.png)
الحياة برس - في بداية الإسلام، كان أول ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام هو صيام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر مُحرّم. كان أهل قريش في الجاهلية يصومون هذا اليوم، وصامه النبي صلى الله عليه وسلم قبل فرض صيام رمضان، وأمر الصحابة بصيامه أيضًا. وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان أصبح من شاء صامه ومن شاء تركه".
فرض صيام رمضان:
كان فرض صيام رمضان في السنة الثانية للهجرة. وقد فرضه الله تعالى على المسلمين بعد مرحلة من التدرج في التشريع، حيث كان في البداية اختيارياً بين الصيام والإطعام (إطعام مسكين) ثم أصبح فرضًا على المسلمين كافة. كما كان في البداية من لا يستطيع الصوم يفتدي بصيام طعام مسكين، حتى نزلت الآية التي أمرت بصيام رمضان بشكل قاطع: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه".
المرحلة الأولى: التخيير بين الصيام والإطعام: في البداية، كان للمسلم خيار صيام رمضان أو الإفطار وإطعام مسكين عن كل يوم كما قال الله تعالى في الآية: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين". كانت هذه المرحلة بمثابة التدرج لتعويد المسلمين على هذه العبادة العظيمة.
المرحلة الثانية: الإلزام بالصيام: بعد فترة من التخيير، أُلغيت هذه الفدية وأصبح الصيام واجبًا على المسلمين إلا في حالات المرض والسفر كما جاء في الآية: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر".
المرحلة الثالثة: تسهيل الأحكام: كان في بداية فرض الصيام إذا نام الصائم قبل الإفطار حرم عليه الطعام والشراب إلى الليل التالي، حتى نزلت الآية التي أباحَت للأشخاص في الصيام أن يأكلوا ويشربوا حتى يصبح الفجر. وقد ورد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قوله: "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يُفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي".
الحكمة في التدرج: كما ذكر ابن القيم رحمه الله، كانت الحكمة في التدرج بالتشريع في فرض الصيام هي تسهيل المهمة على المسلمين تدريجيًا، حيث بدأ الأمر بالتخيير ليكون أخف عليهم حتى ألفوا العبادة ثم فرض عليهم الصيام مع التسهيلات والمرونة في بعض الحالات.