الف مرة كررت انا شخصيا في هذة الزاوية، وفي العديد من الأبحاث والمقابلات الإعلامية إنتفاء الديمقراطية في إسرائيل. لإن الديمقراطية لا تتجزأ، وإسرائيل ككيان سياسي نشأ على انقاض الديمقراطية، وعلى انقاض نكبة شعب آخر، الشعب العربي الفلسطيني عام 1948؛ كما أن إسرائيل الدولة قامت بإستعمار والسيطرة على باقي أراضي الدولة الفلسطينية؛ وإرتكبت 126 مجزرة ومذبحة ضد ابناء فلسطين العرب؛ ومارست التمييز العنصري، وإرتكبت كما كبيرا من جرائم الحرب ضدهم على مساحة فلسطين التاريخية وفي الشتات، وايضا ضد العرب عموما؛ إسرائيل على مدار سني وجودها كانت، ومازالت أداة تفجير للحروب، ومستنقعا آسنا للإرهاب؛ إسرائيل الإشكنازية الغربية البيضاء مارست التمييز ضد اليهود الصهاينة انفسهم من مختلف الأعراق والإثنيات والطوائف والمدارس اليهودية الأخرى وخاصة الشرقية والأفريقية؛ وبالتالي كل ما قيل عن الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، وفتات الديمقراطية الرأسمالية الغربية، ليس شيئا، ولا يعني بحال من الأحوال أن دولة الإستعمار الإحلالي والإجلائي، وفرن المحرقة الجديد للشعب العربي الفلسطيني واليهود الشرقيين يمكن ان تكون دولة ديمقراطية. لإن الديمقراطية تنشأ وتنمو في مجتمع طبيعي، مجتمع حقيقي حامل لكل مباديء وقيم الديمقراطية، لا مجتمع مصنع ومعلب ومفبرك، وقائم على التزوير، والخداع، والتضليل، والكراهية، والحقد، والعنصرية، والجريمة والإرهاب المنظم، والحرب، واللصوصية ونهب وإستعمار شعب آخر.
وآخر عناوين إنتفاء الديمقراطية، هو منعها للنائبتين رشيدة طليب، وإلهان عمر الأميركيتين أول امس الخميس الموافق 15آب/ أغسطس الحالي (2019) من دخول إسرائيل، لإن لهن موقف داعم للحقوق الفلسطينية السياسية، وتدعمان حركة المقاطعة BDS، ثم تراجع وزير داخلية إسرائيل، أردان وسمح لعضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، طليب بالدخول يوم الجمعة (امس) شرط ان لا تمارس اي نشاط سياسي ذات صلة بمقاطعة إسرائيل. وللأسف ان النائبة من أصل فلسطيني قبلت الشرط الإسرائيلي. وهذا خطأ كبير وقعت فيه، حيث كان عليها مواصلة تمسكها بحقها الديمقراطي في التعبير عن مواقفها، وايضا كان عليها، هي ان تشترط دخول زميلتها الصومالية العربية الأصل معها لفلسطين.
مع ذلك، فإن القرار الصادر عن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير داخليته، أردان يعكس خواء دولة إسرائيل الإستعمارية من اي معيار من معايير الديمقراطية، وإصرارها على تمزيق كل معلم من معالم وقيم الديمقراطية الحقة. لإنها تخشى الصوت الآخر، وترفض ان تسمع الرأي الآخر، وكونها غارقة في سراديب غيتوها الأسود، وبحكم عدم قدرتها على التعايش مع اي مظهر من مظاهر الديمقراطية الطليقة والمتحررة من النزعات الإرهابية، وتكميم الأفواه، والكراهية النابعة من العنصرية الصهيونية.
والإدعاء أن نتنياهو إستجاب لضغوط الرئيس دونالد ترامب، الذي حرض على عدم إدخال النائبتين الأميركيتين لإسرائيل، وهي سابقة خطيرة بالنسبة للسياسة الأميركية، لا يعدو أكثر من عذر اقبح من ذنب، لإن زعيم الليكود ليس بحاجة لنصائح الرئيس الأفنجليكاني العنصري، وكون المستنقع الذي تربى وترعرع به، هو مستنقع آسن وعنصري، ومعاد للديمقراطية، وكونه يمارس وينتج مع اركان حزبه وإئتلافه ابشع اشكال وقوانين العنصرية ضد الفلسطينيين العرب وضد اليهود الشرقيين عموما والفلاشا الأثيوبية خصوصا.
وحتى إذا سلم المرء بخضوع بيبي لمشيئة ساكن البيت الأبيض الحالي، فإنه يعكس قابليته للتماهي مع كل ممارسة لا ديمقراطية، ويميط اللثام عن فقر حال قيمي، وبذات الوقت، يكشف عن إستلاب القرار الإسرائيلي وخضوعه للإبتزاز الترامبوي الشعبوي، ويدلل على بقاء إسرائيل مجرد أداة إستعمالية وظيفية بيد الغرب الرأسمالي عموما والأميركي خصوصا. الأمر الذي يؤكد للمرة الألف ان إسرائيل نقيضة الديمقراطية، ومعادية لها، وما الحديث عن انها "واحة الديمقراطية في الشرق" إلآ نوعا من الإستهبال والإستغفلال، والتضليل للذات وللرأي العام العالمي. وهو ما ينطبق ايضا على الرئيس دونالد ترامب، لانه بتحريضه على عضوتي الكونغرس الأميركي ( عربيتي الأصل) انما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، انه عنصري وقح، ومعاد للأميركيين من الإثنيات والأعراق الأخرى غير الأوربيين البيض العنصريين أمثاله، ويكشف عن المآل الذي يخطف الولايات المتحدة إليه، انه يجرها جرا من قرونها إلى الهاوية، وإلى الهزيمة والموت البطيء، ويقضي على الإمبراطورية الأميركية بسياساته الرعناء والهمجية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

calendar_month16/08/2019 04:57 pm