
الحياة برس - في مثل هذا اليوم 11 نوفمبر من عام 2004، قبل 17 عاماً، كان الشعب الفلسطيني على موعد من خبر مفجع ضج أركانهم في كافة أماكن تواجدهم وأصاب كل من أحب وأيد القضية الفلسطينية بحزن كبير، "إستشهد ياسر عرفات".
ولد الشهيد ياسر عرفات في مدينـة القدس، في 4/ أغسطس 1929، لأب تاجر، اسمه عبدالرؤوف عرفات القدوة. وأمه هي زهوة أبو السعود، من منطقة القدس؛ وتربطها صلة قرابة بمفتي القدس الراحل، الحاج أمين الحسيني، وهو واحد من سبعة أخوة، وإسمه الحقيقي "محمد عبدالرؤوف عرفات القدوة".
انتقل مع والده لمصر والذي كان يعمل في تجارة المواد الغذائية وكان يوزع الأجبان على كافة الدول العربية.
وشارك في المظاهرات المعادية للاستعمار الإنجليزي في مصر. وحضر كثيراً من الندوات السياسية، التي كانت تعقد فيها وقتئذ. وانضم في شبابه إلى الحركة الوطنية الفلسطينية؛ من خلال الانضمام إلى "اتحاد طلاب فلسطين" عام 1944، الذي ترأسه، بين عامَي 1953 و1968.
وشارك في تهريب الأسلحة والذخيرة من مصر إلى الثوار في فلسطين. وأسهم في حرب 1948، وخاصة حصار مستوطنة كفار داروم في غزة.
لال حرب 1948، كان عرفات إلى جانب عبدالقادر الحسيني -ابن عم المفتي، الحاج أمين الحسيني- وبعد النكبة، انتقل مع عائلته إلى غزة، التي كانت تحت الإدارة المصرية؛ ما ساعده على الوصول إلى القاهرة، ومتابعة دروسه في كلية الهندسة -جامعة الملك فؤاد الأول ـ (جامعة القاهرة الآن).
عام 1956، كان الشهيد ياسر عرفات ضابطاً احتياطياً، أرسل إلى بورسعيد؛ ليشارك في إطار سلاح المهندسين المصري، في عمليات نزع الألغام.
لقد حضر خليل الوزير (أبو جهاد) إلى القاهرة، عام 1956، لإكمال تعليمه. وبدأ التحـرك مع الشهيد ياسر عرفات، في اتجاه تشكيل حركة فلسطينية مستقلة. ووضعا معاً في القاهرة، المبادئ الأولية، التي انطلقت منها "حركة فتح".
عمل الشهيد ياسر عرفات، بعد تخرُّجه في جامعة القاهرة مدة سنتَين في المحلة الكبرى في مصر. وبعد ذلك، سافر إلى الكويت، للعمل فيها، في أوائل عام 1957. وكان مهندساً، يتمتع بكثير من التقدير والاحتـرام في وزارة الأشغال العامة في الكويت. وامتلك ثروة هائلة، كان ينفقها على تحركاته، وتحركات رفاقه، التي مهدت لإعلان "حركة فتح".
حضر الشهيد ياسر عرفات المؤتمر الفلسطيني الأول، في مدينة القدس، عام 1964، هو وبعض رفاقه من "حركة فتح"؛ على الرغم من اقتناعهم بأن المنظمة لن تفي بمتطلبات الشعب الفلسطيني؛ بسبب سيطرة بعض الدول العربية عليها. كذلك، زار عرفات بكين مرتَين قبل أن يصبح رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية: الأولى عام 1964، والثانية عام 1966، وأسفرت عن وعود بالمعونة، تجسدت بعد حرب يونيو 1967 إذ تلقّى العديد من الجماعات الفدائية التدريب العسكري منذ عام 1968، في معسكرات الصين.
كان أبو عمار ينفذ عمليات عسكرية ناجحة، تقلق أجهزة الأمن الإسرائيلي. وبلغ حرصه على سرّية العمل الفدائي، أنه مر أمام البيت الذي عاش فيه طفولته، في القدس نفسها؛ وكان أخوه واقفاً ببابه، فمرّ صامتاً، حتى إنه لم يلق التحية عليه؛ حتى لا ينكشف أمره.
