لم يتوانى الغرب الأوروبي ـ الأمريكي عن وصف روسيا بأعتى الصفات، فقد وصف فيتالي نعومكين رئيس (معهد الاستشراق) في موسكو التابع لأكاديمية العلوم الروسية حالة الهستيريا الغربية ضد روسيا الاتحادية، على خلفية عملياتها العسكرية الجارية في أوكرانيا،في شكل تدابير عقابية صارمة جداً، لم تقف عند الحيز العسكري والعمليات العسكرية، عبر تسليح الجيش الأوكراني على أوسع نطاق بأعتى العتاد المتطور. ولا عند حزم العقوبات الاقتصادية التي يجمع الخبراء والمتخصصين على أنها ستعود بأضرار خطيرة على الاقتصادات الغربية لا تقل ، إن لم تزد على تلك التي ستعود على الاقتصاد الروسي نفسه، وشملت شخصيات يعملون في مجال الإبداع والثقافة كالفنانين والأدباء والرياضيين الروس، أفراداً كانوا أم جماعات.
وإذا كان من الممكن فهم دراماتيكية الحالة الأوكرانية التي تبدأ من تسليح أوكرانيا والضغط الاقتصادي على روسيا الاتحادية يندرجان في إطار المواجهة الغربية الأوروبية ـ الأمريكية ضد روسيا التي لم تنشأ مع دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقوات بلاده نحو الأراضي الأوكرانية، وإنما تعود إلى سنوات بعيدة، بل وعقود سابقة، فقد تعالت العديد من الأصوات من شتى بقاع العالم تعلن عن عدم استساغتها للعقوبات التي يفرضها الغرب الأوروبي ـ الأمريكي على روسيا الاتحادية في الحقلين الثقافي – الفني، والرياضي، والتي تشمل تخيير الفنانين الروس الذين يقودون فرقاً فنية ويدربون في معاهد وجامعات ونوادٍ في بلدان غربية بين الإدانة العلنية لسياسة بلدهم روسيا، أو فصلهم من أعمالهم.
ينبه فيتالي نعومكين في مقالة مطولة بهذا الخصوص والذي استخدم فيه مصطلح (روسوفوبيا)، إلى أنَّ الرأي العام في روسيا، باستثناء أقلية صغيرة، يتماسك دعماً لتحركات قيادة وجيش بلده، إلى حدّ أن هناك الكثير من الأصوات التي تعالت وتطالب باتخاذ إجراءات وعقوبات مضادة رداً على ضغوط العقوبات غير المسبوقة على جمهورية روسيا الاتحادية وشعبها، مشيراً إلى خطأ تعويل الغرب بكل مكوناته على أن إجراءاته هذه ستؤدي إلى إثارة احتجاج مدني واسع النطاق في روسيا الاتحادية، فما سيحدث هو عكس ذلك تماماً.
إنَّ مجرد سماعنا مصطلح (روسوفوبيا) سيتبادر إلى أذهاننا على الفور مصطلح (إسلاموفوبيا) الذي يعبِّر عن حال الكراهية والبغضاء التي تطول العرب والمسلمين جميعاً لدى دول وحكومات وقطاعات ليست قليلة من الرأي العام الغربي تحت تأثير الإعلام الموجه ضدهم، وتحميل كل من هو عربي أو مسلم وزر حماقات وجنون مجموعات صغيرة اختارت نهج التطرف والإرهاب، وتجلى هذا المصطلح (الإسلاموفوبيا) مؤخراً في تصريح لرئيس بولندا في معرض تباهيه باستقبال بلاده للاجئين الأوكرانيين، ورئيس الوزراء ماتيوش مورافيتسكي حين ردّ على سؤال حول عدد من استقبلتهم بولندا من المسلمين أجاب: صفر. 
وكما يستثير مصطلح (الإسلاموفوبيا) في نفوسنا جميعاً الغضب والرفض القاطع، لنا أن نتوقع أنَّ مصطلح (الروسوفوبيا) يثير في نفوس الشعب الروسي نفس المشاعر بصرف النظر عن موقفهم من حكومتهم وقيادتهم، فلا يوجد مواطن روسي يمكن أن يرضى بحظر ألحان الموسيقار العبقري العالمي تشايكوفسكي التي منها : ( بحيرة البجع ،وكسارة البندق، والجمال النائم )، أو منع الفنانين الموسيقيين الروس المشهورين عالمياً من تقديم حفلاتهم، أو بإقصاء الرياضيين والمدربين الروس من منافسات الألعاب العالمية. لقد كشفت الحرب في أوكرانيا قدراً كبيراً من العنصرية والاستعلاء تجاه الآخر.
calendar_month27/03/2022 10:35 am