الحياة برس –أعادت حكومة الاحتلال تفعيل آلية إدخال البضائع إلى قطاع غزة عبر عدد محدود من التجار المحليين، بدلاً من الاعتماد على المنظمات الدولية والأممية، في خطوة وصفها البعض بأنها "قطرة أمل في صحراء قاحلة"، فيما اعتبرها آخرون التفافاً على العمل الإنساني الدولي وذرًا للرماد في العيون.

ووفق بيان منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ستشمل البضائع مواد غذائية أساسية، غذاء للأطفال، خضراوات وفواكه، ومستلزمات نظافة، وسيكون الدفع حصراً عبر التحويلات البنكية، بعد إجراء تقييم أمني دقيق للتجار، ودون أي تعامل نقدي.

 أزمة السيولة مستمرة 

تُعد خطوة الدفع البنكي دون نقد محاولة إسرائيلية لمنع أي استفادة مالية مباشرة لحركة حماس، كما تهدف، بحسب مراقبين، إلى الإبقاء على أزمة السيولة النقدية التي تعصف بالقطاع، ومنع ضخ أي أوراق نقدية جديدة.

ويأمل المواطنون أن تسهم هذه الآلية في خفض عمولة التحويل النقدي التي وصلت إلى 55%، حيث يضطر الأهالي لاستخدام تطبيقات التحويل البنكي عبر التجار مقابل مبالغ مالية مرتفعة.

أسعار خيالية وسط الجوع 

ورغم هذه المحاولات، لا تزال الأسواق تعاني من أسعار لا تُحتمل، حيث وصل سعر كيلو الطماطم إلى 110 شيقل (32 دولارًا)، وكيلو البطاطا إلى 60 شيقل (18 دولارًا)، مما يجعل الحصول على الغذاء شبه مستحيل خاصة بعد إضافة العمولة البنكية، التي ترفع السعر الفعلي لأكثر من 50 دولارًا للكيلوغرام.

 كارثة إنسانية تتعمق 

تأتي هذه الخطوة الإسرائيلية في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني، مع تسجيل 8 وفيات جديدة بسبب الجوع خلال 24 ساعة، بينهم طفل، ما يرفع إجمالي الوفيات نتيجة المجاعة إلى 188 شخصاً، بينهم 94 طفلًا، في حين قُتل نحو 80 آخرين في قصف إسرائيلي جديد.

ولا تزال المساعدات الجوية تتعرض للنهب ولا تصل بشكل آمن إلى مستحقيها، وسط شكاوى من غياب التنظيم، واتهامات بتعمد إسرائيل إبقاء الأزمة قائمة دون حلول فعلية.

 رسائل سياسية؟ 

يرى مراقبون أن إسرائيل تحاول من خلال هذه الآلية الجديدة تقليص دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، في ظل توتر علاقاتها معها، والترويج لصورة "المنقذ" أمام الرأي العام، بينما تستعد في الوقت ذاته لتوسيع عملياتها العسكرية أو احتلال مناطق جديدة في غزة.

ويُنظر إلى هذه الإجراءات على أنها جزء من معركة سياسية متشابكة، تسعى إسرائيل فيها لإحكام السيطرة على المعابر والاقتصاد الغزي، مع حرمان الجهات الفلسطينية من أي تأثير على الأرض.

وبين قطرة الأمل هذه، والواقع القاسي، يبقى المدنيون الفلسطينيون في غزة يدفعون الثمن الأكبر من حياتهم وصحتهم وكرامتهم، وسط صمت دولي مخجل ومساعدات لا تكفي ولا تصل.


calendar_month05/08/2025 08:06 pm