بعد أن تسلُّم الشهيد ياسر عرفات رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ بادر إلى تدعيم موقف المنظمة، عالمياً؛ فزار الاتحاد السوفيتي، على رأس وفد منها، في فبراير 1970، تلبية لدعوة من اللجنة السوفيتية للتضامن مع بلدان آسيا وإفريقيا. وفي خلال الزيارة، اجتمع عرفات مع ممثلي الأوساط الاجتماعية السوفيتية، والشخصيات الحزبية والرسمية. وعلى أثرها، بدأت عملية تطوير التعاون بنجاح بين المنظمات السوفيتية والفلسطينية، الاجتماعية والثقافية والشبابية والنسائية، والاتحادات.
وفي السبعينيات، اشتد العمل الفدائي المسلح في الأراضي المحتلة. وواجهت منظمة التحرير أشد مشاكلها خطراً، وهي مشكلة الخلاف بينها وبين النظام الأردني، الذي أصدرت حكومته بياناً، في 10/ فبراير 1970، تضمن (11) نقطة، استهدفت التشدد مع حركـة المقاومـة، والسيطـرة عليها، والحـد من حركتها وفاعليتها.
لم يتوانَ عرفات في إنقاذ المنظمة؛ ولكن إصرار الأردن على خطته، أرغم الفلسطينيين على الدفاع عن أنفسهم؛ فكانت مذابح عامَي 1970 و1971، ولا سيما "أيلول الأسود" (سبتمبر) إيذاناً بنهاية الوجود الفلسطيني المتنامي في الأردن. وكانت تلك الضربة من أقسى الضربات، التي تلقتها قوات المقاومة الفلسطينية، منذ تكوينها. غير أن عرفات، استطاع أن يحافظ على كيان منظمة التحرير الفلسطينية، وقوى الثورة الفلسطينية؛ فخرج بقواته من الأردن إلى لبنان.
كان عرفات يشارك من حوله في صنع القرار واتخاذه. وهو رجل عسكري وسياسي واجتماعي؛ عنيد في بعض المواقف؛ ومقاتل شرس في مواقف أخرى. إنه يتمتع بإرادة حديدية، تنقذه من أيّ أزمة مهما اشتدت؛ وبدأ في مواصلة المسيرة خلافاً لظن خصومه، أنهم تمكنوا من السيطرة عليه، ودفعه إلى خارج مسرح الأحداث. والدليل على ذلك، ثباته على الرغم من خروجه من الأردن ولبنان.
كان عرفات يطلِع الزعماء والملوك والرؤساء العرب، على أوضاع الشعب الفلسطيني. فعشية مذابح "أيلول الأسود"، بعث إليهم ببرقية يطلِعهم فيها على الأوضاع في الأردن، وقال لهم: "اللهم، فاشهد أني بلغت".
لقد استطاع أن يضع منظمة التحرير الفلسطينية في معظم المحافل الدولية، في مكانة سياسية ودبلوماسية، ربما لم تحرزها أيّ حركة من حركات التحرير. فالمنظمة عضو مراقب في الأمم المتحدة، ودول عدم الانحياز، والدول الإسلامية، وجامعة الدول العربية، وعضو مراقب في منظمة الوحدة الإفريقية. وقد أنشأت في أكثر من مائة وسبع عشرة دولة: سفارات، وممثليات، ومكاتب، إضافة إلى الدعم السياسي، الذي تلقاه من جميـع حركـات التحـرر، والأحـزاب، والهيئـات التقدمية والعمالية.
لقد استطاع عرفات أن يبني علاقات سياسية بالدول العربية والعالمية؛ وكذلك علاقات اقتصادية. ووقّع اتفاقيات اقتصادية وخاصة مع الدول الاشتراكية -والمعروف دولياً أن اتفاقيات التعاون لا توقَّع إلا بين الدول- ولذا، كانت المنظمة هي أول حركة تحرير وطني في التاريخ، توقّعها. فقد أبرمت مثلاً، اتفاقية اقتصادية مع ألمانيا الديمقراطية؛ وفي أثناء التوقيع، قال وزير التجارة الألماني: "إننا نعرف مع من نوقِّع هذه الاتفاقية ولماذا؟. نحن نوقِّع اتفاقية مع منظمة التحرير؛ وهي حركة تحرير وطني ولكننا نوقِّعها، لكي ننقل اعترافنا بكم، من الاعتراف السياسي إلى الاعتراف بحق تقرير المصير على الأرض الفلسطينية نفسها".
