قضية التعليم كانت ولا تزال هي الأساس ،والبند الأول على لائحة التقدم والتحديث والتطوير، ومعايير النهضة، لذلك ارتبطت عمليات التغيير الكبرى لمختلف الشعوب بمختلف اتجاهاتها إلى الأفضل بالتركيز على التعليم والعلم والمعرفة والارتقاء بهم ليكونوا مدخلًا رئيسياً للوصول إلى الحداثة، ونتائجها الهامة ،واقتحام أسوار المعاصرة ومعاقلها لترتقي الشعوب وتنهض الأمم، وليست تجارب غيرنا في هذا المجال خافية على أحد،فالتجربة الماليزية والسنغافورية كانت خير شاهدٍ على ذلك. ولو سألنا الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد، والسيد (لى كوان يو) مؤسس حزب العمل الشعبي وأوَّل رئيس لجمهورية سنغافورة. وغيرهما من قادة الدول الآسيوية الصغيرة عن سر نجاحهم الذي مكنهم من العبور في العقود الأخيرة وتجاوز أسوار وحواجز الفقر والمرض والتخلف .لاكتشفنا أنَّ التعليم كان هو المتغير المستقر الذي تبعته جميع التحولات والمتغيرات الأخرى في تلك البلاد بعد ذلك، لذا فالتعليم هو بحق بوابة الطريق إلى المستقبل المنشود، وهو كسلاح المحارب في الحياة ،والذي يحمله كأنما يحمل جواز سفر شرعي يسمح له بالمرور إلى آفاق واعدة ومستقبل زاهر .وهو مركز الحديث عن التغيير النوعي والنقلة الحقيقية للأفراد والجماعات.
في فلسطيننا الحبيبة يعتبر التعليم من أهم الجوانب الضرورية للغاية في حياة شعبنا العربي الفلسطيني، فبسبب حالة اللجوء وظروف النكبة عام 1948والنكسة عام 1967م ونزوح مئات الآلاف عن أراضيهم وفقدانهم أملاكهم ومقومات استقرارهم وحياتهم، أصبح التعليم حاجة ماسة وضرورية بشكلٍ تعويضي عن الفقد والضياع والتشتّت،وبسبب فقدان مصادر الرزق الأخرى المتمثلة بالزراعة والصناعة والتجارة لدى شريحة عريضة من الشعب الفلسطيني. فكانت وما تزال العائلة الفلسطينية مستعدة للتضحية بأساسياتها من أجل تأمين تكاليف تدريس أبنائها في المعاهد والجامعات، وهي في المقابل تعتمد على مساعدة هؤلاء الأبناء المادية المنتظمة حين حصولهم على وظائف، في الخارج على الأغلب. إذن من الطبيعي جداً أن يعمل الطلاب الفلسطينيون وذووهم المستحيل من أجل الحصول على قبول في إحدى الجامعات المحلية داخل فلسطين ،وفي جامعات الدول العربية إن تيسَّر ذلك، وان عجزوا عن ذلك فلن يترددوا بتحمّل نفقات التعليم في الجامعات الأوروبية أو حتى في الولايات المتحدة الأمريكية. لا بل وصل الطلاب الفلسطينيون إلى العديد من الجامعات الآسيوية من بنغلادش مروراً بالهند والباكستان وحتى فيتنام. 
 إنَّ حدود الاشتباك بين التعليم كقضية أساسية هامَّة وبين متغيراتٍ عديدة ،تدور حوله وتحدد إطاره الحقيقي، من تلك المحدِّدات أنه يتعيَّن علينا أن نعترف بدايةً وهو أمرٌ هام ،أنَّ التعليم هو المحرك الأقوى نحو الصعود الاجتماعي والطبقي،وهو الذي سيؤدي حتماً إلى امتلاك عناصر القوة والدفاع عن الوطن السليب، ودليلنا على ذلك أنَّ سنوات الحراك الاجتماعي قد اقترنت بدرجة الإتاحة الموجودة للتعليم العام الذي ترعاه الجامعات والمؤسسات والوزارات والهيئات الفلسطينية، إذ لاحظنا أن التعليم لا يؤدى إلى الصعود الاجتماعي والوطني فقط، ولكنه يقترن أيضًا بالرقي الأخلاقي واحترام القيم والأخلاق الإنسانية النبيلة الجديدة لجميع فئات الشعب التي ينتمي إليها المتعلمون، كما أدّى التقدم التكنولوجي الناجم عن توظيف التعليم فى خدمة الصناعة والعمل والانتاجج بشكلٍ عام إلى مشهدٍ مختلف يكاد يؤدي إلى فجوة كبيرة بين الأجيال نتيجة القفزات الهائلة على صعيد التكنولوجيا والتطور التقني في العقود الأخيرة، حتى إن بعض الاختراعات لا تجد طريقها إلى التنفيذ لأن بدائل أفضل تلاحقها باستمرار. وقد شهدت فلسطين عدداً هائلاً من الاكتشافات والاختراعات الهامة. كما تم تسجيل عشرات بل مئات براءات الاختراع في معظم دول العالم قدمها فلسطينيون .  
