
لم تكن الدول الأطراف في اتفاقيات المناخ على استعداد لتحقيق تقدم ملموس غي مفاوضات تحرير المناخ والتخلص من حالة الاحتباس الحراري التي لها تأثير خطير على الكائنات الحية في كرتنا الأرضية. وعدم استعداد الدول الأطراف في مفاوضات واتفاقيات المناخ العالمي مثل (اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «UNFCCC»، واتفاق باريس للمناخ)، بخاصة دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين دولة، وتقديم التنازلات الضرورية المتقابلة والمتكافئة من أجل الوصول إلى تحقيق هدف الــ 1،5 بالمئة درجة مئوية المنصوص عليها في المادة الثانية من اتفاق باريس للمناخ عام 2015 م. من هنا يصعب معرفة كيفية تحقيق دعم سياسي رسمي للجهود الدولية المبذولة والضرورية لتحقيق انتقال نوعي بالمناخ العالمي بوقتٍ قصير وعادل. بخاصة وأن ما تقدمه تلك الدول لن يكون كافياً وحقيقياً ما لم تقدم الدول الأطراف المعنية بأزمة المناخ بالتسبب في المشكلة العالمية بتخصيص تريولونات الدولارات خصماً مما تنتجه على الصعيد المحليبهدف تمويل عملية الانتقال الضرورية التي بات الجميع يتحدث عنها بشكلٍ مكثف .من الواضح أن معظم دول القارة الآسيوية وتحديداً روسيا والدول المحيطة بها لم تكترث بما يحدر من تطور كبير للمناخ العالمي إلا من زاوية الاكتفاء بالتصريحات التي تؤكد أنه بالرغم من كبر حجم تكاليف التحوّل المناخي العالمي فإنها ستبدو متواضعة عند مقارنتها أو مقاربتها بالكلفة الباهظة جداً لعدم قدمها بأي تحرّك على أساس كلفة الفرصة في البنية الاقتصادية . ويهربون باتجاه الحديث عن الدعم الحكومي الذي يدعم قطاعات انتاج واستهلال النفط والفحم والغاز من منتجات الوقود الأحفوري .مضافاً إليها الدعم الذي تتلقاه قطاعات الزراعة والغابات ومصائد الأسماك وإدارة المياه. وهو بطبيعة الحال يساهم في زعزعة استقرار المناخ ، وتدهور الأراضي، وفقدان عدد كبير من التنوع البيولوجي هذه النفقات تم تقديرها بنحو ترليون وثمانمائة مليون دولار سنوياً أو نحو إثنان بالمائة من إجمالي الناتج العالمي البالغ نحو مائة وثلاث مائة ترليون وثمانمائة وستون مليار منها نحو ستمائة وأربعون مليار دولار مخصصة لدعم جميع صناعة انتاج الوقود الأحفوري من نفط وغاز وفحم حجري.
كما يجري الحديث عن عدالة توزيع الأموال التي تعتبر حزم إنعاش اقتصادي خلال جائحة كوفيد 19 ( كورونا) ، فقد استحوذت القطاعات الأحفورية المنتجة للنفط والغاز والفحم الحجري على الحصة الكبيرة من الدعم الحكومي .أما الجزء الآخر من المال المخصص لقضايا المناخ فقد ذهبت إلى مصادر الطاقة النظيفة، وهذا ما ساهم مساهمة كبيرة في توسيع فجوة اللاعدل واللامساوة، في توزيع عوائد المداخيل، وهم في هذا السياق يقدمون التقارير والبيانات والشواهد التي تصدرها وكالة الطاقة الدولية.
منها أن الإنفاق العالمي على علاج المرضى من جائحة كوفيد 19(كورونا) بلغ اعتباراً من تشرين الأول 2021 م، ستة عشر ترليون وتسعمائة مليار دولار، تم تخصيص منها نحو ترليونان وثلاثة مائة مليار دولار فقط،أي نحو ثلاثة بالمائة من الإجمالي العام . هذا الأمر ينسحب على حصاد الانتعاش في المجال الاقتصادي الناتج عن حقن التحفيز، فقد جائت النتائج غير منصفة على الإطلاق ،استناداً الى ما جاء في تقرير عدم المساواة العالمي الذي صدر عن (مختبر اللامساواة العالميWorld Inequality Lab ) في كلية باريس للاقتصاد التابع لمعهد الأبحاث الفرنسي في مجال الاقتصاد ، وتحديداً الاقتصاد النظري والتطبيقي والاقتصاد الكلي ، والاقتصاد القياسي، والاقتصاد الدولي. هذا المختبر يقدم تقديرات محسوبة للدخل العالمي وعدم المساواة في الثروة والأموال بناء على أحدث النتائج التي جمعتها قاعدة البيانات العالمية لعدم المساواة)World Inequality Database – WID). ) إذ بيّن التقرير الرئيسي أن أغنى واحد بالمائة من سكان العالم، استحوذوا منذ بداية الجائحة، على ما مقداره الضعف من نمو الثروة العالمية،أكثر من نسبة الخمسين بالمائة الأدنى ،أما في الحد الأقصى فقد وصل بحسب التقرير الذي قدمه تقرير منظمة أوكسام هذه المرة . ويصل الأمر في الحد الأقصى، بحسب تقرير منظمة أوكسفام التي تعمل في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإيجاد حلول دائمة لظلم الحروب والفقر والنزاعات والكوارث
الموسوم بــ (عدم المساواة يقتل)، إلى أن الزيادة في ثروة جيف بيزوس، البالغة 118.3 مليار USDوحدها، خلال الجائحة يمكن أن تغطي كلفة تلقيح جميع سكان العالم.
إنما في حقيقة الأمر، كل هذا التزويق اللغوي والتنميق الخالط للأوراق وتمييع المواقف والقضايا، لم، ولن يحل مشكلة المناخ العالمية ،إضافةً إلى حالة التحول المناخي العادل. فهذا هو الخطاب المغلف للأوروبيين الرسميين البلجيكيين، الموضوع على نسق خطابهم الحقوقي الإنساني والديمقراطي نفسها. وهو كلام دون طائل. وسوف يأخذ العالم الذين يسكنون جنوب الكرة الأرضية خطاب المناخيين الغربيين على محمل الجد، في حال ركّز على مسألة الإنفاق العسكري، بخاصة الإنفاق العسكري الأمريكي الذي يشكل نحو أربعين بالمائة من اجمالي الإنفاق العسكري العالمي البالغ 2.1 تريليون دولار أمريكي، وعلى ديون الدول النامية التي تمنع التنمية المتكاملة والمتوازنة، وعلى افلات كبار أصحاب المال والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من سداد الضرائب العادلة المستحقة على أرباحهم الهائلة وثرواتهم المتراكمة التي يجنيانها من مليارات البشر في العالم. لنأخذ جنوب إفريقيا كمثال فقط، فقد وعد الغربيون حكومات الدول الواقعة جنوب القارة الإفريقية بتمويل خطتها البالغة ثمانية ونصف مليار دولار أمريكي، لتسريع انتقالها بعيداً عن الفحم الحجري، باتجاه استخدام الطاقة النظيفة، لكن بعد المفاوضات التي جرت مع حكوماتها منذ أكثر من سنة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، وفرنسا، التي وعدت في (غلاسكوGlesga) أكبر مدن اسكتلندا بالمساهمة في تمويل الخطة، لم تلتزم بما تعهدت به، وهو ما فهمته إندونيسيا أيضاً.