تهدف التنمية المستدامة لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. وهي سبعة عشر هدفاً لإنقاذ العالم وهي خطة تتصدى للتحديات العالمية التي نواجهها، بما في ذلك التحديات الكبيرة المتعلقة بالفقر وتدهور البيئة والازدهار وعدم المساواة والمناخ والعدالة والسلام. وفضلا عن ترابط جميع الأهداف، وللتأكد من ألا يتخلف أحد من الدول المشاركة عن الركب، فمن المهم تحقيق كل هدف من الأهداف بحلول عام 2030 م.
بخاصة وأنّ العالم ما زال يعاني من النتائج السلبية التي تسببتها جائحة كوفيد 19 (كورونا) على البشرية حيث تزعزع استقرار الاقتصاد العالمي، وغيّر أسلوب وطرائق حياة مئات الملايين من البشر حول العالم وقلبها رأساً على عقب. فقد اعتبر عدد كبير من الباحثين الاستراتيجيين أنّ الجائحة هي حالة إيقاظ غير مسبوقة تكشف عن عمق عدم التمييز وعدم المساواة وتُظهر بدقة متناهية أوجه الخلل وعدم التوازن التي تتصدى لها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 م. واتفاق باريس بشأن تغير المناخ.
في تلك المرحلة من الأزمة المتفاقمة التي تعطلت فيها المعايير الاجتماعية المعتادة والسياسات المتبعة، يمكن اتخاد المزيد من الخطوات الجريئة التي تهدف إلى إعادة العالم على المسار الصحيح باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهذا هو التوقيت المناسب لإجراء تحولات منهجية عميقة، وتغيير حقيقي نحو اقتصاد أكثر استدامة يعمل لصالح البشرية جمعاء. لذا فإنَّ ضرورة تحقيق أهداف التنمية المستدامة هو إحداث حالة من الانتعاشٍ يؤدي إلى إيجاد اقتصادات فاعلة أكثر أكثر شمولاً ومراعاةً للبيئة ، ومجتمعات أقوى وأكثر مرونةً.
من هنا فإنّ قمة أهداف التنمية المستدامة، التي عُقدت يومي 18 و19أيلول 2023م في مقر هيئة الأمم المتحدة بنيويورك من خلال دول وشخصيات رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة،وهي فرصة فريدة وجديدة لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة ووضع العالم على مسار التحوُّل الصحيح باتجاه عام 2030. فبينما نقف في منتصف الفترة الزمنية المحدّدة المتفق عليها لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 م التي اتفقت عليها جميع الدول الأعضاء قبل نحو ثماني سنوات، بات الوفاء بالوعد على المحك وصار لزاماً على الجميع أن يلتزم بكل التعهدات. حيث يتراجع التقدم الذي أحرزته للتنمية المستدامة للمرة الأولى منذ عدة عقود في جميع أنحاء العالم في إطار التأثيرات المجتمعة للكوارث المفجعة المرتبطة والصراعات والنزاعات بين الدول، وحالة الانكماش الاقتصادي والآثار السلبية الخطيرة التي خلفتها جائحة كوفيد-19(كورونا)، ولو بقيت الأمور على حالها من المؤكد أنَّ العالم سيفشل في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر بحلول عام 2030 م .
وبما أنَّ مستقبل دول العالم المشتركة على المحك، فهذا هو الوقت المناسب جداً للعالم لإعادة ترتيب الأوراق من جديد والتركيز على خطة العمل التحويلية . لذا فقد حان الوقت لإحراز التقدم بشكلٍ عملي ومتسارع نحو حياة إنسانية كريمة لجميع بني البشر يتمتعون بالصحة والعافية. وكما قال السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالة واضحة لزعماء العالم الوافدين إلى نيويورك: )هذا ليس وقت المغالطات أو الأخطاء أو تسجيل المواقف). كما قال إن الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة يعتبر (لحظة جديدة وفريدة من نوعها لقادة العالم ليس لتقييم حالة الشؤون الدولية فحسب، وإنما أيضا للعمل من أجل الصالح البشرية جمعاء ) .
الواضح تماماً أنَّ منظومة الأمم المتحدة تتطلع على المستوى العالمي إلى دعم الدول الأعضاء في تحفيز تحقيق أهداف التنمية المستدامة
السبعة عشر من خلال عدد من التحولات ذات الأولوية بما في ذلك الطاقة،وتحويل التعليم، والتنوع الطبيعة والتنوع البيولوجي ، والنظم الغذائية ، بالاضافة إلى العديد من المجالات المعقدة والمتشابكة ، وعوامل تمكين أخرى وهي عديدة ، في حقيقة الأمر يمكننا متابعة الاستعداد الكبير لفريق الأمم المتحدة القطري على المستوى المحلي لصياغة مسار هيئة الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المسداممة للأعوام ( 2025 ـ 2029) . وتتطلع منظومة هيئة الأمم المتحدة بعد تجديد قوامها وهيكلتها وتنشيطها إلى الاستفادة القصوى من خبرات الدول المشاركة لمساعدة الشعوب على تحقيق تطلعاتها التنموية .