حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح
النشأة :.
بدأت نشأة حركة فتح في أواخر عام 1957، وعقد أول لقاء لقادتها في حينه بحضور ستة أشخاص وهم ( ياسر عرفات - خليل الوزير - عادل عبد الكريم - عبد الله الدنان - يوسف عميرة - توفيق شديد)، وكان هذا الاجتماع بمثابة لقاء تأسيسي أول للحركة، وصاغوا خلاله ما سمي بـ " هيكل البناء الثوري "، و " بيا حركتنا ".
في عام 1959، انضم أعضاء جدد للحركة ومن أبرزهم ( صلاح خلف - خالد الحسن - عبد الفتاح حمود - كمال عدوان - محمد يوسف النجار - عبد الفتاح إسماعيل - محمود عباس ).
وظهرت في ذات العام حركة فتح من خلال منبرها الإعلامي الأول مجلة " فلسطيننا - نداء الحياة "، والتي صدرت من بيروت شهر تشرين ثاني/نوفمبر، وأدارها توفيق خوري.
وقدمت المجلة تعريفاً بالحركة وعملت على نشر فكرها الثوري ما بين عامي 1959 - 1964، واستقطبت العديد من المجموعات التنظيمية الثورية الأخرى، وانضم للحركة في حينه كلاً من ( ماجد أبو شرار - أحمد قريع - فاروق القدومي - صخر حبش - يحيى عاشور - زكريا عبد الحميد - سميح أبو كويك - عباس زكي ) والعشرات من المناضلين الأوائل.
موعد انطلاقة حركة فتح
في تاريخ 31/12/1964 قررت قيادة حركة فتح البدء بالكفاح المسلح تحت اسم " قوات العاصفة "، وبدأت بالعملية الشهيرة التي تم خلالها تفجير شبكة مياه إسرائيلي وحملة عنوان " نفق عيلبون "، وكان أول بيان عسكري للحركة بتاريخ 1/1/1965.
ومنذ وقتها بدأت تتصاعد العمليات الكفاحية ضد الاحتلال في كل أماكن تواجده، ومن ثم تم إصدار البيان السياسي الأول للحركة في تاريخ 28/1/1965، مبيناً أن المخططات السياسية والعسكرية للحركة لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية، واعتمد حينها التعبئة العسكرية، واعتبر تاريخ 1/1/1965 يوم تفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة.
ونجحت الحركة بإعادة الاعتبار لهوية الشعب الفلسطيني وشخصيته الوطنية، وحولت اللاجئين في الخيام إلى ثوار بدأوا بحمل السلاح وضرب العدو، ولفتت أنظار العالم بأسره للقضية الفلسطينية وعدالتها.
فكر حركة فتح
فكر حركة فتح يستند لمبادئها بأن فلسطين أرض للفلسطينيين جميعاً، وهي أرض عربية يجب على كل العرب المشاركة في تحريرها، وبلورت برنامجها النضالي بتعبئة أبناء الشعب الفلسطيني بكل فئاته وطبقاته وأماكن تواجده، ونبذت الصراعات الطبقية والفئوية والطائفية والإقليمية وركزت على العمل من أجل إستعادة الهوية الفلسطينية للأرض والشعب وترسيخ استقلال الإرادة الفلسطينية وتعظيم ارتباطها بالأمة العربية واستقطاب دعمها وحمايتها، وبدأت بعدها قوات العاصفة بالإعداد للكفاح المسلح.
الثوابت الاستراتيجية والسياسات المرحلية لحركة فتح:
انطلقت فتح كحركة للتحرر الوطني للشعب الفلسطيني، وثورة تستهدف تنوير الشعب الفلسطيني وتوحيده وتنظيمه وتحرير إرادته؛ لكي يأخذ زمام قضيته، فيدفعها من الجمود إلى الحركة؛ لإنهاء الاحتلال والاستيطان، وإعادة اللاجئين إلى وطنهم.
نأت الحركة في ثوابتها عن تبني فكر حزبي أحادي، باعتبارها حركة تحرر وطني تمثل الشعب بطوائفه وطبقاته وقطاعاته كافة، وفتحت الباب أمام تيارات سياسية وفكرية للانتماء إليها.
أهداف استراتيجية لحركة فتح:
أولاً: تحرير فلسطين وإنهاء الاستيطان وتحقيق الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني:
ويشمل ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وهو حق ثابت غير قابل للتصرف، لا يسقط بالتقادم، اعترف به وأكده المجتمع الدولي، وهو يشمل حقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس على الأرض الفلسطينية المحررة، التي احتلتها إسرائيل بعد الرابع من يونيو 1967، وحق اللاجئين في العودة والتعويض، استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة رقم 194.
ثانياً: أساليب النضال وأشكاله:
ينطلق النضال من حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وفي النضال ضد الاستيطان والطرد والترحيل، والتمييز العنصري، وهو حق تكفله الشرائع والقوانين الدولية.
