الكثير من الناس يُحِبُونَ التباهي، والتفاخُر، بِالكَثرةِ، والقوةِ، والمال، والبنُون، والحَسَبِ، والنَسَبِ والأصلِ، والفَصلِ، والقصور الفاخِرة الباهِرة، وفي بناء أجمل الدُور، وشِراءِ أفخَمِ أنواع العُطُور وقد يأخذ أبصارهم، وقلوبهم بَرِيق لمعانِ الذهب، والفضة، ويحُبون اِقتناء السياراتِ الحديثة الغالية الفارهةِ؛ وكل ما شابَه ذلك من متاع الحياة الدُنيا؛ وبعد حينٍ قد تتبدل الأوضاع، وتتغير ويلف الإنسان حبلُ النسيِان، فلا يتذكر بأن الدنيا التي جاء إليها عريانًا، ووضع في لفة تأخذهُ الأيام، والأسابيع، والشهور، والسنين بسُرعةِ البرق إلى اللَفة، وتدور به سريعًا، وما بين لفة ولهفةٍ ولفةٍ، سيرجع يومًا ما لينتهي كل شيء، ويرجع بلا شيء ليوضع في نفس اللفة البيضاء التي لفوه بها حينما ولِد عريانًا طفلاً صغيرًا جميلاً، شجيًا نديًا طاهرًا نقيًا، ولم يكن جبارًا، عَصيًا؛ نزل إلى الدنيا طيبًا زكيًا من غير ذنب؛ ليرجع بعد انقضاء الأجل مُحَملاً بالذنوب، والأوزار، ويتم تكفينه في لفة بيضاء تُشبه تلك التي لفوه بها حينما ولد، وكان صافيًا طريًا!.
 تلك هي الدنيا قصيرة، وحقيرة، ودَّنِّيْةَ؛ ومن الناس من يتباهُون بالأحساب، والأنساب، وأنهُم من الأشراف الأطهار، وأن نسبهم يعود إلى آل البيت الأبرار الأطهار ، وهذا أمرُ جميل إن كان هذا النسب مُزين بِحُلة الإيمان، والتقوي، وذلك هو السلاح الأقوى؛؛؛ وإلا ماذا كَسب "قابيل" والذي كان أبوه نبيًا؛ فلم ينفعه ذلك النسب النبيل الجليل الرفيع بعدما قتل قابيل أخِّيهِ هابيل!؛ ولم يشفع له أن أباهُ هو سيد البشر أجمعين سيدنا أدم عليه السلام؛ ولم، ولن ينفع سيدنا نوح عليه السلام اِبنهُ حينما لم يؤمن، ولم يركب السفينة مع المؤمنين!؛ وأمَا خَليل الرحمان سيدنا إبراهيم عليه السلام فقد كان أُمةً حنيفًا مُسلمًا؛ ورغم ذلك فلم، ولن ينفع هذا النسب، والحسب الجليل " والدهُ آزر" والذي مات كافرًا!؛؛ وكذلك أبو لهب الذي كان عم النبي صلى الله عليه وسلم لم، ولن ينفعه أحد لآنهُ مات مُشركًا، كافِرًا!؛ وأما أولئك الناس الذين يحملون بطاقات تعريفية معهم، ويدعُون أن نسبهم غالى، وعالي، وساميِ، لأنهُ نسبٌ طاهر شريف، كونهم من الأشراف، ومن علية القوم، وسادة الناس، وذلك بسبب أن نسبهم يرجع في أصلهِ إلى بيت النبوة وأنهم من الأشراف، وليسوا من العوَام من الناس؛ وليتذكروا قول الحق سبحانهُ، وتعالى: "فإذا نفخ في الصُور فلا أنساب بينهم"؛ وأن الله جل جلاله رفع وأعز بالإسلام أقوامًا، وأذل بالكُفرِ أخرين ومثال ذلك سيدنا بلال بن رباح "الحبشي"، كان عبدًا مملوكًا رضي الله عنه وأرضاه، فصار بالإسلام مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابي كبير جليل جميل نبيل؛ وكذلك بلال الرومي، وسلمان الفارسي، والقائمة تطُول كثيرًا ممن رفع الله مكانهم بالإسلام، وليس من خلال كون نسبهم يعود للأشراف، من آل بيت النبوة رضي الله عنهم أجمعين.
 وخِتامًا حينما يوضع الأنسان في قبره لن يسأل عن حسبهِ، ونسبهِ، وعائلتهِ وحزبهِ، وتنظيمهِ ووطنهِ، وقريتهِ، ومدينتهِ الخ..؛ وما سوف يسأل عنه هو: من ربك؟، ما دينُكَ؟، ماذا تقول في الرجل المبعوث فيكم؟ صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك لننتبه قبل فوات الأوان، قبورنا تُبنا، ونحنُ ما تُبنا، يا ليتنا تُبنا من قبلِ أن تُبنا!؛ فعلينا أن نبني، ونُعمر منذ الأن قُبورنا لتكون هي قُصورنا، وجَنتنَا؛ وأن نعمرها بِالذكرِ، والشُكرِ، وفي جبر الخواطر، وبِعمل الصالحات، وترك فعل المنكرات، ونعمر القبر ليكون لنا قصر، وأن نُحَسِّن الظن بالله، والتوكل عليه؛؛ وَما الحياةُ الدنيا في الأخرة إلا كرجل استظل تحت ظل شجرة تُم قام!؛ رزقنا الله، وإياكم حسن الختام، وطيب المقام، وجعلنا سُبحانهُ ممن قال فيِهم : "الذين أمنوا، وعملوا الصالحات طُوبى لهم، وحسن مئاب".              
الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي، والمحلل السياسي
                                   الكاتب الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
  عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
 رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
  عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية
 dr.jamalnahel@gmail.com
calendar_month27/06/2023 04:17 pm