أعلن رئيس حكومة المستعمرة نتنياهو أن حرباً قررها ضد قطاع غزة، على خلفية معركة طوفان الأقصى ومبادرتها الفجائية حيث دفعت المستعمرة ثمنها بمئات من القتلى والعشرات من الأسرى، ولطمة معنوية سياسية غير مسبوقة منذ حرب أكتوبر عام 1973.
اختارت حركة حماس مناسبة حرب أكتوبر، و عيد الغفران، ويوم السبت لتوجيه ضربة موجعة لقوات المستعمرة ومواقعها، دفعت المجتمع الإسرائيلي برمته نحو الوقوع بالذهول والصدمة، بفعل المفاجأة ودقة التخطيط والتنفيذ الفلسطيني.
أعلن نتنياهو الحرب على قطاع غزة، فماذا هو بفاعل؟؟.
هناك عدة احتمالات مفتوحة أمامه:
أولاً تنفيذ مخطط اغتيالات لقادة حماس كما فعل مع قادة الجهاد الإسلامي مرتين: آب 2022، وأيار 2023 حين اغتالت خيرة قياداتها وارفعهم مكانة.
ثانياً اجتياح حدود قطاع غزة.
ثالثاً مواصلة القصف عبر الطيران والوسائل الأخرى على قطاع غزة، تحقيقاً لهدف قتل أكبر عدد من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير أكبر عدد من المؤسسات والمنشآت الفلسطينية.
الاحتمال الأول لا شك أن قادة حماس اتخذت إجراءات احتياطية بعد معركة طوفان الاقصى تحول دون معرفة أماكن تواجدهم واقاماتهم، مما يتعذر اصطياد أي منهم، وهذا أحد أسباب القصف العشوائي الإسرائيلي لبيوت فلسطينية لعله يصطاد أي من قيادات حماس بالصدفة، ولذلك سيبقى هذا الخيار مفتوحاً، رغم ان هذا الخيار لن يستجيب لرغبات نتنياهو العدوانية.
الاحتمال الثاني اتخاذ قرار اجتياح حدود قطاع غزة، ولكنه سيجد معيقات جدية بوضع كمائن جاهزة لاقتناص جيش الاحتلال، حيث لا يعقل أن من خطط لمبادرة هجوم طوفان الأقصى، يغفل عن تقديره وتوقعاته بتنفيذ عملية اجتياح اسرائيلي، خاصة بعد الخسائر التي تعرضت لها قوات المستعمرة.
لذلك من المستبعد أن يُغامر نتنياهو وقادة جيش الاحتلال بإجراء اجتياح حدود قطاع غزة، وإذا أرادوا ذلك، فهذا يحتاج لوقت عبر عمليات تطهير تدريجية لن تتحقق بالسرعة المطلوبة.
ويبقى الاحتمال الثالث وهو الأرجح عبر مواصلة القصف الجوي والبري والبحري الإسرائيلي لقتل أكبر عدد من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير أكبر مساحة من المنشآت والمؤسسات والأملاك الفلسطينية، بهدف توصيل رسالة وفاتورة تغطية للمجتمع الإسرائيلي، رداً على معركة طوفان الأقصى ومبادرتها غير المسبوقة.
أهل غزة الذين دفعوا أثماناً موجعة في حروب المستعمرة على القطاع: 2008-2009، 2012، 2014، 2017، وآخرها آب 2022، وأيار 2023، ولكن في هذه الجولة من الاستهداف الإسرائيلي سيكون الثمن باهظاً أصعب وأكبر وأقسى، بهدف واضح لدى نتنياهو وهو إشباع حقده وغطرسته، واستجابة لمطالب القوى المتطرفة الإسرائيلية السياسية والدينية، وانه سدد ضربة موجعة للفلسطينيين لا تقل عن وجعه من تبعات ونتائج معركة طوفان الأقصى.
معركة أكتوبر الفلسطينية الإسرائيلية يوم 7/10/2023، ليست البداية ولن تكون نهاية المطاف والصراع، بل هي محطة من محطات الصدام الفلسطيني الإسرائيلي، و اضافة لمسيرة النضال من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني الكاملة غير القابلة للتبديد أو التلاشي أو التقادم، بل هي مسيرة تدريجية تراكمية طويلة المدى على الطريق، طريق حرية فلسطين واستقلالها وعودة اللاجئين إلى بيوتهم في المدن والقرى التي سبق وطردوا منها، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.