نتيجة لحالة الصراعات العنصرية المتفاقمة في الغرب الأوروبي ـ الأمريكي ضد الغير. وتلوث المفهوم الإنساني القيمي، ونتيجة لتزايد نشاط القوى اليمينية الشعبوية المتطرفة ووصولها للسلطة في بعض بلدان أوروبا مثل مملكة السويد وإيطاليا، واقتراب وصولها إلى السلطة في فرنسا والنمسا وبعض الدول الأخرى. فقد جرت العديد من الحوارات الساخنة في العديد من دول العالم تبحث عن هوية الجماعة لمجتمع كامل متكامل في محيط جغرافي محدّد. بحثت العديد الظواهر العنفية والعنصرية مثل العمنف العالمي العابر للحدود والأديان والقوميات واللغات. وكل ظاهرة من تلك الظواهر لها ظروفها وأسبابها الفكرية والثقافية والاجتماعية والدينية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية . 
لقد أثبتت الدراسات والأبحاثالتي قدمها العديد من المتخصصين أنّ التعصّب يولِّد العنف الذي ينجب التطرف بكل أشكاله، والتطرف إذا ما تحوّل إلى منهج وسلوك، ودخل مرحلة التنفيذ على أرض الواقع يصير عنفاً، والعنف إذا ضرب بشكلٍ عشوائي يتحوَّل إلى إرهاب، ولعلّ بعض من يمارس العنف الناتج عن التطرف للانتصار على الآخر أو لإجباره على الرضوخ وتحطيم معنوياته، إنما يمارسه ضد ذاته أيضاً حين يسعى الإضرار بالغير وتدمير الآخر، فيكون قد لوّث ما تبقى من قيم إنسانيته أيضاً. 
لقد ترك لنا التراث الكثير من المفاهيم والأفكار والأخبار والأجداث التي تؤكّد أنّ العنف قد ساد أطول مدة . معتبراً أنَّ اللا عنف هو استثناء من تاريخ البشرية . وهذا مرده إلى أنَّ ثقافة اللا عنف ما تزال بعيدةً عن التحقق ومحدودة ، بل يجمع البعض بأنَّ اللا عنف مشكوك فيه في بعض الأحيان .باعتبار اللا عنف خياراً غير صائب وغير واقعي إضافةً إلى أنّه غير مقبول، وكأنه يسم من يؤمن به بأنه مهادن أو يتبع مساومة مريبة فيها خداع. وفي أحسن الظروف يمكن أن يكون خياراً متعالياً على الحقيقة والواقع. وذلك لأنَّ العنف هو الذي يسود ويطغى على السلوك الحياتي والعقول بشكلٍ عام.
والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو : هل تجدي مواجهة الحقد بالحقد، والعنف بالعنف، والكراهية بالكراهية ؟ . وإلى أي مدى ستتوقّف مثل تلك المواجهة المفتوحة على مصراعيها، بالفعل وردّ الفعل ؟ وهكذا ستستمر اللعبة إلى ما لا نهاية ،وحسب مؤسس ديانة أو فلسفة البوذية، غوتاما بوذا (الحكيم)، أو (المستنير)، ذو البصيرة النفاذة يقول : إذا رددنا على الكراهية بالكراهية ،والحقد بالحقد ، والعنف بالعنف ،فمتى ستنتهي الكراهية ويتنهي الحقد والعنف؟ واللّاعنف هو مقاومة لها خصائصها ومميزاتها التي يتم ممارستها بوسائل ناعمة، كما يمكنني القول: حربان لا يولِّدان سلاماً، ورذيلتان لا تنجبان فضيلةً، ، وجريمتان لا تصنعان عدالةً ومساواةً، مع معرفتي إن الدعوة للّاعنف تحمل استثناءات تقرّها التشريعات والقوانين الوضعية والسماوية والهدف منها (الدفاع عن النفس (وهو عمل جاد ومشروع بكل المقاييس .
وثمّة خطٌّ فاصل تاريخياً بين الأجساد البشرية الجديرة بأن تكون محميّة وتعيش بأمان، وبين تلك التي تجرّد من السلاح ومن حقّها بالحماية والدفاع عن نفسها وتترك عزلاء. هذا التجريد المنهجي من السلاح يعيد السؤال حول مسألة اللجوء إلى العنف بكل أشكاله دفاعاً عن النفس عند كل حركة تحررية.  
