الدُنيا خضرةٌ حلوة، وفيها تجد الناس تعيش الحياة الدنيا على عدة أشكال؛ كٌل يعمل على شاكلته"، وطريقته، والبعض يعمل وفق قناعاتهِ، وأفكاره، ومبادئه التي يسير وفقها؛ والبشر عقلياتهم، وأفكارهم مُختلفة، وتصرفاتهم متنوعة ومتعددة، فمنهم من هو قلبهُ غارق في الدنيا بما فيها من الملهيات، والمغريات، والملذات، والشهوات، والقانياتِ والمُسكرات، ونسى الموت، لحظة تأتي فيها السكرات، والزفرات؛ وقتها تذهب السكرة وتأتي الفكرة!؛ وقد فات الأوان وما مضي فقد مات، وما فات فكأنهُ قد مات!؛ والقلوب سميت كذلك لكثرة تقلبها؛ فحال بعض البشر اليوم هو اللهو، واللعب والضحك، فتجدهُ يقهقه بأعلى صوته بالضحكات الفانيات، وحالهُ في الدنيا كما قال سبحانهً وتعالى:" فإنها لا تعمى الأبصار، ولكنها تعمى القلوب التي في الصدور"؛ ومن الناس من عاشوا في الدنيا كأنهُم غرباء، أو عابري سبيل، واتقوا وأَبَّرْوا، وأصلحوا بين الناس، وجعلوا ألسنتهُم طيبة رطبة غدية ندية يصدح بِذكر الله، وتردد الباقيات الصالحات، والتي هي مفتاح تاج الخيرات، والبركات، والمسرات، والطيبات، فعاشوا جابري الخواطر، مفاتيح للخيرات، مغاليق للشر ينشروا السعادة، والسرور بين الناس، ومن البشر من تراهُ دائمًا بشوش الوجه باسمًا، مُتبسمًا رغم ما به من نجوى، وألم أليم؛ وهذه هي الأيام في حياتنا  الدنيا تسير، وتدور الدنيا، وتحور ليلاً، ونهارًا، والكواكب، والمجرات، والشمسُ والقمر، والسفن الجاريات، والطائرات العابرات للقارات، الكل يكمل المسير حتى التوقف ليومٍ تشخصُ فيه الأبصار مهطعين إلى الداعِ، يوم العرض، والنشور؛ والأيام، والشهور، والسنين تتحول فيها المسارات، وتنقلب، وقد تتغير من حال الضحكات، والمسرات  إلى الحسرات، ومن الخيرات إلى الزفرات، وفي الأرض قطعٌ متجاورات، وجنات من نخيل وأعناب، وفيها من كل الثمرات، فما مضى قد فات، ويبقى ما هو آت، آت، فلا تبقى الملذات، ولا العذابات، وإنما حبلٌ موصول من الذكريات،   دُنيا نهايتها الهبوط، والزوال، من الأعلى إلى الأسفل، ومن القوة إلى الضعف، ومن الشباب للشيخوخة، ومن الشهرة إلى طي النسيان مهما طال الزمان؛ فبعد حين تتبدل الأزهار، ولا يبقى الربيع ربيًعا، ولا الخريف خريفًا، ولا الصيف صيفًا، ولا الشتاء شتاءً؛ تتقلب حياة الإنسان مثل فصول السنة من حال إلى حال فسبحان مغير الأحوال، ومن يغير ولا يتغير؛ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، ولسوف تزول ويأتي بعد الصعود النزول؛ ونحن اليوم نرى العالم كله يرى الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة يموت قصفًا وقهرًا وجوعًا، ولا يجد من يقدم له شربه ماء، ولا شربه لبن لطفل يكاد يموت جوعًا، ولا تقدم لهم كسرة خبز تسد رمق الجياع في غزة، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت؛ وبالمقابل تجد إخوة الدم، والدين، والعروبة والإسلام وتوأم الروح يقدمون للأعداء الأموال التي بالكاد تعد وتُحصى!؛ وكأننا نعيش فصول نهاية العالم الذي فقد انسانيته، وهو يشاهد يوم وشهور مضت على المجزرة والملحمة لشعب  فلسطين في غزة، والذين أغلبهم من النساء والأطفال يتم إبادته، وتجويعهم والعالم يقف متفرجًا كأنه يشاهد مسرحية!!؛ فمتى تأتي المرحمة والرحمة أيها العالم الذي يدعى حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة كذبًا، وزورًا؛ فلن تأتي المرحمة والرحمة منكم بل ينتظرها الشعب الفلسطيني من أرحم الراحمين رب العالمين؛ وانتظروا يوم الحساب يوم العرض والوقوف؛ وأنتم تشاهدون شعب غزة وفلسطين شهيد يودعه شهيد يصوره شهيد يسعفه شهيد يحمله شهيد يودعه شهيد فكل من في غزة وفلسطين شهيد شاهد عليكم يوم الوقوف على رأس الأشهاد أمام رب العباد أعظم الله أجر فلسطين في أمة النيام، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل؛ وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى المؤمنين السلام.

            الباحث والكاتب الصحفي، والمفكر العربي والإسلامي المحلل السياسي، والأستاذ الجامعي غير المتفرغ

                                             أ.د. جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل 

                          عضو اتحاد نقابة كتاب وأدباء مصر، ورئيس الهيئة الفلسطينية للاجئين سابقًا 

 


calendar_month17/05/2025 08:26 pm