وكأنها بكت عليه الأرض، والسماء حُزنًا، والكثيرُ من الرجال قهرًا، والنساءُ حُرقَةً وألمًا، وأما النِسوةُ الفِلسطينياتُ خاصةً فَّيَبَكِّيِنَ على ريَان المغربي لا يرقأ لهن دمَعًا لِفُراقهِ المفُجِع شِدَّةَ ووجَعًا!!. لقد وقَف العَالم مُترَقِّبين، ومُنتظِّرين، ومَشَّدَودين الأعَصابَ، يَحِّبسُون الأَنَفَاس؛ وكأنهُم يتنفسون من ثُقِّب إبره!؛ وكذلك كان هو الحَال للأغلبية العُظمي من أبناء الشعَب العربي المتُواجِدين في كل أصقاع الأرض؛ حيثُ كانت قلوبهم الطَيبة ترتِجفُ خوفًا، مُبتَهِّلةً ترفعُ أكُف الضراعة إلى الله عز وجل ويدعُون من شغاف قلوبهم راجين بأن ينُجي اللهُ الطفل المغربي ريان، والذي مكث عالقًا في جوف البئر الذي وقع فيه قُرابة أربعة أيام، مُتأملين نجاتهُ من غَيابَة الَجُبَ؛ وكذلك كان حال أبناء الشعب الفلسطيني الذي اكتوي بنار حقِد الاحتلال منذ زُهّاء قرن من الزمان، كَانوا مُتضَّرِعيِن وجِّلين يَرجُون نَجَاتَه، وأن يُردَ لأمه كي تقر عينها بهِ!؛ ولكن قدر الله، وما شاء فعل، لقد مات الطفل ريان، وألهب مَوته نار الحُزن في قلوبنا، وقلوب أبناء الأمُة العربية، والإسلامية جمعاء؛ وهنا نتقدم من سويداء القلب بأصدق، وأحَر عبارات التعزية لوالديِ الطفل ريان، وكذلك لكل أبناء الشعب المغربي الشقيق الصديق؛؛ وفي هذا المقام، وعلى الرغم من هذا المشهد الحزين المؤلم، والمُصاب الجلل باستشهاد الطفل المغربي ريان، الذي حرك فينا بحرًا جاريًا جارفًا من الأحزان، والجراح _ نقول نحنُ لا نُريد، ولا نُحب، أن ننكأ الجراح الغائرة!؛ ولكن تلك الدماء الزكية لا زالت تنزف من خاصرة الأمة، وقلبها النابض فِلسطينُ الشهيدة، وأقصاها الأسير؛ ومن أهات، ومعاناةِ الأسري الذين منهم من قضي نحبه في سجون الاحتلال الفاشي العنصري المُجرم ومنهم من ينتظر وقد أمضي بعضهم أربعين سنة في سجون الاحتلال الغاصب ولا يزالون يقبعون خلف القضبان حتي الأن!؛ ليس لذنب اقترفوه، سوي أنهم دافعوا عن كرامة وشرف وعقيدة الأمة العربية، والإسلامية، وعن المسجد الأقصى المبارك، الذي هو لكل العرب، والمسلمين!.؛ وللتذكير لمن ذاكرتهم قصيرة، وليست عندهم بصيرة، ولا حتي بَصر، أو بعد نظر!؛ فإن في فلسطين ألاف من الأمُهات الفُضليات الخنساوات الثكالى، مثل أم الطفل ريان رحمه الله، وعندنا قوافل، وقناطير مُقنطرة من الأرامل، والأيتام، من أمهات الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا نحبهم بفعل مجازر الاحتلال الصهيوني البغيض المجرم العنصري. وعلى الرغم من أن فلسطين لا تزال مغتصبة محتلة تهافت المُطبعون المنُبطحون تحت نعال الاحتلال ليبيعوا كرامة الانسان العربي في الأوطان، وبدون أثمان ويشربون سَم الصهيوني التُعَبانَ!؛ وكأنها أزفت الأزفة، فكل يوم فلسطين تَنزِف، وتَزِفُ، وتودع في كل وقتٍ، وحِين طفلٌ شهيد مثل ريان، ويتلوه شهيد، وشعبٌ فلسطيني لا يزالُ دَمهُ مسفوح، وشَعبهُ مذبوحٌ من الوريد إلى الوريد من احتلال غاصبٍ مفضوح قتل فينا ومن بيننا حتي الطفل الوليد!