ثالثاً: الشخصية الوطنية المستقلة والهوية الفلسطينية:
ارتكزت استراتيجية حركة فتح على الشعب الفلسطيني ونضاله، وأنه لا بديل له عن وطنه؛ ولذلك فقد بذلت الحركة جهودها في كل الميادين لتأكيد الشخصية الوطنية المستقلة، ولتثبيت الهوية الفلسطينية.
رابعاً: الوحدة الوطنية الفلسطينية:
الشعب الفلسطيني شعب واضح الهوية والانتماء إلى وطنه، ويناضل منذ ما يقارب القرن من الزمان؛ من أجل الحفاظ على وطنه وهويته الوطنية، وتحرير أرضه من الاحتلال والاستيطان. والشعب العربي الفلسطيني وحدة واحدة داخل الوطن، وفي الشتات.
خامساً: الانتماء العربي:
تنطلق حركة فتح من أن الشعب الفلسطيني شعب عربي، وجزء لا يتجزأ من الأمة العربية.
سادساً: الإسلام والأديان السماوية في استراتيجية فتح:
فلسطين هي الأرض المقدسة للأديان السماوية الثلاث، والإسلام هو دين الأغلبية من أبناء الشعب الفلسطيني، وللأديان السماوية الأخرى نفس القدسية والاحترام، ولا تسمح حركة فتح بأي تمييز بين الفلسطينيين على أساس دينهم وعقيدتهم أو مقدار إيمانهم، وتحترم حرية العبادة للجميع.
سابعاً: دور العلاقات الدولية في استراتيجية فتح:
تسعى الحركة دائما إلى تنمية علاقاتها الدولية وتطويرها، موسعة دائرة أصدقائها وحلفائها، ملتزمة استراتيجياً بالقانون الدولي، وبشرعة الأمم المتحدة، ملتزمةً بميثاقها. وتنطلق حركة فتح في علاقاتها الخارجية من كونها حركة تحرر وطني تكافح ضد الاحتلال الإسرائيلي، مستندة دائماً في حركتها الشعبية والرسمية إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وحقه في الاستقلال والعودة، كما أنها تستند إلى الحماية التي كفلها القانون الدولي الإنساني، وبالأخص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، وحماية المدنيين تحت الاحتلال الأجنبي، وإلى أحكام القانون الدولي، التي أكدت حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، والحق في الكفاح من أجل حريتها واستقلالها وتقرير مصيرها.
"فتح" في القرن الواحد والعشرين:
تعرضت حركة "فتح" خلال مسيرتها الطويلة إلى العديد من التحديات، سواء كانت عمليات التصفية لقيادات في الحركة على يد المخابرات الإسرائيلية "الموساد"، أومواجهات مع دول عربية، أوانشقاقات داخلية، واستطاعت الحركة تجاوزها.
ومنذ مطلع القرن الواحد والعشرين واجهت حركة "فتح" العديد من التحديات الصعبة. فمع انطلاق انتفاضة الأقصى في العام 2000 شكلت العودة للنضال المسلح والعمليات الفدائية التي نفذتها مجموعات تابعة للحركة معادلةً صعبة أمام قيادة الحركة التي خاضت العملية السياسية والمفاوضات مع إسرائيل، منذ مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991؛وما تبع ذلك من اتفاقيات كان أبرزها اتفاق "أوسلو"، وما ترتب عليه من التزامات أمنية.
وشكلت وفاة زعيم الحركة ياسر عرفات نقطة تحوّل كبرى في مسيرة "فتح" والمسيرة الوطنية الفلسطينية بشكل عام؛ لما شكّله عرفات من حالة رمزية للشعب الفلسطيني. وبغياب "أبو عمار" -الذي توفي على الأرجح بمادة سامة استطاعت المخابرات الإسرائيلية إيصالها لداخل جسمه- تولى رئاسة الحركة محمود عباس "أبو مازن" وعمل على إجراء بعض الإصلاحات في مؤسسات الحركة.
إلا أن هزيمة "فتح" في الانتخابات التشريعية عام 2006 على يد منافستها الرئيسية "حماس" كانت من أقوى الصدمات التي تلقتها الحركة، ولم تلبث أن تستوعب "فتح" هذه الهزة حتى وقع انقلاب "حماس" وسيطرتها العسكرية على قطاع غزة في 2007. ونتيجةً لذلك تعالت الأصوات في صفوف حركة "فتح"، في مختلف مستوياتها بضرورة التجديد وعقد مؤتمر الحركة الذي غاب لسنوات طويلة، وتم عقد المؤتمر الحركي السادس بتاريخ 4/8/2008، ورأى البعض أن هذا المؤتمر شكّل انطلاقة جديدة لحركة فتح استعادت من خلالها عافيتها وفاعليتها، وحقق تجديداً لقيادتها ووحدتها. فيما اعتبر آخرون أن الحركة بحاجة للمزيد من الإصلاحات البنيوية، لاستعادة دورها القائد.
للمزيد من التعريفات: