تأبى الرماحُ إذا اِجْتمعن تكسُرًا، وإن تفرقنَ تكسرنَ أحادا! وكأننا نعيش غُرباء في وطننا العربي، وعالمنا الإسلامي الكبير العدد والعُدة، والعتاد، والإمكانيات، فأكثر من مليار، ونصف المليار مسلم، بل اقترب العدد على المليارين مسلم، ولكنهم كما أخبر صلى الله عليه وسلم: "غثاء كغُثاء السيل"، وصدق الصادق المصدوق، وقد بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا فطُوبى للغرباء؛ فبعد دخول أهل مكة والجزيرة العربية الإسلام انتهت غربة الإسلام في الوطن العربي، وأما اليوم نلاحظ الشق الثاني للحديث النبوي الشريف، " وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء"؛ وها هو الإسلام غريبًا في قلب الوطن العربي، والإسلامي؛ وليس هناك أدل على تلك الغربة مما نُعايِشهُ، ونشاهدهُ، ونراه اليوم من عدوان صهيوني، وحشي؛ حيث يقوم العدو الصهيوني بارتكاب إبادة جماعية يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبالمقابل لذلك يقف العالم العربي، والإسلامي عاجز، ومتفرج على ما يدور في فلسطين من نكبات وويلات، وأهات، وصيحات، وصرخات، وحمام دم نازف من النساء، والأطفال!؛ ولم يقتصر هذا العجز على الحُكام، والقادة في العالمين العربي، والإسلامي!؛ ولكن الطامة الكُبرى أن الشعوب العربية، والإسلامية كذلك وقفت متفرجة عاجزة عن فعل شيء لإخوانهم في الدين، والدم، واللغة، والجوار، والمصير الواحد المشترك، إلا من رحم الله؛ والمصيبة حتى أغلب النخب الثقافية، والعلمية العربية، والإسلامية ورجال الدين بالكاد تسمع لهم صوتًا، وكذلك طلبة الجامعات العربية والإسلامية، وكأنهم صاروا مثل الجامعة العربية في ثلاجة الموتى، كأنهُم خُشبٌ مسندة، وأعجازُ نخلٍ خاوية، لا ترى لهم من باقية!؛ فلا حراك، ولا نخوة، ولا انتفاضة، ولا نُصرة حقيقية عملية لأخواهم في فلسطين، والذين يذبحون منذ أكثر من ثمانية أشهر من الوريد إلى الوريد، وقد قتل العدو الصهيوني ودمر كل شيء في غزة حتى الطفل الوَلِيد!؛ ويكأن العرب، والمسلمين صاروا من الماضي التليد، وصار الدم فيهم متجمد بليد، وبالمقابل نرى ونُشاهد انتفاضة عارمة، وصحوة كبيرة من العالم الغربي، والنخب الثقافية، والفنية، والعلمية، وطلاب الجامعات، وقادة بعض الأحزاب ورؤساء بعض الدول هبوا وانتصروا لغزة، وتُبصر المظاهرات العارمة تُعم الشوارع الأمريكية والغربية، والأوروبية نصرة لغزة، وبالمقابل ترى الأمة العربية، والإسلامية نيام، وجُل فعلهم هو النواح، والبكاء، والعويل على مواقع التواصل الاجتماعي على شهداء غزة دون أن يتحركوا على قلب رجل واحد نصرة لفلسطين إلا القلة القليلة؛ وللعلم فإن نصرة فلسطين واجب شرعي عليهم لأن فلسطين ليست ملك للفلسطينيين وحدهم بل هي ملك للمسلمين، وهي أرض وقف إسلامي أوقفها سيدنا الفاروق الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي القبلة الأولى وأرض المحشر، والمنشر، وفيها المسجد الأقصى المبارك، وتوجد سورة الإسراء تتوسط قلب القرآن الكريم في الجزء الخامس عشر منتصف كتاب الله جل جلاله، وهي رسالة ربانية للعرب، والمسلمين بأن فلسطين كانت قبلتكم الأولى وهي قضية عقائدية إسلامية وواجب عليكم نصرتها، وتحريرها، وإن تقاعستم عن ذلك فستأتي النصرة لفلسطين من غيركم وسيعود الإسلام غريبًا من بلاد الغرب والشرق، وأوروبا، " وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم"؛ وختامًا فإن هذا العدو الخنزيري الصهيوني الوحشي، كلب الحراسة لمصالح الغرب الصليبي المجرم بقيادة إدارة الولايات المتحدة الأمريكية المجرمة قد اقترب وأزُف زوالهم، ونهايتهم؛ وإن تلك الدماء الزكية الطاهرة النازفة من خاصرة فلسطين بشبابها، وشيبها، وأطفالها، ونسائها سوف تنتصر طال الزمان أم قصر، وأن العدوان سيندحر، وينكسر، هُم ومن جاء بهم لِفلسطين، ومصيرهم، والمحتلين الزوال، وتحت الأحذية، والنعال، وما النصر إلا صبر ساعة، فتحية إجلالٍ وإكبار لشعب غزة، والقدس الأبطال الثوار المجاهدين، ولكل شعب فلسطين نقول لكم، وبشر الصابرين بإحدى الحُسنين، والنصر، والتمكين، وفي الأخرة إن شاء الله يكونوا في جناتٍ ونهر في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر.    
 الباحث، والكاتب الصحفي، والمفكر العربي الإسلامي، والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر/ محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المتفرغ/ غزة ــ فلسطين
رئيس الاتحاد العام للمثقفين، والأدباء العرب بفلسطين
dr.jamalnahel@gmail.com
calendar_month14/05/2024 06:56 pm