بقلم / ناجي العلي

في زمن الردّة السياسية، صرنا نرى بعض المنصات التي تحمل اسم "فلسطين" وهي أبعد ما تكون عنها، تمامًا مثل البائع الذي يضع لافتة "عسل نقي" على برميل مليء بالقطران. "فلسطين ميديا" ليست منبرًا للحقيقة، بل دكانة صغيرة تبيع الأكاذيب بالتجزئة، وتوزع الفتن بالمجان على المخيمات.

منشورها الأخير عن زيارة اللواء العبد إبراهيم إلى بيروت ليس خبرًا، بل وجبة سمّ إعلامي مصنوعة بعناية، تحاول دسّها في صحن الرأي العام الفلسطيني واللبناني.

بدأت المنصة بيانها بعبارة "معلومات خاصة" دون أن تقدم أي مصدر موثق أو دليل ملموس، مما يثير الشك حول مصداقية ما تنشره. الإعلام المحترف يبني معلوماته على وثائق، لا على جمل فضفاضة تُستعمل كبوابة لإطلاق الشائعات والفتن.

أما الإشارة إلى "وصول رئيس لجنة الموفنبيك على رأس وفد رفيع من رام الله" في إساءة واضحة لللجنة التي جاءت لإنصاف الناس وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني ، وهي محاولة لتصوير حدث طبيعي في العمل التنظيمي وكأنه مؤامرة. النظام الداخلي لحركة فتح يجيز التنسيق بين المركز والأقاليم، وهذا يشمل زيارات الوفود لمتابعة شؤون الأقاليم والمخيمات، وهو أمر اعتيادي في أي تنظيم.

ثم قفزت المنصة إلى اتهام الوفد بأنه جاء "لاستكمال فصل كوادر من حركة فتح وتعيين آخرين موالين لسلطة رام الله"، دون أي دليل رسمي أو إشارة لإجراءات تنظيمية. قرارات الفصل أو التعيين تمر بسلسلة من الخطوات القانونية والتنظيمية، تتضمن لجان التحقيق، وحق الدفاع، والاستئناف. تجاوز هذه الحقائق ونشر اتهامات مباشرة يُعد تشويه سمعة يخضع للمساءلة القانونية وفق قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني.

كما أشارت إلى "عقد عدة اجتماعات لكوادر الأمن الوطني في لبنان"، وكأنها جريمة أو سر خطير، في حين أن هذه الاجتماعات هي من صميم عمل الأمن الوطني لحماية المخيمات، وتُعقد بشكل دوري منذ سنوات، ولا علاقة لها بأي أجندة إقصائية.

واختتمت المنصة بادعاء أن هذه التحركات تهدف لجعل "الساحة الفلسطينية في لبنان تتبع بالمطلق لسياسات وقرارات سلطة رام الله على المستويات التنظيمية والإعلامية والعسكرية والمالية". هذا الطرح يتجاهل حقيقة أن الساحة الفلسطينية فيي لبنان كانت دائمًا جزءًا من القرار الوطني الفلسطيني الموحد، وأن التنسيق مع القيادة المركزية هو مبدأ أساسي في الحفاظ على وحدة العمل، وليس خضوعًا أو تبعية عمياء.


إن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، التي قدمت الشهداء والأسرى والجرحى منذ انطلاقتها، لن تسمح لأصوات الفتنة ولا لأقلام مأجورة أن تعبث بوحدتنا أو تمسّ تضحيات مناضلينا. من يحاول شق الصف أو بث السموم في ساحاتنا، إنما يخدم أجندات خارجة عن مشروعنا الوطني الفلسطيني، وسيجد أن جماهير فتح في كل الساحات، وفي لبنان خاصة، عصية على الانكسار والاختراق.
فتح كانت وستبقى وفية لدماء الشهداء، متمسكة بوحدة شعبنا، ماضية في درب النضال حتى النصر، ولن تترك الميدان إلا مرفوعة الراية، مهما علا نباح المتسلقين وتجار الأزمات.


وأخيرا إلى الأقزام في "فلسطين ميديا": ما تفعلونه ليس إعلامًا وطنيًا، بل تحريض مكشوف ضد وحدة الصف الفلسطيني. منشوراتكم ليست سوى قنابل فتنة تحاولون زرعها في ساحات المخيمات، لكن أبناء شعبنا الفلسطيني وكوادر حركة فتح أوعى من أن يقعوا في فخكم. ستبقى الحقيقة شوكة في حلق كل من يتاجر بالقضية، والتاريخ سيكتب بأحرف واضحة: من خان قلمه، خان وطنه.
calendar_month15/08/2025 05:53 pm