
الحياة برس - يكتب حنان شاي في "يسرائيل هيوم" أن لدى الجانب اليهودي تاريخ طويل من الاستعداد لتقديم تنازلات وتقسيم البلاد مقابل إنهاء النزاع. الجانب الذي عارض التسوية باستمرار هم الفلسطينيون الذين لا يتخلون عن مطلبهم بإغراق إسرائيل بملايين اللاجئين الفلسطينيين.
ما كان لمشكلة اللاجئين أن تنشأ لو وافق عرب أرض إسرائيل على تقسيم البلاد، ولو لم يشاركوا في الحرب العربية الشاملة للقضاء على الدولة اليهودية، التي كانت قضية اللاجئين هي احدى عواقبها المأساوية.
لقد أيدت الإدارات الأمريكية مطلب إسرائيل بمنع إقامة دولة معادية ذات سيادة لا تعترف بحقنا في الوجود. لذلك فهم يشترطون السيادة الفلسطينية بالموافقة على حل وسط لتقسيم الأرض وحل "مشكلة اللاجئين" خارج إسرائيل - وهي فكرة رفضوها كثيرا.
وقد لوحظت مؤخرا العلامات الأولى للتغيير في الموقف الأمريكي التقليدي من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. لقد رأت إدارة أوباما، مثل غيرها من الإدارات السابقة، في القدس عاصمة لإسرائيل. ومع ذلك، من أجل الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة كوسيط عادل لتوجيه الأطراف نحو تحقيق سلام ديمقراطي يستند إلى حل وسط، لم يكن بمقدورها، وبحق، التصرف بطريقة أخرى في مسألة نقل السفارة.
لقد جعلت إدارة ترامب هذا الادعاء غير ذي صلة عندما قررت اتباع عادات المكان. بعبارة أخرى، استبدال المحاولة الفاشلة على مدار مائة سنة لتحقيق سلام ديمقراطي يقوم على حل وسط - في منطقة غير ديمقراطية وغير غربية - بالنسخة المحلية للسلام: السلام القائم على انصياع الضعيف "لمالك البيت" الأقوى منه، فيكون الضعيف كما الزوجة بالنسبة لزوجها، والقوى كرب السرة، زعيم القبيلة ، العشيرة ، رئيس الدولة، ورئيس قوة الرعاية الإقليمية والعالمية.
إن السلام المحلي هو في الواقع صورة عاكسة للسلام الديمقراطي، وقد نجح منذ عقود تقريباً في منع الحروب بين بلدان المنطقة التي تتقاسم الديانة نفسها. صحيح أن هذا السلام حرم سكان المنطقة من الحرية التي يتمتع بها المواطنون في الثقافة الديمقراطية. لكن مع كل المأساة الكامنة في الأمر، حافظ على الأقل على أرواحهم ومنعهم من القتل الجماعي المروع الذي لم يتوقف عن ضرب المنطقة منذ التحول الديمقراطي السريع لسكانها في بداية الربيع العربي.
يمكن الافتراض أن حكومة ترامب، بدعم من ائتلاف القادة السنة الذين يهددهم الشيعة، سيوجه الأطراف لقبول مقترحاتها بواسطة "الحلوى والهدايا"، مثل نقل السفارة إلى القدس. ويعتمد هذا على افتراض أن إسرائيل ستكون مستعدة للتخلي، في مقابل هذه الهدية الباهظة الثمن، عن مطلبها القديم والعادل بعدم السماح بتأسيس دولة معادية في المناطق التي تهدف سيطرتها الأمنية عليها، إلى توفير الأمن لها، طالما لم ينته الصراع بسلام (حقيقي يقوم على التسوية وحل مشكلة اللاجئين خارج إسرائيل).
يمكن الافتراض، أيضا، أن حكومة ترامب لن تنسحب من مبادرة "السلام" حتى لو تم رفضها من قبل الطرفين، بما في ذلك الجانب الإسرائيلي، على الرغم من الهدايا. إذا حدث هذا، فمن المعقول أن نفترض أن الحديث الناعم الذي ميز جهود السلام حتى الآن سوف يتم استبداله بعصا ضاربة.
نأمل أنه إذا لم يؤد استخدامها إلى تحقيق السلام المأمول، فإنها ستحقق على الأقل ترتيبات سياسية لن تضر بقدرة إسرائيل الحالية على الدفاع عن وجودها المادي بنفسها.
وربما يكمن هنا أيضاً ربح عظيم: تجديد شرعية وجود إسرائيل في المجتمعات الديمقراطية، التي تآكلت جدا في الجولات السابقة للسلام الطوباوي.