الحياة برس -" قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ، وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ"؛ إن الفضل درجة فوق العدل؛ فالعدل هو عمل الخير، والفضل هو خير العمل، فالعدل هو عمل الخير، والفضل هو خير العمل، و العدل هو أرضية القيم، والفضل هو قمة القيم؛ يقول الإمام العز بن عبد السلام في كتابه الموسوم ب "شجرة المعارف" : "العدل إحسان ، يتعدى نفعه إلى كل من يتعلق به من ظالم، ومظلوم، وغابن، ومغبون، و باذل، ومبذول له"؛ ويقصد بالعدل في معناه اللغوي : "المساواة"، أما اصطلاحًا: فيُقصد به: "القيام بالحد الأدنى في التصرفات، وإيفاء الحقوق"، فالعدل أن تأخذ مَا لَكَ، وتعطي ما عليك"، والعدل يبقى فضيلة من الفضائل، بل هو: "تارة يقال هو الفضائل كلها من حيث إنه لا يخرج شيء من الفضائل عنه"؛ وأما الفضل: "إحسان، ومجاوزة للعدل إلى ما هو أفضل منه وليس بواجب لكنه مستحب مرغب فيه، وشريعة الإسلام لكمالها قد شرعت العدل، وحذرت من الظلم، وندبت إلى الفضل وحثت عليه، ورغبت فيه؛ يقول العلامة الأمام الجليل الشيخ الدكتور محمد الشعراوي رحمه الله: "لقد سبَق الله - تعالى - المكلَّف بالإحسان، فخلَق له مقوِّمات حياتِه قبل أن يوجَد، ثم تركه يَرتع في نِعَمه دون أن يطالبَه بشيءٍ حتى بلغ سنَّ التكليف؛ فإذا ما كلَّفه اللهُ بعد سابقِ نِعَمه عليه، فعليه أن يُطيع هذا التكليف؛ جزاءَ ما سبَق من إحسان الله إليه الإحسان الأوَّل، وبذلك يكون الجزاءُ في الآخرةِ ليس على العمل، إنما محضُ فضلٍ من الله على عباده"؛ والقرآن بيّن أن السعداء من أهل الجنة، وهم أولياء الله نوعان؛ أبرار مقتصدون ومقربون سابقون، فالدرجة الأولى تحصل بالعدل وهي أداء الواجبات وترك المحرمات، والثانية لا تحصل إلّا بالفضل، وهو أداء الواجبات، والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات؛ وَالْعدْل عَدْلَانِ: عدل ظَاهر فِيمَا بَيْنك، وَبَين النَّاس وَعدل بَاطِن فِيمَا بَيْنك وَبَين الله، وَطَرِيق الْعدْل طَرِيق الاسْتقَامَة، وَطَرِيق الْفضل طَرِيق طلب الزِّيَادَة؛ ومن الأمثلة على العدل قوله تعالى:" وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا"، فهذا هو العدل، وتسمية جزاء السيئة سيئة من قبيل المشاكلة في اللفظ فحسب، وقد أرشد سبحانه إلى ما هو أفضل من الانتقام ورد السيئة بمثلها فقال سبحانه: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ"، فهذا هو الفضل، وهو خيرٌ لكم في دنياكم، وآخرتكم من الانتصار بالمعاقبة، فإن الصبر، والعفو، والإصلاح، وكظم الغيظ من أمهات الفضائل التي يسمو بها العبد، ويرفعه الله بها درجات، ويرد بها عدوَّه الألَد، ليصبح وليًّا حميمًا، وصديقًا مُصَافيًا، ومن الأمثلة على العدل، والفضل قوله سبحانهُ، وتعـــالى: "وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ"، تلك الآية تدُل على شرعية العدل مع الندب إلى الفضل؛ والشريعة الإسلامية شريعة عدل، وفضل؛ وإن دخول الجنة فضلٌ ورحمةٌ مِن الله عزّ وجل، وإنّ دخول الإنسان إلى النار بمحض العدلِ الإلهي، فالجنة فضل، ورحمة مِن قِبَلِ الله سبحانه وتعالى، وهذه الجنة جعل اللهُ ثمَنَها العمل، فإذا قرأت آية قرآنية تقول: "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، فبِفضل الله ورحمته يدخل المُسِلم الجنة، وبِحسب أعمالهُ تُرفع درجاتهم في الجنة، والله تعالى أعلى وأعلم. جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يَقُولُ: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لا وَلا أَنَا إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ"؛ قال تعالى: "لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ " ويدل قوله سبحانهُ وتعالى -: ﴿ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ على أنه لن يَدخُل أحدٌ الجنةَ بعمله، ولكن بمحضِ فضل الله ورحمتهِ؛ إذًا وعدُ الله للمؤمنين بالجنة تفضُّلٌ، وإنعام، نسأل الله عز وجل أن يدخلنا، وإياكم جميعًا الفردوس الأعلى في الجنة بفضلهِ، ورحمتهِ دون سابقةِ حسابٍ أو عذاب، وهو، وليُ ذلك والقادرُ عليه اللهم أمين...
الباحث والكاتب الصحفي، المحاضر الجامعي، والمفكر العربي، والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر
رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
المفكر العربي، الإسلامي والأستاذ الجامعي
dr.jamalnahel@gmail.com
calendar_month02/06/2021 02:29 pm