
يحتاج استقرار مستوى المناخ العالمي إلى عملية هامة وضرورية تهدف إلى خفض صافي انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون إلى الصفرتلك الانبعاثات تبقى في الغلاف الجوي بشكل غيوم سميكة لمئات بل لآلاف السنين . وما دامت الانبعاثات الغازية في تزايد مستمر تزداد معه عملية احتجازه وتسبب في خلل ما يطلق عليه بالوعات الكربون الطبيعية كالغابات. لذا من الضروري اتباع مبادئ بناء مستقبا خالٍ من الكربون
وهي القيام بالدراسات ووضع الخطط بشكلٍ مسبق من أجل مستقبل خالٍ من انبعاثات الكربون، وتحديد نوعية السياسات المتبعة والمناسبة للحدّ من الانبعاثات .
ففي هذا السياق توصلت دول الاتحاد الأوروبي (المفوضية والبرلمان معاً) بتاريخ20 كانون أول من العام الماضي 2022، إلى اتفاق سياسي واضح وصريح لإقرار قانون يقضى بفرض ضريبة كربون على واردات الاتحاد الأوروبي من البضائع والسلع التي تم تصنيفها على أنها ملوِّثة،مثل الأسمنت والألمنيوم والحديد والصلب والكهرباء والأسمدة، وكذلك الهيدروجين المستوردمن خارج الاتحاد الأوروبي وذلك بهدف دفع الصناعات الأوروبية للتخلص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخطيرة. بموجب القانون، سوف يُطلب من الشركات والجهات التي تستورد هذه السلع إلى البلدان الأعضاء، شراء شهادات موثقة لتغطية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تنفثها هذه السلع. وسيُطبق القانون أيضاً على الشركات الخارجية والصناعات المحلية في الاتحاد الأوروبي - والتي تتطلب بالفعل شراء تصاريح من سوق الكربون في الاتحاد الأوروبي عندما تتسبب في التلوث.
لقد أكّد عدد كبير من المتخصصين في مجال تعديل حدود الكربون وعلى رأسهم الباحث محمد شحيم كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي بشأن القانون الجديد حول التعرفة الجمركية أنها ستكون حاسمة لجهود دول الاتحاد الأوروبي لمكافحة المناخ والاحتباس الحراري وأنّ الضريبة الجمركية على ما أطلق عليه (تعرفة جمرك الكربون) هي الطريقة الوحيدة والضرورية التي تحفِّز الشركاء في المجال التجاري لإزالة غاز ثاني أوكسيد الكربون بكل حالاته من صناعاتهم الكربونية . لكن الهدف الأساسي من وراء هذه العملية وهذا القانون، هو العمل الجاد من خلال ما يعرف بالسياسة المالية ، لتحصيل الأموال التي يمكن أن تستخدمها الدول الأعضاء لحل مشاكل الاحتباس الحراري وانتشار غاز ثاني أوكسيد الكربون في الفضاء وحول الغلاف الجوي. تلك الأموال يمكنها أن تسد الكثير من عجوزاتها التي طالت. وأيضاً هي محاولة جادة نحو إنقاذ الصناعات التي تنتجها دول الاتحاد الأوروبي من التراجع والتدهور جراء منافسات الشركات خارج الاتحاد والتي تبيع منتجاتها السلعية بأسعار أرخص من تلك المصنعة في دول ذات قواعد وأنظمة بيئية معتدلة ومرنة.
الجدير بالذكر أنَّ القانون ستم تطبيقه رسمياً اعتباراً من الأول من كانون الثاني 2023 م ،مترافق مع مدة زمنية محدّدة ،وهي مدة انتقالية سيفترض بالمستوردين خلالها الإبلاغ عن مستوى انبعاثاتهم الكربونية
لكن من دون فرض ضرائب جمركية عليهم. ستستمر فترة السماح هذه ستستمر حتى عام 2027،فقد تم الحديث حول هذه المدة من بعض المشاركين في الاجتماع الثاني المشترك للمفوضية البرلمانية الذي تم بتاريخ 18 كانون الأوّل 2022 م تحت عنوان : (إصلاح سوق الكربون) في دول الاتحاد الأوروبي. إذ أنه من المفترض أن تتقدم نحو عشرة آلاف مصنع ومحطة طاقة شراء تصاريح ثاني أوكسيد الكربون ، عندما تقوم هذه المنشأت بتلوث المناخ بشكلٍ عام . لكن بشرط أن يقوم الاتحاد الأوروبي بإلغاء تلك التصاريح بشكل تدريجي خلال السنوات الممتدة من عام 2036 حتى عام 2034 م .
الجدير بالذكر أنّ الاتحاد الأوروبي سيطلق بحلول عام 2027 سوقاً جديدة للكربون تتمكن من أن تغطي معظم موردي الوقود المستخدم في المباني والسيارات والذي يسبب في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وبالتالي حدوت الإحتباس الحراري .