؛ فاليهود الغاصبين لا يريدون سلامًا ولا للعروبة وئِامًا!؛ ولا زالت دماء الشهداء تسيل؛ ولا ننسى دم الطفل الفلسطيني فارس عودة، والطفل الشهيد محمد الدرة، والقائمة تطول، وتطول بألوف مثلهم استشهدوا وبقيت دماؤهم الزكية الطاهرة شاهدٌ حي على إجرام، وفاشية ونازية وهمجية، وعنصرية وسادية عصابة الاحتلال الغاصب لفلسطين؛؛ وليس هذا فقط ما يؤلم القلب؛ فكل يوم فلسطين تودع الشهداء: " فقوافل الشهداء لا تمضي سُدىً، ولكن إن الذي يمضي هو الطُغيانُ"؛ ولكن المشهد المُخزي، والمُعيب، والمحزن والغريب المُريب المؤلم لنا هو أن يقوم بعض قادة وزعماء، وحكام، وملوك بعض الدول العربية الشقيقة مثل: "المغرب، والامارات، والبحرين"، بالتفريط بالقدس وفلسطين، والتودد لصداقة القتلة الصهاينة ظنًا منهم أن ذلك سيحفظ لهم عروشهم، وكروشهم!؛ فقاموا باستقبال قادة عصابة جيش الاحتلال الصهيوني بالورود، وفرشوا لقتلة النساء والأطفال السجادة الحمراء، وعزفوا لهم نشيد الاستسلام، وبيع العروبة، والإسلام!!. وعقدوا معهم اتفاقية تعاون أمني خيانة علنية علي بيع المقدسات، والمسجد الأقصى المبارك!!. فهل نسوا أولئك المطبعين من غير سبب، ولا ثمن سوي حفظ بقاءهم على كرسي الحكم؛ و باتوا علنًا يصافحون قادة عصابة الاحتلال من الذين تلطخت أيديهم بدماء ألاف الأطفال الأبرياء والذين ارتكبوا مئات المجازر، والمذابح والتي ترقي لجرائم حرب ضد الانسانية حسب القانون الانساني الدولي!؛ هل نسوا مجازرهم؟!؛ حيثُ دمروا ألاف من بيوت الفلسطينيين في غزة عبر قصفها من خلال الطائرات الحربية الصهيونية فوق رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال، والشيوخ!؛ فأبادوا عوائل بأكملها، ومسحوهم من على وجه الأرض!.
وختامًا فإن الشهيد الطفل/ ريان الذي أدمي قلوبنا رحِيلة شهيدًا بإذن تعالى للعلياء _ هو ذات المشهد المؤلم الذي لا زال يتكرر يوميًا بصورة أبشع، وأشد قَسوةً، وضراوة في فلسطين، برصاص المحتلين الغاصبين العنصريين!؛ ثم تُشاهد بعضًا من قادة العرب يضعون أيديهم بأيدي الغاصبين– فَّشُّلتَ أياديهم النحسة؛ والخزي، والعار لِكل من خان المسرى، وفرط بالمسجد الأقصى، وطبع مع اليهود الغاصبين؛ فلن ينالهم من هذه الاتفاقيات سوى الذل، والعار، والمهانة، والخزي في الدنيا، والأخرة، وإن فلسطين، ومدينة القدس سوف تنتصر، وتتحرر من عصابة الاحتلال طال الزمان أم قصر؛ والخاتمة لأصحاب الحق، وللأتقى، وليس للأقوى، رحم الله الطفل المغربي الشهيد ريان؛ ورحم الله كل أطفال فلسطين الشهداء، وسيبقي مشهد ريان نَراهُ يتكرر يوميًا مع أطفال فلسطين حتي زوال المحتلين الفاشيين النازيين الجدد!؛ فيا أيها المنبطحون، المطبعون مع العدو أفيقوا، "كيف ينام الذئب في عدوانهِ إن يكن راعٍ عدوُ الغَنَمِ"...
الباحث والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية/ dr.jamalnahel@gmail.com
calendar_month06/02/2022 08:19 am