لم يتوقف تأثير المناخ المتزايد وخطورته على العالم، بخاصة أنَّ عوامل المناخ المستجدة في العالم تساهم في تغيير توفر المياه، مما يجعلها أكثر ندرة في العديد من المناطق، فالاحترار الحراري يؤدي إلى تفاقم نقص المياه في المياه كما يؤدي إلى ازدياد حالة الجفاف ونقص المواد الزراعية، كما يزيد حالة الجفاف البيئي من ضعف النظم البيئية. كما يواجه العالم حالة طوارئ استثنائية تمثل منها منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.فقد ازدادت المخاطر والكوارث الناجمة عن تغير المناخ شدةً وتوتراً، ما أدى إلى المزيد من فقدان الحياة. فقد أزهق نحو مليوني شخص في تلك المناطق منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم .
كل ذلك يدل على أنّ الدول الفقيرة والأقل نمواً هي التي كانت الأكثر تضررا من كوارث المناخ بخاصة أن تلك المناطق ظهرت فيها بؤر ساخنة جديدة للكوارث وارتفاع درجات الحرارة المتتالي، فضلاً عن زيادة المخاطر التي تعاني منها في الوقت الحالي . 
 ونتيجة لهذه المخاطر دفع العديد من دول العالم لعقد المزيد من المؤتمرات الخاصة بالمناخ وجميعها يدعوا إلى تعزيز القدرة على الصمود في وجه الكوارث والمخاطر البيئية، فارتفاع درجات الحرارة بمقدار واحد ونصف درجة مئوية إلى درجتين سيجعل التعامل مع الكوارث والتكيف معها وتجنبها أمر صعب جداً وغير ممكن، لدرجة قد تتخطى فيها تلك الكوارث وتلك المخاطر قريباً من إمكانيات وقدرات الحكومات والشعوب على الصمود في كامل تلك المناطق.
فإذا ارتفعت درجة الحرارة أقل من درجتين مئويتين ستحصل العديد من الوفيات المرتبطة بالمخاطر المناخية، وبالتالي سترتفع التكلفة السنوية للخسائر جرّاء تطرّف المناخ، حيث من المتوقّع أن تزداد الخسائر إلى ما يزيد على التيرليون دولار أو نحو ثلاثة بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي الإقليمي، ويزداد من تسعمائة وأربع وعشرون مليار دولار اليوم أو 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليم، وهذا يؤدي إلى ضعف الانتاجية ويُعرّض التنمية المستدامة للخطر الشديد.
لقد تحدثت الثقارير عن أفقر أجزاء منطقة المحيط الهادئ وآسيا، كالدول الجزيرية الصغيرة شبه المعزولة وهي جزر نامية ،ستصبح فيها الأخطار والكوارث المحرك الرئيسي لعدم المساواة، حيث سيكون مشهد الأضرار والخسائر أكثر ألماً وأكثر مأساوية بشكلٍ خاص في قطاعي الطاقة والزراعة. وهذا يؤدي بدوره إلى تعطيل النظم الغذائية، وانقراض العديد من الكائنات الحية، وفقدان التنوّع البيولوجي. ولتجنب تلك المخاطر المتسارعة الناجمة عن تقلبات المناخ تحتاج تلك الدول إلى جملة قرارات تمهّد الطريق أمام (التكيف التحويلي) من خلال قيام الدول والحكومات والشركات التي تعمل على الاستثمار في العديد من الأنظمة التي تساعد على التنمية. وتقدم أنظمة إنذار مبكِّر بهدف خفض أعداد الضحايا، وبناء اقتصاد قوي يستطيع الصمود في وجه المخاطر الطبيعية وكوارث المناخ .      
إنّ أنظمة الإنذار المبكر المتعلّقة بالمناخ يمكنها أن تنقذ مئات آلاف الأشخاص الذين يعيشون في النقاط الساخنة متعددة المخاطر، وتقلل من خسائر الكوارث والأخطار التي يمكن أن يسببها المناخ بنسبة تصل إلى 60%، وتحمي النظم الغذائية، وهي العمود الفقري والأساس لاقتصاد تلك الجزر الصغيرة، وتوفر عوائد بعشرة أضعاف على الاستثمارات ذاتها.
