
بعد الحروب الدامية والتغير المناخي، وانتشار الأمراض والأويئة، عقد في منتجع دافوس السويسري أول أعمال للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يشارك فيه الآلاف من القادة وصنّاع القرار من مختلف بلدان العالم. وكان أوّل اجتماع للمنتدى في أوائل سبعينيات القرن الماضي عندما انطلق بهدف تشجيع الاستثمارات والتجارة على الصعيد العالمي. هذا الملتقى الذي تقام فعالياته كل سنة يشارك فيه نحو ثلاثة آلاف شخص من صنّاع القرار، حيث كان من بين المشاركين رجال أعمال وممثلي كبرى الشركات المتوزعة في معظم دول العالم الذين وصلت نسبتهم إلى ثلث الحاضرين. وكان أستاذ الاقتصاد الألماني المولد كلاوس شواب Klaus Martin Schwab. قد أسس المنتدى الاقتصادي العالمي عام 1971.
الجدير بالذكر أن منتدى دافوس الاقتصادي سيجتمع وسط أزماتٍ عالمية خانقة غرق فيها العالم بأزماته الخانقة .حيث يحذوا الأمل جميع المشاركين بإيجاد حلول وبرامج وخطط ناجعة تخفف وطأة تلك الظروف .
وتنعقد الآمال على هذه التظاهرة الدولية بوضع حلول وخطط وبرامج ناجعة تخفف إنهاك حالة التباطؤ الاقتصادي العالمي، مروراً بالانهيار البيئي الذي انعكس على كل سكان كرتنا الأرضية، وليس انتهاء بالحرب الساخنة التي تدور رحاها في أوكرانيا، والتي انعكست سلباً على معظم دول وشعوب العالم، فقد وضعت العالم أمام تحدٍ رهيب من أجل التغلب على آثارها الخطيرة والمدمرة التي مسّت حتى قوت البشر في أنحاء المعمورة .
إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي أكّدت من خلال مذكراتها وتقاريرها أنَّ أكثر من مائة وسبعون رئيساً ووزيراً من كبار صنّاع القرار في العالم سيحضرون المؤتمر ومعهم تسعة عشر محافظاً للبنوك المركزية العالمية، وقادة الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، ورؤساء الوكالات الدولية، ومنظمة التجارة العالمية، ومئات المديرين التنفيذيين المنتشرين في معظم دول العالم،جميعهم سيحضر هذا الأسبوع في المؤتمر الذي يعتبر من أهم المؤتمرات العالمية، لمناقشة أخطر التحديات التي تهم العالم، وعلى رأسها محاولة إيجاد حلول للتخلّص من مخاطر حدوث ركود عالمي في عام 2023م، والبحث عن ضمانات حقيقية تدعم عدم تراجع الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ وحالة الاحتباس الحراري، وأزمة الطاقة من نفط وغاز وفحم حجري وكهرباء، والبحث عن حلول لحالة الفقر في العالم. كما سيناقش المؤتمرون مخاطر الأمن السيبراني وعدم الاستقرار الجيوسياسي في العالم، وسيأخذ البحث في تجنب الأوبئة والتوترات الناجمة عنها اهتماماً خاصاً .
يبدو أنّ أجندة المؤتمر كبيرة جداً وتحتاج إلى جهود كبيرة أيضاً. وهو تحدي حقيقي للمشاركين من أجل الخروج ببعض النجاحات .ومن المتوقع أن يتم اتفاق وتوافق بين جميع المشاركين حول إيجاد حلول للأزمات المستفحلة التي يعاني منها العالم. وأن يتمكن هؤلاء القادة من استشراف المستقبل الذي يحمل في داخله أحزان ومآسي كبيرة إذا استمرت السياسات العالمية على نفس توجهها دون تغيير أو تعديل . فهذا الاجتماع يأتي في وقتٍ عصيب شديد الحساسية. إذ ما زالت العديد من دول العالم تنهار اقتصادياً بسبب التضخم والحصارات والعقوبات والحروب والتضييق على التجارة العالمية، ولا تزال شعوب العديد من الدول الفقيرة تسحق تحت شدّة وفورة الجوع والحرمان والفقر المدقع. لأسباب عديدة منها حالة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، والحرب الساخنة التي تدور رحاها في أوروبا بشكلٍ عام.
واضح أنّ جمهورية روسيا الاتحادية مستبعدة من هذا اللقاء على الرغم من أهميتها القصوى كونها طرفاً رئيسياً في الحرب في أوكرانيا. تلك الحرب انعكست سلباً على العالم. بينما سيشارك الطرف الآخر وهذا يتطلب من المشاركين في المؤتمر مسؤولية كبيرة أهمها عدم تسييس قضاياه داخل المؤتمر وجعل روسيا شمّاعة العلل بينما هي معزولة تماماً لأن ذلك سيعقّد القضايا العالقة والمشاكل المتأصّلة إلى مستويات أكبر، وبالتالي تنتهي أعمال هذا المؤتمر دون تحقيق ما تم الاتفاق على مناقشته في الأجندة المتفق عليها. وليس أمام المؤتمرين سوى البحث عن حلول تخفّف من وطأة الحروب وشدتها والتصدي للمشكلات المناخية والبيئية وتقديم حزم مالية بشكل عادل للمتضررين من حالة الاحتباس الحراري. وتقديم مساعدات للدول الفقيرة لسد حالة نقص الغذاءوالدواء. وفرض قوانين وتشريعات جديدة على بعض الدول الصناعية التي تستخدم الفحم الحجري والتي تنتج مصانعها الانبعاثات الكربونية هذه الدول على الرغم من موافقتها على ضبط الانبعاثات الكربونية إلا أنها ما زالت تنتج كميات ضخمة منها وتبثها في الجو. لقد تحدثت التقارير الصادرة عن إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قبل انعقاد المؤتمر عن أثر الحرب الطاحنة في أوكرانيا والتبعات التي ألقيت على البشرية بسبب جائحة كوفيد 19 (كورونا) واللتان ساهمتا بزيادة كلفة الحياة المعيشية الناجمة عن التضخم النقدي العالمي . فهل سيتمن العالم من الخروج من مآزقه الكبيرة ؟؟