نحنُ لسنا مع طرف بعينهِ ضد طرف في الصراع المُلتهِب، والدائر بين الدب الروسي، وحليفهِ الاستراتيجي التنين الصيني، ومعهم كوريا الشمالي، ضد النسر الأمريكي، وحليفه الأوروبي؛ ونحن العرب، والمسلمين قد اكتوينا مِرارًا، وتكرارًا بنارهم جميعًا على مدار التاريخ القديم، والمُعاصِر. وبعدما قُرعت طُبول الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي قد تتدحرج نار لهيبها مثل كُرة الثلج وتُوشِّكْ أن تُصبح حربًا عالمية ثالثة!؛ بينما نحنُ العرب، والمسلمين لم يكن لنا ناقة، ولا جمل في تلك الحروب الطاحنة جميعها، والتي قُتِل فيها ملايين من البشر وأبادوا فيها كل شيء الشجر، والحجر!؛ كما إن الغرب، والشرق، وأوروبا، والعَجم عمومًا كثيرًا ما تغنوا، ويتغنون في التمدن، والحضارة، والديمقراطية، وبِتطبيق حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، والمرأة، بل، وحقوق الحيوان، وقد أصموا أُذَّنْ الدُنيا صِراخًا، وعويلاً، وَوُلوَلةً مُطالبين بمُحاسبة، ومُحاكمة كُل من يخُالف ذلك، وينتهك حقوق الإنسان؛ ونحن هنا لا نعترض على ذلك إطلاقًا، بل نرجو أن يتحقق ذلك كذلك في المعاملة مع المُهاجرين، واللاجئين الفلسطينيين، والسوريون، واليمينين، والليبيين، والعراقيين، والأفارقة الخ...؛ وخاصةً في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الدول الأوروبية التي هاجروا إليها قهرًا، وقسرًا، بفعل الحروب التي صنعها الغرب في أغلب الدول العربية، ومن لف لفيفهم؛ ومن المعلوم بأن الدين الإسلامي الَسَمِحْ نادي قبل الغرب بحفظ حقوق النساء، والأطفال، وافشاء السلام، والوئام، وعمل الصالحات، والمحافظة على حقوق الناس أجمعين، وحتي حقوق الحيوان، فالإسلام لم يغفل عن شيء؛ وأول من نادي بُحرمة استباحِة دم الإنسان، وطالب بالمحافظة علي النفس البشرية، وحرم الانتحار والغدر، والخيانة الخ..؛ والشيء الجلي، والواضح اليوم، وأمام كل وسائل الاعلام، والفضائيات كيف تعامل أكثر زُعماء، وقادة دول الاتحاد الأوروبي، وبعض وسائل الإعلام الغربي مع أزمة اللاجئين الأوكرانيين من خلال الكيل بمكيالين وبدون أي وازع أخلاقي!؛ على الرغم من أننا جميعًا في الإنسانية سواسية، وسواء، فلا فرق بين أسودٍ، ولا أبيض إلا بالتقوي؛ ولقد شاهدنا كيف استقبلت بعض الدول الأوروبية اللاجئين الأُوكرانيين الفارين من نيران الحرب بكل تِرحاب، وفرشوا لهم الأرض وُدَِّا، وورودًا، وودادًا، وزادًا، وزوادًا، وقدموا لهم عُدةً، وعتادًا، ومددًا، ومِدادًا، وزِد على ذلك منحوهم أموالاً لا تُعد، ولا تُرَدْ؛ ونحن لسنا ضد ذلك؛ ولكن أليس من العدالة، والأدب، ومن الدِيمُقراطية التي ينُادون بها أن يعاملوا كافة اللاجئين الفارين من الحرب كَذلك!!؛ ولكنهم تعاملوا مع اللاجئين الأوكرانيين البِيِّضَ بكل إنسانية واحترام، وتقدير، بينما تعاملوا مع اللاجئين الأخرين معاملة سوء، فيها عنصرية مقيتة، وقابلوهم على الحدود بالإهانة، وفعلوا فعلاً قبيحًا كما فعل من قبلهم غُلاة اليهود الحاقدين، ولا زالوا يفعلون؛ حيث يعتبرون أنفسهم فوق كُل البشر والناس وجدت لخدمتهم!. لقد بانت سوءة أوروبا، وأمريكا جليةً وواضحةً لمن كان يظن يومًا أن للثعلب دينًا، أو أن للعقرب أمانًا!. لقد تعاملوا بكل صلف، وسوء مع اللاجئين من غير الجنسية الأوروبية؛ فكانوا مثل اليهودِ الغاصبين لفلسطين على صعيدٍ واحد؛ وكيف لا؟!؛ والكيان الصهيوني جاءت به أوروبا وأخواتها، ورأس الأفعى بريطانيا من خلال وعد بلفور الملعون، وأمريكا رأس الإمبريالية!؛ وأقاموا ذلك الكيان الصهيوني " المُستعمرة"، المسخ على أنقاض الشعب الفلسطيني، وغرسوهم كالخنجر المسموم في خاصرة الأمة العربية، والإسلامية، ليكون كيانًا دخيلاً سرطانيًا في قلب الوطن العربي، ومثل كلب الحراسة لتنفيذ مصالح الغرب!؛ لذلك لا تتأملوا منهم خيرًا، ولا نصرًا، ولا للعرب وللمسلمين حُبًا، أو مُساندةً، أو سلامًا؛ بل هم من سلبوا خيرات الوطن العربي، وإفريقيا، ودمروا العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن السعيد، وليبيا، وفلسطين، وكذلك كانوا يفعلون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ولا يزالون وكذلك هم اليوم مع اللاجئين العرب، فلبئس ما كانوا ولا زالوا يفعلون!. 
