الحياة برس – في خطوة أوروبية غير مسبوقة، اقترحت المفوضية الأوروبية، يوم الاثنين الماضي، تجميد مشاركة إسرائيل في برنامج "هورايزون أوروبا" للبحوث العلمية، كوسيلة ضغط لوقف انتهاكاتها المستمرة في قطاع غزة، وعلى رأسها سياسة التجويع التي تحرم الفلسطينيين من الغذاء والماء والدواء، في خرق صريح لاتفاقية الشراكة الأوروبية.

يأتي هذا الاقتراح بعد مطالب متكررة من دول أوروبية، بينها هولندا والسويد، بالتحقيق في مدى التزام إسرائيل بالبند الثاني من اتفاقية الشراكة الموقعة عام 2000، والذي ينص على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية. وكانت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قد أكدت أن إسرائيل "تنتهك التزاماتها الحقوقية" بموجب الاتفاقية.

ويعد هذا الاقتراح أول تحرك عملي جماعي للاتحاد الأوروبي منذ بدء الحرب، لكنه لا يزال بحاجة لموافقة أغلبية معززة (15 من أصل 27 دولة تمثل 65٪ من سكان الاتحاد). في حين أعلنت أربع دول حتى الآن معارضتها، من بينها ألمانيا وإيطاليا، وسط توقعات بامتناع دول أخرى عن دعمه.

ويستهدف القرار المبدئي تجميد استفادة الكيانات الإسرائيلية من برنامج "مسرّع مجلس الابتكار الأوروبي"، وهو جزء من "هورايزون أوروبا"، ويمتلك ميزانية قدرها 10.1 مليار يورو مخصصة لتطوير تقنيات متقدمة تُستخدم مدنياً وعسكرياً، بينها الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة، وهما تقنيتان تعوّل عليهما إسرائيل في حربها على غزة.

وفيما وصف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الخطوة الأوروبية بـ"الخطأ الفادح"، أدانت وزارة الخارجية الإسرائيلية المقترح واعتبرته "تقويضًا لجهود إسرائيل الإنسانية"، رغم أن إسرائيل تُتهم باستخدام المجاعة كسلاح جماعي، وأكدت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية تجاوز عدد الشهداء في غزة 60 ألفًا، بالإضافة إلى أكثر من ألف شهيد منذ بدء توزيع المساعدات التي تديرها جهات أميركية-إسرائيلية.

ورغم تصاعد الغضب الشعبي والسياسي في أوروبا، لا تزال بعض العواصم الكبرى، وعلى رأسها برلين، تشكل عائقًا أمام إجراءات أكثر حزماً. فقد اعتبر مسؤولون ألمان أن "فرض عقوبات بين الأصدقاء غير وارد"، رغم الضغط المتزايد من دول أوروبية أخرى كإيرلندا، سلوفينيا، السويد، والنرويج، والتي اتخذت بالفعل خطوات تصعيدية مثل منع دخول وزراء إسرائيليين، أو حظر مرور الأسلحة إلى إسرائيل.

وتشير التقارير إلى اقتراب الاتحاد الأوروبي من امتلاك "الأكثرية المؤهلة" لاتخاذ خطوات أكثر صرامة تجاه إسرائيل، خاصة مع ازدياد عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، والتي من المتوقع أن تزداد خلال سبتمبر المقبل بانضمام فرنسا، البرتغال، فنلندا، ولوكسمبورغ.

ومع ذلك، لا تزال حالة الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي تمنع اتخاذ موقف موحد وحازم، ما يُبقي سياسة إسرائيل في مأمن مؤقت من العقوبات، رغم تصاعد الانتقادات الأوروبية والدولية لانتهاكاتها بحق المدنيين في غزة.

في هذا السياق، قال مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، روس سميث: "ما نشهده في غزة لا يشبه شيئاً في هذا القرن... إنها مأساة تذكرنا بكوارث مجاعة القرن الماضي في إثيوبيا وبيافرا".

يُذكر أن "هورايزون أوروبا" هو البرنامج الأضخم في تاريخ الاتحاد الأوروبي للبحوث والابتكار، بميزانية إجمالية تبلغ 93.5 مليار يورو للفترة من 2021 إلى 2027.


calendar_month01/08/2025 07:24 pm