الحياة برس - نظمت اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم النصيرات لقاءً سياسياً حوارياً حمل عنوان " تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على القضية الفلسطينية " في قاعة بلدية النصيرات وسط قطاع غزة.

وكان ضيوف اللقاء الدكتور عبد ربه العنزي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الأزهر، والدكتور مصطفى إبراهيم الكاتب والمحلل السياسي، والأستاذ ماهر نسمان رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم النصيرات والمحاضر بجامعة القدس المفتوحة .

وحضر اللقاء حشد كبير من أعضاء اللجنة الشعبية والمثقفين والكتاب والأدباء والمخاتير ورجال الإصلاح وأعضاء دائرة الشباب وممثلات عن مؤسسات المرأة والمهتمين بالشأن السياسي الفلسطيني .

وافتتح اللقاء المدير الإداري للجنة عمر فارس أبو شاويش بالترحيب بالحضور وضيوف اللقاء، وتطرق بنبذة عامة إلى الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على القضية الفلسطينية وكيف كان موقف القيادة الفلسطينية من الأزمة الراهنة .

وفي كلمته، رحب ماهر نسمان رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم النصيرات بضيفي اللقاء وبالحضور كافة، معرباً عن شكره لكل من اهتم في حضور هذا اللقاء الحواري القيّم.

وأكد نسمان أن اختيار هذا العنوان لم يكن من فراغ، بل لأهمية القضية الفلسطينية عالمياً وأممياً ومدى وجودها على الساحة الدولية ، وبالتالي انعكاس كل حدث عالمي أياً كان على القضية الفلسطينية .

وأشاد نسمان بالموقف المتوازن للقيادة الفلسطينية في تعاملها مع الحرب الروسية الأوكرانية، داعياً الكل الفلسطيني إلى استلهام العبر من هذه الحرب خاصة وأن العالم والمشهد الدولي تعامل بازدواجية مقيتة مع المشهدين الروسي الأوكراني من جهة والفلسطيني الصهيوني من جهةٍ أخرى، إذ أن الشعب الفلسطيني يعاني الحروب والتشريد والنكبة منذ 73 عاماً ولم يحرك أحداً ساكناً مثلما نراه اليوم في الحرب الروسية الأوكرانية .

في حين استعرض الدكتور عبد ربه العنزي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر أسباب الحرب الروسية الأوكرانية وتحليل القوة الروسية كفاعل عالمي وازن لما يملكه من قوة عسكرية واقتصادية عالمية، وإرثه في النفوذ العالمي، واهداف روسيا في هذه الحرب، إلى جانب فرص تشكيل جبهة مع الصين كقوى عالمية.

وتطرق العنزي إلى الموقف الأوروبي واستبعاد فرص المواجهة العسكرية مع روسيا لأن دول الإتحاد الأوروبي لن تغامر باستراتيجيات التنمية والرفاه التي أسستها منذ الحرب العالمية الثانية لأجل أوكرانيا .

وبيّن العنزي الموقف الأمريكي الذي سيتجنب بدوره مواجهة عسكرية كونية نووية مع روسيا، ومحاولة أمريكا ستنحصر في توريط الروس في أوكرانيا على غرار التجربة السوفيتية في أفغانستان، وتشديد العقوبات الاقتصادية الضاغطة على الروس بالشراكة مع الأوربيين .

وأوضح العنزي تداعيات هذه الحرب على النظام العالمي وهي لن تقود بشكل فوري إلى تغيير النظام الدولي بقدر دفع هذا النظام إلى نموذج الانتقال التدريجي للفواعل الدوليين وللنظام الدولي الذي قد يتجاوز القطب الواحد، وعربياً سيكون لهذه الحرب تداعيات على الأمن الغذائي العربي وسلة الواردات الغذائية العربية التي ستشهد غلاءً واضحاً .

 وتطرق أستاذ العلوم السياسية إلى الموقف الاسرائيلي الذي وصفه بأنه موقف انتهازي بامتياز كونه هرب من الاصطفاف مع دول الحلفاء نحو دور وسيط يتجاوز الانحياز الذي قد يكلفه مستقبلاً خسارات سياسية أو اقتصادية .

أما فلسطينياً، أشار العنزي إلى أن هذه الحرب ستؤثر سلبياً على القضية الفلسطينية لانشغال العالم بتداعيات هذه الحرب على أوروبا والعالم، واحتمالات تقليص المساعدات الانسانية عن الفلسطينيين، وأن الخيار الأفضل للفلسطينيين عدم الانحياز إلى تبني موقف لصالح أحد الفرقاء تجنباً لأثمان قد يدفعها الفلسطينيون.

