الحياة برس - محمد زريد

عائدات الضرائب الفلسطينية أو ما يعرف بـ "المقاصة"، وتم الإتفاق عليها بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الإحتلال الإسرائيلي فيما يعرف بـ "إتفاق باريس" الاقتصادي، وبموجبه تقوم سلطات الإحتلال بجمع أموال ضرائب الاستيراد والرسوم على البضائع المستوردة لمناطق السلطة الفلسطينية، وضريبة الدخل من العاملين الفلسطينيين داخل المناطق الإسرائيلية، بالإضافة لضريبة القيمة المضافة المدفوعة من منظمات ومؤسسات فلسطينية غير ربحية مسجلة لدى السلطة الفلسطينية على صفقات لدى سلطات الإحتلال.
وتحصل سلطات الإحتلال على تكاليف إدارية مقابل هذا العمل من أموال المقاصة ما نسبته 10 - 15%.
وتمثل المقاصة ما نسبته 68% من إجمالي الإيرادات لدى الموازنة الفلسطينية، وبدون هذه الأموال لن تكون السلطة الفلسطينية قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية.

مسلسل خصم أموال المقاصة

في شهر مارس/آذار 2018، صادق الكنيست الإسرائيلي على مشروع يسمح للحكومة الإسرائيلية باحتجاز جزء من أموال الضرائب الفلسطينية والتي تعادل الأموال المدفوعة لأسر الشهداء والأسرى، والتي تقدر بـ 140 مليون دولار سنوياً.
وقبل هذا الأمر بدأت سلطات الإحتلال باقتطاع الأموال من المقاصة الفلسطينية دون الرجوع للسلطة الفلسطينية وخلافاً لما تم الإتفاق عليه، لصالح شركات الكهرباء والصحة الإسرائيلية والمياه والصرف الصحي، منذ عام 2011، بدون تدقيق من الجانب الفلسطيني أو أي جهة دولية.
وحسب الإحصائيات الرسمية الحكومية الفلسطينية فإن مجموع ما صادرته سلطات الإحتلال تحت تلك الحجج منذ عام 2011 حتى 2021 ما يقار 11 مليار دولار، وفي عام 2022 المنصرم بلغت الخصومات للصالح الخدمات ما نحو 1.6 مليار شيكل ما يعادل "450 مليون دولار".

خصم قيمة رواتب أسر الشهداء والجرحى والأسرى

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، قال في تصريحات سابقة بأن إجمالي المبالغ المقتطعة من أموال المقاصة الفلسطينية منذ بداية عام 2019 حتى نهاية 2022 بلغ حوالي ملياري شيقل ما يعادل "570 مليون دولار"، وهي الأموال التي تخصمها سلطات الإحتلال تحت بند "قيمة رواتب أسر الشهداء والأسرى"، وتحتفظ سلطات الإحتلال بهذه الأموال في حساب فرعي لدى وزارة المالية.
وجاء وزير المالية الإسرائيلي الجديد سموتريتش ليتخذ قرار بمصادرة 139 مليون شيقل "40 مليون دولار" من عوائد المقاصة لصالح تعويض عوائل إسرائيلية قتل أفراد منها في عمليات فلسطينية حسب زعمه، وهو ما يوازي رواتب عوائل الشهداء والأسرى والجرحى خلال عام 2022.

خصم الـ 3% مقابل الجباية

تقتطع سلطات الإحتلال شهرياً 3% من عائدات المقاصة كعمولة جبايتها لصالح الموظفين العاملين في الجباية بالجانب الإسرائيلي، وتبلغ قيمة الإقتطاعات ما يقارب 350 مليون شيقل سنوياً "100 مليون دولار"، وهو مبلغ كبير جداً ويزيد عن مجموع رواتب موظفي وزارة المالية الإسرائيلية العاملين في جباية المقاصة الفلسطينية وهم 4 موظفين لا غير.

سرقة رسوم مغادرة الجسر

وبالإضافة لذلك تسرق سلطات الإحتلال رسوم المغادرة عبر الجسر بين الأراضي الفلسطينية والأردن، وعمل الإحتلال على زيادات متعاقة ومتعددة على الرسوم بدون العودة والحصول على موافقة السلطة الفلسطينية، وهذه لوحدها تجاوزت قيمتها "مليار شيقل - 280 مليون دولار".

اقتطاعات أخرى وسرقة للمال الفلسطيني

بجانب ما ذكرناه من ملفات تستغلها سلطات الإحتلال لسرقة المال الفلسطيني، توجد أيضاً ملفات أخرى مثل الضرائب في مناطق "ج" والتي تحصلها سلطات الإحتلال، وفروقات أسعر الخدمات على رأسها الكهرباء، بالإضافة لاستغلال الموارد الفلسطينية وعدم إعطاء الجانب الفلسطيني أي مقابل.
وحسب الإحصائيات الفلسطينية فإن الاقتطاعات الإسرائيلية سنوياً تقدر بـ 800 مليون دولار، وهو مبلغ كبير قادر على إنهاء ملف العجز المالي الذي تعاني منه الحكومة الفلسطينية والتي باتت لا تتمكن من صرف فاتورة رواتب موظفيها بشكل كامل، بالإضافة لعجزها عن تقديم الكثير والعديد من المشاريع التنموية والتطويرية والتنموية والتركيز على التحسين الاقتصادي.
وتهدف سلطات الإحتلال بهذه الإجراءات تضييق الخناق على السلطة الفلسطينية، وتقويضها مالياً ومؤسساتياً للحد من أداء عملها في خدمة المواطن الفلسطيني، وتعد حرباً عليها يهدد وجودها وإنجازاتها.
اشتية قال في كلمته خلال جلسة الحكومة الفلسطينية الإثنين 9 يناير 2023، أن تلك الاقتطاعات غير شرعية وغير قانونية، ولا تخضع لإجراءات التدقيق من أي جهة فلسطينية أو دولية وتعد مخالفة للاتفاقيات الموقعة، داعياً الدول العربية للالتزام بتفعيل شبكة الأمان المالي واستئناف الدعم المالي لدولة فلسطين لتتمكن من مواجهة التحديات والحصار الإسرائيلي.

calendar_month09/01/2023 04:10 pm