فعل المؤسسات والإدارات والهيئات السياسية الحاكمة على الطلبات والمطالب الصادرة عن المجتمع , وذلك عن طريق تغذية استرجاعية FeedBack ..باختصار يمكن تعريف السياسة بأنها تدرس القوّة من كل جوانبها ، أي القدرة على التأثير في المنهج والسلوك السياسي للفاعلين الدوليين الآخرين. ومنذ المؤرِّخ الإغريقي ثوقيديد أو ثوقيديدس (460 ق،م ـ 395ق.م) الذي ألَّف كتاب : (تاريخ الحرب البيلوبونيسية) بين أثينا وإسبرطة ، والذي يعتبر أوَّل المؤرخين الإغريق الذين أعطوا للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أهميةً خاصة. مروراً بالعديد من الحروب الطاحنة والمدمّرة بين الدول، والحربين العالميتين الأولى والثانية، وصولاً إلى الحرب العالمية المصغّرة في أوكرانيا، فإن منطق السياسة ثابت عبر التاريخ لأنّه يقوم على مبدأ الأمن والأمان والسلم والبقاء، أو ما يُعرَف بالعقدة الأمنية أوعقدة ثوقيديدس المؤرخ الأثيني الكبير في القرن الخامس قبل الميلاد. فالتاريخ لا يكرِّر نفسه ، لكنَّ أحداثه ومفاعيله تتناغم مع الحاضر بشكلٍ أو بآخر.
لذا فالتاريخ هو الدليل الأقوى والأكثر دليلاً إلى الحاضر، لأنه يخاطب ما هو دائم في إنسانيتنا ووجودنا الإنساني ، خاصة تلك القوى التي تدفعنا نحو الصراع المستمر . لقد كتب عالِم السياسة الأمريكي غراهام تي أليسون (Graham T. Allison) الذي ساهم في التحليل البيروقراطي لعملية صنع القرار وخاصة في أوقات الأزمات كتاب مثير للجدل بعنوان : (الحرب مكتوبة عليناDestined for War ) ، بدأ بسرد أحداث تلك الحرب المدمرة بين أثينا وإسبارطة التي ذكرها المؤرِّخ الإغريقي ثوقيديد أو ثوقيديدس (460 ق،م ـ 395ق.م ) الذي ألَّف كتاب : (تاريخ الحرب البيلوبونيسية) . ولو تجاوزنا قليلاً التاريخ البعيد لدلفنا على التركيز على حقب ثلاث خاصة بالصراع الذي مضى منذ نحو مائة وعشرون عاماً . فقد شهد العالم صراع (الحرب الباردة Cold War) التي صاحبت عدة أزمات دولية مثل حصار برلين (1948 ـ 1949) ، والحرب الكورية (1950 ـ 1953) ، وأزمة برلين عام 1961، وأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 ، وحرب فيتنام (1956 ـ 1975) ، والغزو الروسي لأفغانستان.