عندما خرج عرفات من الأردن وأخذ يبني قواته من جديد في لبنان، كان هدفاً للهجمات الإسرائيلية، بدءاً بتلك التي وقعت في الأيام الأربعة الأخيرة من فبراير 1972، وانتهاءً إلى حصار بيروت، عام 1982.
أمّا حرب 6/ أكتوبر 1973، فقد كانت خيراً لمصر والأمة العربية، والقضية الفلسطينية؛ إذ شرعت أمام عرفات، أبواباً جديدة سوى باب الحرب؛ منها باب السلام، واعتراف الدول العربية عام 1974، بمنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. واعتراف الأمم المتحدة بها في 22/ نوفمبر 1974، عضواً مراقباً فيها.
لقد أعيد انتخاب عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، غير مرة. وحصل على عدة أوسمة وجوائز للسلام. ففي عام 1979، حصل على وسام جوليت نوري الذهبي، من مجلس السلم العالمي. وحصل عام 1981، على الدكتوراه الفخرية من الجامعة الإسلامية في حيدر آباد في الهند، ومن جامعة جوبا في السودان.
تكلَّل نضال الشهيد ياسر عرفات من أجل فلسطين، بعملية السلام، وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، ومرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية؛ فهو القائل: "عندما نبحث عن السلام وننادي به، فليس هذا جديداً علينا كثورة فلسطينية وكشعب فلسطيني؛ فنحن لا نقاتل من أجل القتال، ولسنا مرتزقة، ولا باحثين عن الحروب. ولكننا حملنا السلاح لمواجهة الظلم والاضطهاد والاحتلال، الذي واجه شعبنا، والاعتداء الذي حدث على أرضنا ومقدساتنا. والعالم كله يعلم ذلك، وكان معظمهم شهوداً على المأساة الفلسطينية".
وطالما تعرّض عرفات لعمليات اغتيال في مناطق مختلفة. وكان من أشهرها عملية حمام الشط في تونس، حيث هدمت الطائرات الإسرائيلية، في أكتوبر 1985، مبنى منظمة التحرير؛ ولكنه نجا واستشهد العديد من أبناء فلسطين في هذه العملية.
أعقب ذلك تعيين الشهيد ياسر عرفات، في 15/ أبريل 1968، ناطقاً رسمياً باسم "حركة فتح"، واستطراداً، باسم "العاصفة". وهكذا، حمل أبو عمار الأمانة، وبدأ يتحمل متاعب الشعب الفلسطيني، وتجشَّم مسؤولية نجاح الثورة الفلسطينية. وبدأت الاتصالات بين المنظمة و"حركة فتح" من أجل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الرابع، الذي انعقد في أكتوبر 1968، في القاهرة، حيث اتُُُّفِق علـى وضع الأسس اللازمة لإعادة تكوين منظمة التحرير الفلسطينية.
كما أرسى الشهيد ياسر عرفات الأسس الفكرية والسياسية والتنظيمية للمنظمة، بما يتفق وتطورات الأحداث خلال تلك الفترة؛ إذ مَسَّت الحاجة إلى تعديل الميثاق القومي والنظام الأساسي تعديلاً جوهرياً؛ وهو ما طالبت به "حركة فتح"، برئاسة أبو عمار.
لقد أصبحت الوحدة الوطنية الفلسطينية هدفاً كبيراً، ولكن وفقاً لمقولة عرفات: "لا نريد وحدة مكاتب، ولا وحدة مناورات سياسية؛ ولكننا نريدها وحدة حقيقية؛ تستمد نبضها من ميدان النضال". وأسفر جهده من أجل الوحدة؛ عن تنسيق قوات "العاصفة" وقوات التحرير الشعبية، عملياتهما في داخل إسرائيل.