 الجدير بالذكر أنَّ نسبة التعليم المدرسي في فلسطين مرتفعة جداً، وهي تقارب ثمانٍ وسبعون بالمائة لدى كلا الجنسين، ولكن هذا لا ينفي وجود عقبات ومشاكل التسرب من المدارس وعمالة الأطفال .بخاصة في ظل الاحتلال والحروب المتتالية والاقتحامات والاعتقالات والقمع والبطش المنظم. وعلى الرغم من كل ذلك بلغت نسبة الطلبة الفلسطينيين الملتحقين بالمدارس الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة حوالي ثلاث وسبعون بالمائة، أما الباقي فموزعون على مدارس الوكالة التابعة للأمم المتحدة UNRWA بنسبة أربع وعشرون بالمائة، والمدارس الخاصة بنسبة ستة بالمائة فقط. 
في حقيقة الأمر كانت المناهج المدرسية في الضفة الغربية وقطاع غزة نسخة عن تلك المناهج الموجودة في جمهورية مصر العربية ،والمملكة الأردنية الهاشيمية، وبقي ذلك الوضع قائماً حتى العام 1998 م حيث تم إقرار إنشاء مناهج فلسطينية خاصة وموحَّدة في كلٍ الضفةِ الغربية وقطاع غزة، وقد تم البدء بإستخدام هذه المناهج في المدارس بدءاً من السنة الدراسية 2000 ـ 2001 م وذلك للصفوف الأول والسادس الإبتدائي على أن يتم استبدال المناهج الدراسية القديمة خلال اربعة سنوات. 
في هذا السياق يجدر بنا أن نذكر أنَّ في فلسطين عدد كبير من الجامعات، ولدى أبناء شعبنا العربي الفلسطيني نسبةً عاليةً من التعليم العالي وحملة الشهادات الجامعية، ولغات التدريس الأساسية المعتمدة هي اللغة العربية والإنكليزية.
 من الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية جامعة القدس، وجامعة القدس المفتوحة، جامعة بير زيت، جامعة النجاح الوطنية .جامعة الخليل ، جامعة بيت لحم ، الجامعة العربية الأمريكية في مدينة جنين، جامعة الخليل، وجامعة البوليتكنيك. 
أما الجامعات في قطاع غزة هي : جامعة فلسطين، جامعة الأزهر في غزة، الجامعة الاسلامية في غزة ،جامعة القدس المفتوجة، وجامعة الأقصى . 
أما الحديث عن الأمية في فلسطين ونسبتها فإنَّ جميع المعطيات والاحصاءات تؤكد أنها متدنية للغاية قياساً ببلدان عربية أخرى فمثلاً بلغ معدل الأمية بين الأفراد الذين لا تزيد أعمارهم عن خمسة عشر سنة فأكثر في فلسطين ثمانين ألف وأربعمائة أميّ وأميّة بين الذكور والإناث ،أي ما نسبته إثنان وستة بالعشرة بالمائة في العام 2019 م بواقع واحد وإثنان بالعشرة بالمائة بين الذكور، وأربعة وواحد بالعشرة بالمائة بين النساء.وهي بالطبع نسب ضئيلة جداً . 
في الختام يجدر بنا التأكيد على أنَّ معدلات الالتحاق بمؤسسات وهيئات التعليم في فلسطين مرتفعة جداً وفقاً للمعايير الإقليمية والدولية. وهذا هو سبب تفوق الشعب الفلسطيني لأنَّ التعليم له أهمية كبيرة بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني .
calendar_month27/04/2022 02:41 pm