الحياة برس _فادية عليوة _على مرأى أعيـنهم وعلى بعد أمتار قليلة فقط يلوح ما هو أشبه بالكنز الأسطوري الذي سيقضي على فقر الغزيين المتزايد يوما بعد يوم ، ويمسح أرقام بطالتهم المرتفعة ، ويتكفل بعلاج نهائي لأزمة انقطاع الكهرباء ، غير أن هذه الأمنيات المتعلقة بالغاز المكتشف في البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل قطاع غزة تبقى مقيدة طالما حد الاحتلال من تحقيقها .حقلين من الغاز على بعد 30 كيلومتر من شواطئ غزة وعلى عمق 600 متر ، الحقل الأول يقع كليا ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية قبالة مدينة غزة ، أما الحقل الثاني فهو الحقل الحدودي والذي يقع ضمن المنطقة الحدودية البحرية بين قطاع غزة وإسرائيل ، وحددت الكمية الموجودة من الغاز في بحر غزة بحوالي 1.4 تريليون قدم مكعب ، أي ما يكفي قطاع غزة والضفة الغربية لسنوات حسب معدلات الاستهلاك الحالية.ستبقى كما يؤكد المحلل السياسي د. أشرف أبو عابده عضو في الشبكة العربية لكتاب الرأي والإعلام على التحقيق والخروج للنور بسبب ما تفرضه إسرائيل من معيقات تحول دون استثمار هذا الحلم الاقتصادي الكبير مثمنا دور هذه الثروة الطبيعية وكونها بوابة لكافة الأزمات الاقتصادية .وحول امكانية سرقة اسرائيل حقول الغاز من الاميال المخصصة للفلسطينيين ، أشار "أبو عابدة " أن هذه الحقول متواجدة في اماكن يمنع الفلسطينيون الوصول اليها لذلك لا احد يعلم ماذا يفعلون على حد تعبيره.وأضاف أن ما دار في أروقة كنيست الاحتلال الثلاثاء الماضي الثامن من الشهر الحالي يثير الاستغراب حيث كشف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ان محطات توليد الكهرباء اصيبت جراء اطلاق صواريخ من قبل المقاومة في الحرب الأخيرة على قطاع غزة مما أثار مخاوف إسرائيل من خطر يحدق بحقول الغاز في البحر المتوسط ، لا سيما ان تلك الصواريخ تتطور لتكون اكثر دقة .ويشير "أبو عابدة " أن هذه الدلالات تؤكد ان نتنياهو يسعى لضمان امن الطاقة لدولة الاحتلال والتهرب من الضغوط الدولية واستحقاقات عملية السلام ويدخل ذلك ضمن حماية الامن القومي الإسرائيلي مما يحقق عدة اهداف أمنية واقتصادية وسياسية تتمثل في :
- الهدف الأول : يأتي ضمن سياسة الاحتلال للتضليل وان غزة تشكل تهديد وخطر على حقول الغاز في البحر وان المقاومة بنظرها هي "إرهاب دولي" تسعي لضرب مصادر الطاقة وبذلك تكون اسرائيل جزء من منظومة دولية تقوم بمحاربة الارهاب الفلسطيني في ظل الظروف والأحداث التي تدور في المنطقة والعالم ولا سيما أنه يأتي تحت مظلة و دعم أمريكي .
وتأتي تلك التهديدات لمحاولة لفت الانظار عن المواجهة الشعبية في الضفة الفلسطينية ، وكجزء من التهديد المعتاد من قادة الاحتلال ضد غزة وجعلها في حالة من القلق والاطراب باستمرار وفي انتظار معركة قادمة على الابواب .
- الهدف الثاني : أن تلك التصريحات والتسريبات تأتي ضمن سياسة إضاءات للغاز المستكشف على سواحل فلسطين للبحث عن اسواق بشكل مبكر ويأتي ذلك لتطوير قدرات وإمكانيات دولة الاحتلال من خلال القدرة على تصدير الغاز في ظل ما تتعرض له المنطقة من أن اطرابات.
وجاء ذاك في وقت تسعى دول العالم للسيطرة على مصادر الطاقة وبذلك يوجه انظار العالم على سواحل فلسطين اقتصاديا وامنيا. حيث يوجد هناك محادثات مع تركيا لتصدير الغاز لها من قبل الاحتلال في ظل المقاطعة الروسية واتت تلك الاضواء بعد الكشف عن 850 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي على السواحل المصرية وهو يعد من اكبر عمليات اكتشاف الغاز .
- الهدف الثالث : تقوية سلاح البحرية الاسرائيلية في ظل المتغيرات حيث سيتسلم خلال الايام القادمة الغواصة دولفين الخامسة والتي سماها الاحتلال "تنين" المانية الصنع والتي تستطيع ان تحمل رؤوس نووية وتبلغ تكلفتها 400 مليون يوروه وهي تعد من اكثر الاسلحة البحرية تطورا ، مما يعني انها اضافة نوعية للأسطول الاسرائيلي في ظل محيطها العربي والإقليمي ، وفي عام 2019 ستتسلم الغواصة السادسة من ألمانيا.
ختاما حالة عدم الاستقرار والاقتتال التي تعم انظمة عربية لتفتيت القدرة العسكرية ، وغياب منظومة عربية متماسكة قادرة على مواجهة التهديدات الخارجية ، جعل المنطقة العربية ساحة صراعات اقليمية ودولية بين الدول العظمي على الدم العربي في سبيل الهيمنة على مصادر الطاقة ليبقى العرب وبما فيهم الفصائل الفلسطينية في سبات جاهلين أن ما يسعون لكسبه أتفه بكثير مما يسرق منهم .