بينما قال الدكتور مصطفى إبراهيم الكاتب والمحلل السياسي " على الرغم من أن الموقف الفلسطيني الرسمي من الحرب الروسية الأوكرانية، اتخذ موقف الحياد الصامت حتى الآن، لكنه يعبر عن ضبابية وتشويش في الرؤية والاستراتيجية، وبعد مرور أكثر من 20 يوم على الحرب وتداعياتها المتسارعة، ولم تتخذ إجراءات وخطوات سريعة لتوظيف الحرب الكونية لمصلحة القضية الفلسطينية ".

وأضاف إبراهيم " في أتون الحرب المشتعلة يبدو أن الموقف الفلسطيني، يجد صعوبة في التعرف على التغييرات الجارية ومدى القدرة على استيعاب التحديات والمخاطر، وعدم التقدير حول انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على القضية الفلسطينية، وفي ظل الأزمة القائمة والمستمرة، يبرز السؤال الرئيسي ما هي حدود التأثير والتحديات أمام الفلسطينيين وصراعهم مع إسرائيل؟ وما هي قدرة الفلسطينيين على توظيف الأزمة لصالح القضية الفلسطينية أو الحد من أثارها السلبية؟ خاصة أن السياسات الإسرائيلية واضحة وترفض أي مسار سياسي، وتتمسك برؤية ما يسمى تقليص الصراع التي يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي - بينيت، والاكتفاء بالسياسة القائمة بالتسهيلات الاقتصادية، والتي تتعاطى معها السلطة، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية، باتت تتعاطى مع مقاربة الحلول الاقتصادية، وتأجيل البحث في أي حلول سياسية في المستقبل " .
وأشار إبراهيم أنه في ضوء ذلك، كيف للفلسطينيين الخروج من المأزق الداخلي، ومدى قدرتهم على توظيف الأزمة لإنهاء الانقسام والتوافق على برنامج وطني لمواجهة الاحتلال، والعمل على الاستفادة من الأزمة وخلق رأي عام دولي يساعد القضية الفلسطينية؟ خاصة بعد تكشير الولايات المتحدة والدول الغربية عن أنيباها، وما قامت به من فرض جميع أنواع العقوبات على روسيا، والموقف الأمريكي الغربي في ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، تجاه القضية الفلسطينية، وهي التي تصف المقاومة الفلسطينية بـ"الإرهاب" وتفرض الحصار عليها، في حين قامت بدعم أوكرانيا بالسلاح المتطور وفتح باب التطوع لدعم أوكرانيا، هذه المعايير المزدوجة والدفاع عن إسرائيل واستثنائها من العقوبات الدولية ومقاطعتها، والتي تمعن في انتهاكات القانون الدولي، على الرغم من الجرائم التي ترتكبها ضد الفلسطينيين منذ سبعة عقود، في تطبيق القانون الدولي، واحترام حقوق الإنسان الفلسطيني وحقه في تقرير المصير، وتجلي عنصرية إسرائيل في طرد اللاجئين الأوكرانيين، وصدور تقارير عن منظمات حقوق الإنسان الدولية وتصنيف إسرائيل على أنها نظام دولة نظام فصل عنصري، وهي كذلك وتمثل نظام استعماري استيطاني يشكل تهديدًا وجوديًا للشعب الفلسطيني، لذا أصبح من الضروري إنهاء الانقسام الفلسطيني فوراً، وإتمام المصالحة والوحدة الوطنية، لضمان نجاعة التحرك الفلسطيني في المحافل الدولية " 

وأكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن الحرب مستمرة ولم يعد مكان أو وقت للمناورة وانتظار الموقف الأمريكي والأوروبي الذي بات واضحاً بعدم وجود أفق سياسي، ويجب اتخاذ خطوات سريعة للتوافق الوطني واعتماد الفلسطينيين على ذاتهم في مجابهة العالم الظالم والكيل بمكيالين، ومن الممكن العودة إلى ما تم الاتفاق على ما تم عليه سابقاً، ومن غير الممكن التصديق بإجراء انتخابات محلية في ظل تأجيل الانتخابات العامة التي قد تشكل مدخل لإنهاء الانقسام، وهي فرصة مهمة في ظل الأزمة الكونية، وقد تكون اختبار للولايات المتحدة والدول الأوروبية وإسرائيل المنشغلة بالحرب الأوكرانية وتلعب دور الوسيط النزيه. قد تكون هذه الخطوة فرصة لوضع الولايات المتحدة والدول الغربية، أمام موقف قانوني وأخلاقي، والضغط على إسرائيل، وتعريتها أمام العالم أنها هي من تمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في الانتخابات واتمام العملية الديمقراطية ".

وجرى في ختام اللقاء فتح باب النقاش أمام الحضور والمشاركين، حيث اتسمت مداخلات الحضور بالوعي والثقافة الكبيرين وقوة الطرح والتساؤلات، مما أضفى نقاشاً حوارياً مميزاً وهادفاً على أجواء اللقاء .

عدسة / محمد توفيق صيدم

المصدر: الحياة برس 
calendar_month20/03/2022 09:41 am