.png)
الحياة برس - في رسالة سياسية وأمنية تحمل دلالات خطيرة، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصريحات خلال زيارته لوحدة "المستعربين" التابعة لقوات حرس الحدود في الضفة الغربية، أكد فيها إمكانية "فتح جبهة أكبر وأقوى" في الضفة، المعروفة إسرائيليًا باسم "يهودا والسامرة".
وتأتي تصريحات نتنياهو في سياق إعلان "الكابينيت" الإسرائيلي في سبتمبر 2024، اعتبار الضفة الغربية "جبهة حرب" بعد أن كانت توصف سابقًا بـ"الجبهة الثانوية". ووفقًا للقرار الوزاري، فإن الوضع تجاوز مرحلة "القنبلة الموقوتة" إلى "القنبلة المنفجرة"، مما يستدعي تغييرًا جذريًا في أساليب التعامل العسكري مع الضفة.
بدأ الجيش الإسرائيلي منذ أواخر 2024 سلسلة عمليات عسكرية كبرى في الضفة الغربية، ركزت على مخيمات شمال الضفة، بما في ذلك جنين وطولكرم، مع التخطيط لتمددها نحو الخليل. هذه العمليات تأتي تزامنًا مع الحرب على غزة وسقوط نظام الأسد في سوريا والتصعيد في لبنان، ما جعل الاهتمام الدولي منصبًا على تلك الجبهات، بينما تتواصل عمليات التهجير القسري في الضفة بعيدًا عن الأضواء.
وفي هذا السياق، شنت إسرائيل حملة اجتياحات غير مسبوقة منذ عام 2002، أدت إلى تهجير أكثر من 40 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم، وتدمير واسع للبنية التحتية، ضمن استراتيجية تهدف إلى إفراغ الضفة من سكانها الأصليين وتقويض فكرة حق العودة.
استراتيجية "التطهير العرقي" وتحقيق نموذج غزة في الضفة
وفقًا لتصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فإن "النموذج الغزي من الدمار والتطهير العرقي" سيتم تطبيقه في الضفة الغربية، حيث تم تسوية مخيم جنين بالأرض كما حدث في مخيم جباليا بقطاع غزة. وضمن هذه السياسة، تتعرض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لهجمة متعمدة، ضمن محاولة لإنهاء وجود المخيمات كرمز للجوء الفلسطيني.
نتنياهو يراهن على الضفة كـ"درة التاج" للمشروع الاستيطاني
يرى نتنياهو أن الضفة الغربية تمثل المحور الأهم في مشروع اليمين العقائدي الصهيوني، حيث تعتبر ذات أهمية دينية واستيطانية تفوق قطاع غزة. ووفقًا لهذه الرؤية، فإن أي اتفاق سياسي مستقبلي يجب أن يتضمن "تعويضًا" لليمين المتطرف من خلال تصعيد الضم والاستيطان، وهو ما يفسر تصعيد العدوان على الضفة بالتوازي مع التطورات في غزة.
تشير التقارير إلى أن إسرائيل بدأت فعليًا بتنفيذ سياسات الضم والتطهير العرقي على الأرض، حيث قامت الإدارة المدنية الاحتلالية بتدمير طريق فلسطيني بطول 9 كم في صحراء القدس، مما أدى إلى عزل مدن الضفة جغرافيًا، في خطوة تمثل إلغاء فعليًا لاتفاقية "واي-ريفر" التي نظمت تقسيم المناطق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
تصريحات نتنياهو والتطورات الميدانية في الضفة تشير إلى نوايا إسرائيلية واضحة نحو تصعيد غير مسبوق قد يصل إلى اجتياح شامل وتطهير عرقي واسع النطاق. وبينما تستمر إسرائيل في سياسة الضم الزاحف، فإن احتمالية إعلان الضم رسميًا تبقى قائمة، إلا إذا تعارضت مع المصالح الأمريكية الدولية والإقليمية. ومع ذلك، فإن هذه المخططات ليست حتمية، وتظل رهينة المواقف الفلسطينية والإقليمية والدولية.