وبعد حينٍ من الدهر، يتغير الأمر ، وبعد مُقتبل العُمر ، ترى الأوضاع تتبدل، والسياسة والساسة تتحول، والمواقف تتغير، وتدور من الخطابات النارية الهُلامِّية الكلامية الهجومية مثل لهيب النار عند هبة الثوار، وغضب الأحرار، والانتفاض على العدو الغادر الفاجر، للأخذ بالثأر، لدماء الشهداء الأبرار؛ وبعد فترة من الزمان تصير بعض القيادات تسيرُ من نور ضياءِ الجهاد، ومن صليل السيوف، إلى الركُون للدنُيا، وحب المال، والنساء، والجاهِ، والسلطان، والسرور ، والدنيا عارية مسترجعة، ولازالت تدور!.
ثُم تبُصر الانتقال العجيب الغريب من ضيق الدور، ومن الزهدِ، وزيارةِ القبور، والدعوات إلى النفيرِ، ولن نعترف بالعدو؛ إلى التحول ليسكُنوا القصور، والانتقال من الخنادق المتقدمة لمواجهة الأعداء إلى الفنادق!؛ وتراهُم يلبسون البُدل الفاخرِة، ويركبون السيارات الفخمةِ الفارِهة، ويأكلون ما لذ، وطاب من الاطعمة، والشراب؛ ويبحثون عن أغلى، وأرقى الروائِح من العطور، ويصبح بينهم، وبين الأعداء تنسيق من تحتِ، وفوق الطاولة، ويُغريهم بريق الذهب والفضة، وزيادة المنحة بملايين من الدولارات التي قد أغرتهُم، وفي لُعاع متاع الدُنيا أغرقتُهم!. وعن شعبهم المجاهد المكافح شغلتهم؛ وجعلتهم يشتغلون فيها شغل اللاهث وراء السراب للدنيا التي أخرتها التُراب!؛ وقد أرهقوا الشعب من فرض المزيد من الضرائب على كل شيء، و أكلوا الأخضر، واليابس، بينما الشعب، وضعهُ تحت الحضيض وترى على كل باب مسجد، واستراحة من يتسول!؛ والناس أغلبهم يعيشون فقر مُدقع، إلى المزيد من الفقر، والبطالة؛ والانقسام يستمر ، وصولاً لحالة الانفصال التام؛ وكل فترة تشتعل نار العدوان من الأعداء على غزة، والضفة، والقدس، وفي كل مرة بعدما يتم تنفيذ عملية اغتيال صهيونية جبانة لأحد القيادات العسكرية للمقاومة في غزة، يتم جَرْ الشعب المغلوب على أمره المكلوم لتصعيد جديد، وحرب ودماء تسيل، وشهداء ترتقى، وجرحى ينزفون، وأرامل، وأيتام جُدد يضافون لسجل المعاناة المتواصل للشعب الصامدٍ الصابر رغم كل تلك الويلات والنكبات، وتدمر البيوت، وتقصف من طيران العدو و تهدم فوق رؤوس ساكنيها!؛؛ وبعد مرور فترة من الزمان يخرج البعض علينا من فنادق الدوحة في دولة قطر الشقيقة أو من طهران عاصمة إيران، وأمام كُل وسائل الإعلام ليُعلن الانتصار، تلو الانتصار، على العدو المجرم الماكر الشرير؛؛ وترتفع عندنا الأصوات بالخطب الرنانة، والتي تدُور فحواها عن النصر، والتمكين، والتحرير ، وكل ذلك تحت شعار الدين مع التدليِس، والتمليِّسْ، وقول المُنكرِ، والزور، وينتابهم الغرور، واتهام من يخالفهم الرأي بأنهُ كافر أو من المنافقين!!؛؛ حيثُ يأخذهم الزهو، والغلو، والعلو، ويحسبون أنهم يحسنون صُنعًا!. وعمومًا إن من يعيش في الفنادق فحتمًا سوف ينسى الجهاد، والخنادق، والبنادِق!؛ ولنا في رسول الله الأسوة، والقدوة الحسنة، فلقد كان الصحابة الكرام يقولون كنا إن اشتد، وطيس المعركة احتمينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان في معركة الأحزاب أو الخندق يربط كل صحابي حجر على بطنهِ من شدة الجوع بينا القائد العظيم سيد الأنبياء والمرسلين كان يربط على بطنه حجرين!؛ ولم يكن ينام في الفنادق شَبَعَان، وجُل شَعبه جَوعَان، يا أدعياء الزهدِ والإيمان يا من ضيعتم الأوطان!!. ومما زاد القلب حسرةً، ومرارة أن المسجد الأقصى المبارك، ومدينة القدس المحتلة زهرة المدائن وسيدة الأرض، والعواصم تقتحم، وتُستباح كل مساءٍ، وصباح من عصابة المحتلين الصهاينة المجرمين، وخاصة في مسيرة الأقزام، وهم يرفعون الأعلام الصهيونية، ويمنعون الأذان في مسرى ومعراج النبي العدنان!؛ بينما لم تُطلق "المقاومة الإسلامية!؛" من غزة صاروخًا واحدًا نصرةً للمسجد الأقصى المبارك إلا مزيدًا من الشعارات الرنانة!؛ بينما حينما يقوم الاحتلال باغتيال أي مسؤول من التنظيمات "الاسلامية" في غزة تُطلق الصواريخ ضد كيان المحتلين الغاصبين. و يا للعار حينما تنتهك المقدسات، وتُدنس من أبناء القردةِ، والخنازير تبقى تلك الصواريخ في مَرابِّضها، ولم يحرك أحد منهم ساكن!؛ وذلك لأنهم قبضوا الثمن عبر "التنسيق الأمني الحلال مع الاحتلال"، مع زيادة تصاريح العمال من قِبل الاحتلال، ومع موافقة العدو على عبور بضعة ملايين من قطر ، وزيادة عددها وكما قال لهم كل أمام، وسائل الإعلام علنًا وبشكل جلي، وواضح وصريح السفير القطري م/ محمد العمادي: " نبغي هُدوء"!!؛؛ وهكذا أكلنا يوم أُكل الثور الأبيض. ولذلك فإن التحرير بيد الجماعات الحزبية هو بعيد المنال!؛ ولكنه قريب المنال للمسلم عبد الله وليس لمن هو عبد لِلحزب، والجماعة؛؛ وصدق الصادق المصدوق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال من لا ينطق عن الهوى في الحديث الصحيح الذي رواه الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ ، فيقتلُهم المسلمون ، حتى يختبئَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ و الشجرِ ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ : يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي ، فتعالَ فاقْتلْه، إلا الغَرْقَدَ فإنه من شجرِ اليهودِ".
ولذلك لن تنتصر الأمة، ولن تتحرر فلسطين من المحتلين على يَّدْ أدعياء الدين، وأدعياء الوطنية ممن يحملون، ويرفعون الشعارات الحزبية الضيقة؛ والحديث النبوي صحيح وواضح:" يا مسلم يا عبد الله"، هذا من سيقرر، وهو من يحرر، وبهِم تنتصر فلسطين، والأمة حينما نرفع حقًا وحقيقة راية الإسلام، والدين، وتكون هي لله فعلاً، وليس للمنصبِ والجاه، والحزب الخ.....
الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي، والمحلل السياسي
الكاتب الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية
dr.jamalnahel@gmail.com