الحياة برس - جيمي كارتر، الرئيس الأمريكي الأسبق الذي توفي عن عمر 100 عام، يمثل قصة ملهمة تعكس رحلة من البساطة إلى القيادة العالمية، ومن خدمة المجتمع المحلي إلى التأثير الدولي في مجالات حقوق الإنسان، السلام، والعمل الإنساني.

النشأة والبدايات

ولد جيمي كارتر في 1 أكتوبر 1924، في بلدة بلاينز بولاية جورجيا. نشأ في عائلة تعمل بالمزارعة، حيث كان للبيئة الريفية التي نشأ بها تأثير عميق في شخصيته التي اشتهرت بالهدوء والبساطة. ترك التعليم أهمية كبيرة في حياته، والتحق بجامعة جورجيا، حيث درس الهندسة البحرية، ثم انضم إلى البحرية الأمريكية، وخدم في المحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية.

بعد انتهاء الحرب، عاد إلى جورجيا واستلم إدارة مزرعة عائلته. رغم عمله في الزراعة، بدأ جيمي كارتر مشواره في السياسة المحلية في جورجيا، حيث أصبح عضواً في مجلس الشيوخ المحلي قبل أن يُنتخب حاكمًا للولاية في عام 1971.

الرئاسة: 1977-1981

فاز جيمي كارتر بانتخابات الرئاسة عام 1976، ليصبح الرئيس الـ39 للولايات المتحدة. حملت فترة رئاسته سمات بارزة من التحديات، لكن ما ميزها هو التزامه العميق بالقيم الإنسانية والسلام.

واحدة من أبرز القرارات التي اتخذها كارتر خلال فترة رئاسته كانت دعم اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر، والتي جرى التوقيع عليها في كامب ديفيد عام 1978. هذه الاتفاقية مثلت علامة فارقة في السياسة الخارجية الأمريكية وأعادت تعريف دور الولايات المتحدة كوسيط نزيه في الصراعات الدولية.

إلى جانب ذلك، ركز كارتر على تعزيز حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية في الداخل والخارج. وعلى الرغم من مواجهة بعض الانتقادات داخليًا بسبب أزمة الرهائن في إيران، إلا أن فترته الرئاسية تميزت بإرثه في الدفاع عن القيم الإنسانية، سواء عبر تعزيز الديمقراطية أو الاهتمام بقضايا الفقر والمساواة.

ما بعد الرئاسة: العمل الإنساني والبيئي

بعد تركه الرئاسة عام 1981، انطلق جيمي كارتر إلى حياة جديدة من الخدمة الإنسانية والدبلوماسية. أسس مركز كارتر في عام 1982، والذي أصبح منصة عالمية للعمل على تحقيق السلام وتعزيز حقوق الإنسان. من خلال هذا المركز، كان له دور بارز في مراقبة الانتخابات، والدفاع عن القضايا الإنسانية حول العالم.

اتخذ كارتر أيضاً نهجاً فريداً في العمل البيئي، حيث كان داعياً مبكرًا للتغير المناخي والاستدامة. حملته الأكاديمية والإنسانية منذ خروجها من الرئاسة جعلته شخصية محورية في مجال العمل الاجتماعي والسياسي، وحاز على العديد من الجوائز الدولية تقديراً لجهوده.

وقد منح جيمي كارتر جائزة نوبل للسلام في 2002 "لجهوده الطويلة والمثيرة للإعجاب من أجل إيجاد حلول سلمية للنزاعات، ودعمه للديمقراطية وحقوق الإنسان، ولتطوير عمل مؤسسة كارتر".
calendar_month30/12/2024 11:48 am