أيهُا البصير نَحنُ نَسِيرُ ليوم المصير، وإن عَز النصِّر، فلا تُرهق نفسك بالتفكيرِ الكثير، وبالتحليل والتفسير لأن الدُنيا بِّكْ، ومن غَيرِكَ سوف تسيرُ بشكلٍ يسير، وبِكُل تيسير من القادر القدير الخبير العليم البصير؛ فهي تتقلب ما بين يُسر، وتيسير، وعُسرٍ، وعَسِّير؛ فالحياةُ الدُنيا لا تبقى بَشَر على حال واحدٍ مُستمِّرٍ؛ فتتغير فيها الأحوال، وتمرُ بِنا الأيام، وتدور، بِحُلوِها ومُرِّهَا، تَمُر، وكل ليلة يَحِل الظلامِ، ثم سُرعان ما يبزغُ نور الفجر؛ وهكذا تمضي السنُون ما بين فرحٍ، وسُرور، وضُرٍ، وغرور؛ وما بين مُرابطٍ مغُوارٍ على الثغُور، وما بين مُتسلقٍ سارق لصٍ فاجرٍ تقلد منصبٍ عابِر، وقد تسَربل بثوب الوطنية، أو مدُعيٍ للإيمان!؛ وفي الحقيقة هو شرٌ مُستطِّر، ومستمر، ينشر الشر، والشرور، ولكنه لن يستمر، ولسوف يغُور، ولن يحُور؛ وسَينَدحِّر، ويَندثِر، ووحيدًا سيدخل القبر، ويترك رغم أنفهِ كل المناصب، والأموال، ""وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْـُٔولُونَ""؛ وليُسأل حينها عن كل ما فعل من بحرٍ من الأوزار؛ وأكثر؛ وأكبر وزر بعد الكفر، والشِّركْ، وقتل النفس؛ من ضيع الأمانة، وقهر، وظلم الشعب وشق عليِهم في أوطانِهم، وأَذلهُم، وداس على كرامتهم، وخطب الخُطب الرنانة، وادعى حُب القرآن والسنة، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، والصحابة الكرام، وقد تسمع هذا المسؤول، أو ذاكَ يتكلم مُطولاً عن عدلِ الفاروق سيدنا أمير المؤمنين عُمر رضي الله عنه الذي كان مع الرعية مثل القمر؛ ولكن أفعال المتُكلم إن كان أمير أو وزير أو قائد حزبٍ، أو حركةٍ، أو فصيل يدعى المقاومة، والتَحرير مثل أبي جهل، وأبو لهب!. إلا من رحم الله العليم القدير؛ ولو راجعتهُ لماذا تقهر شعبك؟!؛ فيُجادلك بكل صفاقة، وصلف وفضاضة، ويُبدي لك كذبًا وزورًا الكثير من التبرير؛ وإن لم ترضى، وتَسَكُت فسيكون لك السجن أو القتل هو المصير!؛ وفي أغلب عواصم الدول العربية، والإسلامية يبقى حَالهم أحَسن حالاً من حالِ شعب مدينة غزة المكلومة المنهوبة، المسلوبة، المظلوم شعبها من بعض من يُسمون أنفسهم قيادات وأحزاب، وفصائل إسلامية، ووطنية!. والحقيقة أنهم كِتُجار الفجرة!؛ ممن يتاجرون بمعاناة ودم المواطن الفلسطيني في غزة!!؛ فالبطالة تجاوزت حد 75%، والفقر، وآلاف الخريجين الجامعيين بِغير عمل، والكثير من بيوت الفقراء في غزة من غير كهرباء، ولا مياه صالحة للشُرب الأدمي!؛ وفي غزة المنكوبة تجد لصوص الوطنية، وأدعياء الدين من بعض القيادات التي صارت تملك الملايين، بينما بعض الأسر لا تجد ملاليم؛ أو ما يسد رمق جوعها، ولا تجد قوت يومها!.
 إن غزة الاحتلال دمرها بالحصار؛ وبعض القيادات من اللصوص دمرتها بالنهب، والسلب؛ وتركوها وعاشوا في بعض فنادق العالم حياة الترف، والبزخ لن ينالوا خيرًا !؛ ومن المستحيل أن تجد في غزة أي أبن لمِسَؤُول أو قيادي بلا عمل، أو فقير!. 
إن غزة المَوْتُ أَفْجَعَهَـا، وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا، والانتحار صار يدور في رأس بعض الشباب في بعض الدور والبعض منهم للأسف قد انتحر!؛ والأحداث تمُر مُرةً، ومريرة، وتدور!؛ ولم تعد ترى في غزة العِزة كالسابِق من العهد العَابِّرِ، الغابِر، وغاب جمال الزُهورُ وزهَر الزهُور، ولم يعد عبيرُ الأزهار عَبير!. وحتى الروائح الفواحة المنبعثة من أفضل، وأجود أنواعِ العُطور، والبخور، فإنها مع حُكمِ الظالمين ومُرور الزمن تذهب تلك الروائح الجميلة، وتَبُور!؛ فلا تغتر يا من تدعى الوطنية، والتَديُن، والعدل والمقاومة، ولكنك سافرت خارج الوطن، وصرت تسكُن اليوم في أفخم، وأفخم القصور، وتعيش مُتنعِمًا في الحرير، بأوامِر من سيدِك الأمير؛ وتظن نفسك ستبقى كبير، وذو تأثير، ولك أثير، والشعب تحت حُكم ظلمك سيبقى أسير، وفقير!؛ كلا فلا تغترْ!؛ فقد تنقلب الموازين على الوزير، والأمير الكبير فيُصبح بين عشية، وضحاها أسير، صغير، بلا وزير، ولا حشم، ولا خذم، ولا حرس، ويصير للمصير المحتوم الموت، ويصبح مقبور، وملعُون، وقبرهُ بين القبور لا يكادُ يُذكِّرْ؛ ولا حتى يُزار من أي زائِر!. وينال غضب الجبار، ويُصَّلَىَ هذا الظالم لشعبهِ، وأمُتهِ في النار مع الكفار الفجار!.
 "إن الأمم الحَيّة المؤمنة النقية التقية هي التي تصنع مجدَها وتتجاوز محنتها عندما تسلّم قيادتها إلى رجالٍ مؤمنين حق الايمان، وأوفياء أذكياء شرفاء، رحُماء بشعبهم، ويحملون مشروعَ بناء دولة، وليسوا طامعين بحصّة من مغانم السلطة، ويُجدون في العملَ وفق رؤية، وخطط تنموية استراتيجية حقيقية، وليست شعاراتية غير قابلة للتحقيق، ويتركون ثرثرة العجائز عن مؤامرات تحاك ضد حكمهم"؛ وختامًا فالدنيا تتقلب، والأيام تدور، فقد يصبحُ الفقير غنيًا، والغنيُ فقير!؛ وقد يصير صاحب القرار بدونِ قرار، ويعود الشعب المسلوب، المنهوب، المنكوب، المغلوب هو صاحب السيادةِ، والقرار في الدارِ، وكل الديار؛ ولكن هذا لن يكون، والأمُة، والشعوب نائمة لا تعمل، وقلوبهم لاهيةً وخانعين، ولربهم غير طائعين؛ ويرضون بأن يَحَكُمهم، ويتحكم فِيِهِم الرويبضة !؛ قال تعالى: " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ".
الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي، والمحلل السياسي
                                   الكاتب الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
  عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
 رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
  عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية
 dr.jamalnahel@gmail.com
calendar_month18/07/2023 04:47 pm