
الحياة برس - الشهيد ياسر عرفات " أبو عمار "، من أكثر الشخصيات الفلسطينية تأثيراً في الملف الفلسطيني، ويعتبر من أكثر الشخصيات الوطنية تأييداً في أوساط الشارع الفلسطيني بكافة ألوانه الفصائلية والفكرية، ويعتبر أبرز رموز حركة النضال الفلسطيني من أجل الحرية والإستقلال.
الشهيد ياسر عرفات من مواليد القاهرة، بتاريخ 24 أغسطس عام 1929، واسمه الحقيقي محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، وكان يعرف بإسم محمد القدوة، واسمه الحركي " أبو عمار ".
كان أبو عمار هو الولد الساس للأسرة الفلسطينية المكونة من سبعة أفراد، وكان والده يعمل في تجارة الأقمشة في حي السكاكيني، وبعد قضاء عدة سنوات في مصر انتقل للعيش عند أخواله في حارة المغاربة في القدس ومن ثم عاد عام 1937 للعيش مع والده وأخته في القاهرة، وتوفي والده عام 1952.
أنهى تعليمه الأساسي والمتوسط في القاهرة، وفي صباه تعرف على العديد من المنفيين الفلسطينيين والذي كان من ضمنهم المفتي أمين الحسيني الذي أصبح عرفات في وقت لاحق مقرباً منه بشكل كبير، كما تعرف على المناضل عبد القادر الحسيني في تلك الفترة.
أخته الكبرى أنعام في حديث لها عن حياته قالت بأن أبو عمار كان دائما يشارك في المظاهرات ورغم محاولتهم منعه بالتهديد ومنع المصروف عنه إلا أنه كان دائما يشارك بها.
ودرس في جامعة الملك فؤاد التي تعرف حالياً باسم جامعة القاهرة بتخصص الهندسة المدنية، وتخرج عام 1950.
خلال عدوان 1948، انتقل عرفات للعيش في فلسطين وانضم للجيوش العربية المحاربة لإسرائيل، كما عمل في صفوف الفدائيين الفلسطينيين، ولكن لم يثبت أنه انتمى رسمياً لأي منظمة، كما وقاتل بجانب جماعة الإخوان المسلمين وعاد لمصر عام 1949، وبعدها أكمل دراسته الجامعية.
تم انتخابه رئيساً لإتحاد الطلاب الفلسطينيين في القاهرة عام 1952 لعام 1956، بالاشتراك مع صلاح خلف المعروف حركياً باسم " أبو اياد "، وتعرف على صلاح القدومي الذي كان ناشطاص في حزب البعث، ومن ثم تم استدعائه من الجيش المصري أثناء العدوان الثلاثي على مصر حيث كان ضمن الوحدة الفلسطينية العاملة ضمن الجيش المصري برتبة رقيب.
وبعد تسريحه هاجر إلى الكويت حيث عمل هناك كمهندس، وبدأ في مزاولة بعض الأعمال التجارية. وفي نهاية ذلك العام، شارك في مؤتمر عقد في مدينة براغ، ارتدى فيه عرفات كوفيه بيضاء. وبعد ذلك بدأت تلك الكوفيه تُرتدى في الكويت، وأصبحت تختص باللونين الأبيض والأسود.
عندما كان أبو عمار في الكويت التقى بصلاح خلف وخليل الوزير " أبو جهاد "، وعملوا على تشكيل مجموعات من أصدقائهم وتطور عملها لتصبح حركة فلسطينية أطلق عليها بعد عدة مراحل من تطورها اسم " حركة فتح " وهو اختصار معكوس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني.
ويعتبر تاريخ انطلاق حركة فتح هو 1 يناير من عام 1965 واعتباره التاريخ الفعلي لإنطلاق أعمال الحركة، وقد ترأس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1969 كثالث شخص يتقلد هذا المنصب منذ تأسيسها على يد أحمد الشقيري عام 1964.
وخاض أبو عمار ورفاقه العديد من جولات الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي، واستطاعوا أن يجذبوا انتباه الكثير من الدول العربية والداعمين للقضية الفلسطينية وتوفير الدعم اللازم لتشكيل الخلايا العسكرية التي نشطت داخل فلسطين وخارجها لضرب المصالح الإسرائيلية.
في عام 1982، دخلت قوات الإحتلال الإسرائيلي الأراضي اللبنانية لملاحقة عرفات والمناضلين معه، ودارت بينهم اشتباكات ومعارك عنيفة خسر خلالها الجيش الإسرائيلي عدد كبير من جنوده وعتاده، وبتدخلات دولية تم الإتفاق على مغادرة المقاومين الفلسطينيين برفقة ياسر عرفات من بيروت عبر سفن تقلهم لعدد من الدول العربية.
في تاريخ 15 نوفمبر 1988. أعلن ياسر عرفات الإستقلال الفلسطيني من دولة الجزائر، وفي 13 ديسمبر ألقى خطاب أمام الجمعية العامة في جنيف والتي نقلت مقرها إلى جنيف بشكل مؤقت بسبب رفض الحكومة الأمريكية، منحه تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة.
وأطلق ياسر عرفات مبادرته للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، والتي كان قد أقرها المجلس الوطني الفلسطيني، والتي تعتمد اقامة دولة فلسطينية في الاراض التي احتلت 1967 تعيش جنبا إلى جنب، مع دولة إسرائيل، وبناء عليه فتحت الإدارة الأمريكية، برئاسة رونالد ريغان حوارا مع منظمة التحرير الفلسطينية والذي استطاعت في وقت لاحق الحصول على العديد من المواقع في المحافل الدولية.
بعد ضغوط دولية انخرطت إسرائيل ومنظمة التحرير، في مفاوضات سرية ،أسفرت عام 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو حيث قام ياسر عرفات ، بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالاعتراف رسميا بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين، في المقابل، اعترفت إسرائيل، بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
في 1 تموز 1994 عاد ياسر عرفات، مع أفراد القيادة الفلسطينية إلى الأراضي التي اعلنت عليها السلطة الفلسطينية وهي قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية.
في شهر يوليو من عام 2000 التقى ياسر عرفات، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك في كامب ديفد، تحت غطاء وإشراف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون.
في ذلك اللقاء، كان لدى الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي طموح يرتقي في سقفه إلى توقيع اتفاقية حل نهائي ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولكن العرض الذي قدماه لم يرتقي لمستوى الطموح الفلسطيني بدولة على حدود الـ 67 كاملة السيادة فرفض أبو عمار التوقيع على الإتفاق وبعدها حدثت موجة من العداء بين الجانبين، وجاء دخول شارون للمسجد الأقصى وأعلن عن اندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الثانية والتي حرض عليها أبو عمار وقام بدعمها بالمال والسلاح.
في 29 مارس عام 2002، حاصرته قوات الإحتلال داخل مبنى المقاطعة في رام الله، ومع تسارع الأحداث أعلن يوم الثلاثاء الموافق 12 أكتوبر 2004 عن ظهور أولى علامات التدهور الشديد لصحة ياسر عرفات، فقد أصيب كما أعلن أطباؤه بمرض في الجهاز الهضمي، وأكدت مصادر طبية أنه تعرض لتسمم.
مع تدهور حالته الصحية قامت طائرة مروحية بنقله إلى الأردن ومن ثم أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى بيرسي في فرنسا في 29 أكتوبر 2004، وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 أعلن عن استشهاده.