وفي الأول من فبراير 1969، انعقدت الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني، بحضور جميع المنظمات الفدائية، باستثناء "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"جيش التحرير الفلسطيني"، اللتين عارضتا سيطرة "فتح" على معظم مقاعده. وانتهت الدورة إلى انتخاب الشهيد ياسر عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ وبذلك، تكون "حركة فتح"، قد انضمت للمنظمة، بل تولت رئاستها؛ فأصبح الناطق الرسمي باسمها رئيساً للجنتها التنفيذية.
منذ تلك اللحظة، بدأت المنظمة تزداد أهمية، على المستويات: السياسي، والعسكري، والاقتصادي، والاجتماعي، في الساحتَين: العربية، والدولية. حيث بدأ نشاطها يزداد في ضوء خطة العمل، التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني، وخصوصاً توحيد الكفاح المسلح الفلسطيني؛ إذ سعى عرفات إلى حل الخلافات الداخلية بين فصائل المقاومة الفلسطينية، فعقدت اللجنة التنفيذية اجتماعاً، في عمّان، في 16 و17/ فبراير 1969، وقررت تشكيل هيئة باسم "قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني"، بمشاركة تلك الفصائل كافة. كما اتخذت قراراً، يقضي بتطوير "جيش التحرير الفلسطيني"، وزيادة عدده وقدرته، وتطوير أسلحته. كذلك، اتخذت قراراً يضمن رعاية المرضى، والمصابين، والشهداء، والأسْرى من ذلك الجيش، ومن قوات التحرير الشعبية، والمدنيين الفلسطينيين في داخل فلسطين وخارجها. وتلك التطورات والإصلاحات، هي أول الثمار، في ظل رئاسة عرفات لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ياسرعرفات هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية من 5 يوليو 1994 حتى وفاته واسمه كاملا محمد عبدالرحمن عبدالرؤوف عرفات القدوة الحسينى واسمه الحركى (أبوعمار) وكان أبوه من غزة ويعمل بتجارة الأقمشة بالسكاكينى بمصر، وفى القاهرة تخرج عرفات في كلية الهندسة جامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة) وبعد تخرجه سافر للكويت وعمل مهندسا وهناك ولدت حركة فتح، وفى قمة القاهرة في 1964 تأسست منظمة التحريرالفلسطينية برئاسة أحمد الشقيرى وفى 3 فبراير 1969، تولى عرفات رئاسة المجلس التنفيذى لمنظمة التحرير الفلسطينية فأرسى سياسة المقاومة المسلحة وفى 1974 ألقى عرفات خطبة في الأمم المتحدة وكان بعد الخروج من لبنان ركز جهوده على العمل السياسى ثم تم إعلان الاستقلال الفلسطينى في 1988. وألقى خطابا في 13 ديسمبر أمام الجمعية العامة بجنيف ثم أطلق مبادرته للسلام بإقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، وبرعاية أمريكية بدأت مفاوضات سرية بين إسرائيل والمنظمة، أسفرت في 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو، حيث اعترف عرفات رسميا بإسرائيل والتى اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية وفى 1 يوليو 1994 عاد عرفات للأراضى التي أعلنت عليها السلطة وهى (أجزاء من الضفة وقطاع غزة) وتوقفت الأعمال المسلحة وفاز عرفات وإسحق رابين وشمعون بيريز بنوبل للسلام ثم انتخب رسميا كرئيس للسلطة الفلسطينية، وفى يوليو 2000 التقى رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود باراك في كامب ديفد لتوقيع اتفاقية حل نهائى، لكن عرفات اعتبر الحل المطروح منقوصا وألقت إسرائيل باللائمة عليه وبدأ الشد والجذب بين الطرفين ومنعته إسرائيل من مغادرة رام وحاصرته داخل مقره وفى أكتوبر2004 تدهورت صحته وأودع مستشفى بيرسى بفرنسا فى29أكتوبر 2004 وفيها توفى «زى النهاردة» في 11 نوفمبر 2004.
المصدر: وفا + وكالات مواقع مختصة