الحياة برس - فادية عليوة - مظلة عابرة للحدود "داعش" أتت ما بها من سموم وأعدت ما استطاعت من قوى الظلم لهجمات خطط لها في سوريا ونفذت بكل احترافية في "باريس" بتواطؤ فرنسي لتضرب عمق أوروبا ويصبح المسلمين كبش فدا لتهديدات حملت شعار "الموت للمسلمين " .هذا ما شهدته العاصمة الفرنسية باريس في 13 نوفمبر 2015 من خلال سلسلة هجمات " ارهابية " منسقة شملت عمليات اطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن خلفت أكثر من 129 قتيلا لتشكل نقطة تحول فارقة في الحرب العالمية على الإرهاب بالنظر إلى التحول النوعي في عمليات التنظيمات الإرهابية في الدول الغربية ، والسياقات المعقدة التي صاحبت حدوث هذا الهجوم، مما دفع عددًا كبيرًا من المحللين لرصدها والكشف عن دلالاتها.وفي هذا السياق كان لنا لقاء مع الباحث والمحلل السياسي منصور أبو كريم دائرة أبحاث الأمن القومي في مركز التخطيط الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير و عضو الشبكة العربية لكتاب الرأي والإعلام والذي أجرى مؤخراً دراسة عن "تفجيرات باريس وإستراتيجية نقل المعركة".حيث تناول فكرة "الدولة الإسلامية" الملقبة بـ "داعش" وتمددها، وفسرها من خلال دراسة متأنية، وفهمٍ عميق للخلفيات والأرضيات التي أسهمت في نشوء هذه الظاهرة وما ترتب عليها من تداعيات مهمة على مستوى كثافة الحرب الدولية على الإرهاب .واعتبر منصور أن تغيرًا جوهريًّا على مستوى محاور المواجهة بين التنظيم والدول الغربية ، والعمليات العسكرية في سوريا والعراق، والتعامل مع اللاجئين في الدول الأوروبية، فضلا عن التوجهات السياسية للرأي العام الأوروبي، وصعود التيارات اليمينية والقومية، مضيفا أن استراتيجية تنظيم الدولة " داعش "، الجديدة تقوم على نقل المعركة إلى أرض الخصم من خلال الضرب بقوة في عمق أوروبا بهدف الضغط على أوروبا من أجل تخفيف الضربات الغربية على التنظيم في المنطقة العربية مما تعتبر بداية تغيير في استراتيجية التنظيم ، وتحول الاهداف المعلنة من خلال انتقال مركز العمليات الي أوروبا بعد التضييق عليها في سوريا والعراق وسيناء والمناطق الاخرى بهدف نقل المعركة للقارة العجوز من أجل ارغام الدول الاوروبية على وقف الضربات الجوية التي تحاول الحد من قدرة التنظيم على السيطرة علي مناطق شاسعة في الدول الغربية وتوسيع نطاق تواجد التنظيم لكي يشمل أوروبا وأمريكا، بما يعني أن التنظيم أصبح ظاهرة عالمية وليس مجرد تنظيم اقليمي.ومن الجدير ذكره أن فرنسا قد شنت غارات على أهداف مختلفة في الشرق الاوسط بما في ذلك سوريا منذ اكتوبر كان دافع داعش الانتقام من المشاركة الفرنسية في الحرب الاهلية السورية .
وعن أسباب استهداف التنظيم لفرنسا أرجعها منصور لعدة نقاط أهمها ._الوجود العربي و الاسلامي في فرنسا "ثمانية ملايين "_المقاتلون الفرنسيون الذين انضموا الي صفوف داعش ما يقارب "900" مقاتل ._العداء تجاه فرنسا نظرا لنشاطها تجاه محاربة التنظيمات " الارهابية ".
و وفقا للبيان الذي اصدره تنظيم الدولة في 14 من نوفمبر متبنية سلسلة الهجمات وما حمله من دلالات._ الغزوة التي يسر الله لها من الاسباب ._ الثلة المؤمنة وما يقصد منه من الخلايا النائمة ._ التهديد والإنذار والوعيد الذي ملئ البيان .عقب ذلك إعلان الرئيس الفرنسي اعتبار هجوم داعش بمثابة إعلان حرب، وتعهد و بمواجهة التنظيم بلا هوادة مما استدعى من فرنسا تأمين الجبهة الداخلية و تكثيف انخراطها في حرب خارجية ضد الإرهاب.هجمات باريس وهل تعزز فرضية التدخلات العسكرية الميدانية المباشرة في المنطقة أوضح منصور أن دول حلف الناتو استخدمت القوة الناعمة في وقت طويل خلال الفترة السابقة ، إلا أن الهجمات الأخيرة في باريس تثبت أن هذه القوة أصبحت نظرية متأخرة للقضاء على داعش في الشرق الأوسط، مضيفا أن الحكومة الفرنسية تستعد لاستجابة عسكرية محتملة، لحلفاء فرنسا العسكريين في حلف الشمال الأطلسي بما في ذلك الولايات المتحدة ، بما يعني إمكانية عمل عسكري بري تحت قيادة حلف الناتو، وبمشاركة عدد من الدول العربية، من أجل مواجهة هذه الظاهرة التي باتت تؤرق الجميع.وعن استغلال إسرائيل لهذه العمليات وتوظيفها بما يخدم مصالح حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل أكد " منصور " أن إسرائيل حاولت الربط بين تفجيرات باريس الدموية والممارسات الإرهابية للجماعات المسلحة ، وبين المقاومة في الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي بهدف تشويه صورة النضال الوطني الفلسطيني ووصمه بالإرهاب والتملص من عملية السلام ، واستغلال هذه الأحداث في بناء العديد من المباني في المستوطنات.الأمر الذي يمكن أن ينتج عنه تداعيات كبيرة على القضية الفلسطينية من خلال محاولة استغلال اسرائيل هذه العمليات في وصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ، كما حدث بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر ، وزيادة الهجرة اليهودية لإسرائيل كون أن الوضع في أوروبا اصبح يشكل خطراً على الأمة اليهودية.ويرى "منصور" أن المخاوف الحقيقيه تكمن في توجيه أصابع الاتهام إلى الدول العربية عامًا والمسلمين تزامن مع أي حادث إرهابي ، لتتعالي بذلك صيحات اليمين المتطرف الأوروبي ضد وجود الإسلام هناك، وهو ما يجعل مسلمي الدول الغربية يدفعون ثمن تطرف الإرهابيين ، من خلال المزيد من التضييق على حرياتهم وحملات الاعتقال التي تستهدفهم ليصبحون أكثر عرضة لأعمال انتقامية وهجمات ورقابة مُشددة.تصوير :اركان غريب