وهنا نجد أنّ معظم البلدان الأقل نموا والبالغ عددها 46 دولة بدأت تتسابق مع الزمن لتحقيق أهداف ومرامي التنمية المستدامة بحلول عام 2030 م فقد اجتمع في العاصمة القطرية (الدوحة) قادة العالم والمجتمع المدني والشركات والشباب والشركاء الآخرون لحضور مؤتمر الأمم المتحدة الخامس بشأن أقل البلدان نمواً (LDC5) لتسريع التنمية المستدامة. كما تم انعقاد سلسلة اجتماعات لمتابعة ومراجعة خطة عام 2030م من قِبَل المنتدى السياسي الرفيع المستوى، وهو منصة هيئة الأمم المتحدة المركزية تحت شعار: تسريع التعافي من أمراض فيروس كوفيد 19 كورونوا، والتنفيذ الكامل لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 على جميع المستويات، وكان المنتدى قد وضع في السابق عدة أهداف فكان الاجتماع الأخير الذي تم عقده ما بين 10 إلى 19 حزيران 2023 م يلقي نظرةً شاملةً على الهدف رقم (6) وهو (المياه النظيفة والصرف الصحي)، والهدف رقم (7) وهو(الطاقة النظيفة والميسورة التكلفة)، والهدف رقم (9) وهو (الصناعة والابتكار والبنية التحتية)، والهدف رقم (11) وهو(المدن المستدامة)، والهدف رقم (17) وهو (الشراكات) .  
لقد وضع مؤتمر الأمم المتحدة الذي سيعقد في الإمارات العربية المتحدة ما بين 30 تشرين الثاني و12 كانون الأوّل 2023م الخاص بتغيير المناخ (COP28) وهو المؤتمر السنوي الثامن والعشرون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ إلى تحقيق نتائج طموحة لإبقاء حالة الاحترار العالمي إلى ما لا يزيد عن درجة ونصف درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وزيادة الاستثمارات على وجه السرعة في التكيف مع المناخ مع استمرار تزايد الاحتياجات وسط أزمة المناخ المتفاقمة .وزيادة تمويل المناخ للبلدان النامية، 
وكان العالم قد شهد انعقاد اجتماع رفيع المستوى لــ (إطار سنداي) بين 18 إلى 19 أيار الماضي لمتابعة الكوارث المتزايدة والمتفاقمة بسبب تغير المناخ، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وتبني إعلانًا سياسيًا لتسريع تنفيذ(إطار سنداي)، الأمر الذي يعرّض ملايين الناس وكل مكاسب اقتصادية واجتماعية للخطر، فقد استعرض القادة وصنّاع القرار تحت شعار : (العمل معاً لتقليل المخاطر من أجل مستقبل مرن) أهم القضايا في هذا الإطار.
من الواضح أنَّ العالم يحتاج إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تتعامل مع التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية في وقت واحد، في حال أراد قادة وصنّاع الساسة في العالم منع حدوث جمود اجتماعي ناجم عن الدمار البيئي الهائل، وضمان استمرار التنمية البشرية. وتتمثل طريقة تحقيق كل ذلك من خلال اتخاذ خيارات عملية وهيكلية حاسمة تتمحور حول تحقيق ما أُطلق عليه اسم (التحوّل البيئي).
إنّ معظم الإجراءات المتخذة اللازمة لتغيير المناخ ومواجهة حالة الطوارئ البيئية، تجري ببطء شديد، سواءً كان ذلك من خلال التعامل مع الأخطار والكوارث المناخية، أو إزالة الكربون من العمليات الاقتصادية، أو رعاية التنوع البيولوجي. وتبرز الحاجة ماسّة وضرورية إلى تسريع نشر الحلول الحالية على نطاق واسع ودون أي تأخير، لا سيما مع الانتشار السريع للمخاوف البيئية الخطرة وتداعياتها الفورية على المجتمعات والموارد الغذائية.
وثمّة سُبُلٌ عديدة لإحداث (تحوّل بيئي) يمنع حدوث أخطار وكوارث مناخية، ويعزز التنمية المستدامة الشاملة، بدءاً من السباق نحو خفض انبعاثات غازات الدفيئة (الكربون CO2) واستعادة النظم البيئية الهشة، ووصولاً إلى استبدال البنية التحتية عالية ثاني أوكسيد الكربون والحدّ من التلوث البلاستيكي، والاستثمار في الطاقة المتجددة.
في ظل هذا الحراك العالمي جميعنا يتطلّع إلى ما ستحققه الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر COP28عام 2023 في الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي من أجل تعزيز العمل على خفض الانبعاثات الكربونية، ومضاعفة الجهود، والتكيف مع تداعيات تغير المناخ من خلال عمل مشترك ومنهجية واقعية متكاملة وشاملة، تركز على إيجاد حلول عملية وسريعة ومجدية تجاريا واقتصادياً، وتطبيق أحدث ابتكارات التكنولوجيا الذكية المتقدمة لتنمية اقتصاد منطقتنا العربية بشكلٍ خاص والعالم بشكلٍ عام، وتحسين حياة شعوب كرتنا الأرضية .
calendar_month08/09/2023 06:17 pm