وعلى الرغم من أن العرب، والمسلمين هم من عمروا تلك القارة الأوروبية العجوز، ولولا العرب والمسلمين لأفلت شمس أوروبا منذ زمنٍ بعيد، فإن خير علماء الدنيا من العرب هم الأن من يعملون في البلاد الأوروبية، والغربية فعمروها بالعلم، وبالمزيد من الاختراعات؛ وعلينا أن نتعلم نحن العرب، والمسلمين الدرس جيدًا مما يجري اليوم، فما حك جلدك غير ضفرك، فعلينا أن نتوحد جميعًا كأمة عربية وإسلامية واحدة، وأن نحافظ على العلماء، والكف عن هجرة العقول من العلماء الأجلاء، واكرامهم فلا خير، ولا كرامة لنا إلا في وطننا العربي من المحيط إلى الخليج العربي؛ لأن الفقر في الوطن تجعله قد يصبح غربة، والغني في الغربة تجعله وطن!!.
 لقد انتفضت الولايات المتحدة، وحلفها الناتو، وأوروبا، ومحكمة العدل والجنايات الدولية، ومجلس الأمن، والأمم المتحدة، وأغلب المؤسسات الدولية، والحقوقية صارخين بضرورة وقف الغزو، والعدوان، والاحتلال الروسي لدولة أوكرانيا كما يقولون!!؛ ولكن أين أنتم يا من صنعتهم عصابة الكيان الصهيوني الخنزير في فلسطين النازفة دمًا منذ ما يقرب على القرن من الزمان!!، ولماذا لم تنتفضوا يا أدعياء الديمقراطية، والحرية والحضارة، يا أدعياء الأخلاق، والقيم، لوقف وللجم عصابة الاحتلال الصهيوني عن جرائمها المتواصلة، ومجازرها البشعة بحق الشعب الفلسطيني!!؛ وهل عرفتم الأن ما معني كلمة نازح أو مهاجر هُجر من أرضهِ منذ عام النكبة سنة 1948م، أم على قُلوبِ أقفالها؛ "فإنها لا تعمي الأبصار ولكنها تعمي القلوب التي في الصدور"؛ وأين أنتم من مئات قرارات الأمم المتحدة بخصوص القضية الفلسطينية، وحق العودة لديارهم ومدنهم وقراهم التي هُجروا منها قسرًا بفعل المجازر الصهيونية!؛ أتعلمون يا سادة أن الحرب العالمية الثالثة لو لا سمح الله وقعت فلن يهم ذلك أغلب الشعوب العربية ، وكذلك الشعب العربي الفلسطيني، لأنه منذ قرن يواجه ألة الموت والقتل والدمار، والبطش الصهيونية بغطاء وحماية أمريكية وأوربية كاملة!؛ وشعارهم" "إن مُتنا فما عند الله خيرٌ أبقي"؛ وفي كل ما يحدث الأن نقول: "وعسي أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم"؛ فلربما تتحول تلك الحرب الروسية ضد أوكرانيا وتتدحرج لحرب عالمية ثالثة، أو تنتهي بحل سياسي توافقي قريب؛ وفي كل تلك الحالات عامًة يوجد مؤشر، وإرهاصات لقرب فناء الاحتلال، الذي يتخبط الأن كالمجنون خوفًا من أن تكون تلك الشرارة التي اشتعلت نارًا هي بداية النهاية للمستعمرة الصهيونية الارهابية الاجرامية، والمقامة غصبًا، وقسرًا، وظلمًا، وعدوانًا فوق أرض فلسطين التاريخية، والتي كلها من بحرها لنهرها فلسطينية حتي النُخاع، وعاصمتها الأبدية مدينة القدس الشريف.
الأديب الكاتب الصحفي والباحث والأستاذ الجامعي
والمفكر العربي، والاسلامي، والمحلل السياسي
أ.د./ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل 
عضو نقابة اتحاد كتاب وأدباء مصر
calendar_month04/03/2022 09:01 pm