 لقد كان لصدور المرسوم الذي صدر في فرنسا من طرف الملك لويس الرابع عشر بعنوان ( القانون الأسود ) الذي حدّد شروط العبودية في الامبراطورية الفرنسية وقيد أنشطة الزنوج الأحرار، وجعل الدين الكاوليكي الروماني إلزاميًا، وأمر جميع اليهود 
 بالخروج من مستعمرات فرنسا.هذا القانون الذي ظهر عام 1685 م حظر على العبيد حمل أي سلاح هجومي أو عصا غليظة. وفي القرن التاسع عشر، منعت الدولة الاستعمارية السكانَ العرب المسلمين المحليين في الجزائر من حملالأسلحة، فيما شرّعته للمستوطنين الفرنسيين. أمّا اليوم، فحياة البعض باتت ضئيلة إلى حدّ يمكن فيه قتل مراهق بحجّة أنّه مصدر تهديد. 
 تعيد الباحثة الفرنسية إلزا دورلين رصد مقولة العنف تاريخياً وفلسفياً .كما تعيد إلى الذاكرة نشأة الدفاع السياسي عن النفس بوصفه حق وصيرورة سياسية وضرورة حيوية وإحدى نهج وممارسات المقاومة. وتخلص إلى أن الأمر يتعلّق بإنتاج كائنات إنسانية تعيش بيننا، كلما زادت قدرتها على الدفاع عن نفسها، عجّلت لقاءَ حتفها.
لقد أكّدت الباحثة إلزا دورلين على أنَّ من لديه الحق في الدفاع عن نفسه؟ ومن الذي يجد نفسه مستبعداً من هذا الامتياز؟ من له الحق في امتلاك السلاح ومشروعية استخدامه، إن للهيمنة والسيادة أو للدفاع عن النفس؟ هل هو الفرد أو العرق أو الطبقة أو الدولة، تبعاً لامتيازات عرقية أو طائفية أو مذهبية أو طبقية أو جندرية؟
في سياق البحث عن فلسفة العنف نجد أنَّ المفكر والفيلسوف السياسي الإيطالي نيكولو دي برناردو ماكيافيلي الذي عاش إبان عصر النهضة.قد وضع أيديولوجية خاصة في (فلسفة العنف) من خلال شعاره الذي طرحه في كتاب (الأمير) : ( الغاية تبرر الوسيلة) . 

لم يتم نشر كتاب (الأمير) إلا بعد وفاة نيكولو مكيافيلي بخمس سنين، ولذا لم يفهمه البعض وهاجموه حتى أصبح اسمه ملازماً للشر دائماً حتى في مجال الفنون الشعبية. وأول من هاجم نيكولومكيافيلي هو الكاردينال بولس االذي أمر بتحريم الإطلاع على كتاب (الأمير) ونشر أفكاره السوداوية، وكذلك أنتقد الكاتب غانتيه في مؤلفٍ ضخم أفكار نيكولو مكيافيلي، ووضعت روما كتابه عام 1559 ضمن الكتب الممنوعة وأحرقت كل نسخة منه.
ولكن وعندما بزغ نور عصر النهضة في أرجاء أوروبا ظهر هناك من يدافع عن نيكولو مكيافيلي ويترجم كتبه. ولم يصل مكيافيلي وفكره لما وصل إليه الآن إلا في القرن الثامن عشر عندما مدحه الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو،و الفيلسوف الألماني يوهان غوتليب فيشته. وأحد أبرز مؤسسي الحركة الفلسفية المعروفة بالمثالية الألمانية، وشهد له الفيلسوف الألماني جورج فيلهلم فريدريش هيغل الذي يعتبر أهم مؤسسي المثالية الألمانية في الفلسفة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. والذي طوّر المنهج الجدلي بالعبقرية. ويُعتبر مكيافيلي أحد الأركان التي قام عليها عصر التنوير في أوروبا.
لقد كان العنف لدى بعض المسارات الآيديولوجية الشمولية نظرية منهج وعمل وحياة. وإذا كنّا لا نستطيع قراءة النوايا والتحكم بالغايات، لكننا يمكن أن نتحكّم بالطرق والوسائل، فالوسيلة أو الطريقة هي مرآة الغاية التي تعكس صورتها الحقيقية وجوهرها ومضمونها، لأن الأيديولوجيا مجرّدة ، في حين أن الوسيلة متعيّنة وملموسة، والغاية تخص القادم والمستقبل، أما الوسيلة فتعني الواقع الحالي والحاضر الذي نعيش.
calendar_month01/12/2022 02:04 pm