
الحياة برس - في تقليد غريب، يتحمم بعض الناس في نهر الغانج الذي يعتقد البعض أنه مقدس في شبه القارة الهندية.
في تقرير لناشيونال جيوغرافيك حمل عنوان " بركة الحشود "، تطرق لتقليد لدى بعض الهندوس بدخول النهر في ظل البرد القارس، لكي يغتسلوا من ذنوبهم ويطهرون أجسادهم وأرواحهم من الخطيئة، كما يؤمنون بأن الإغتسال به يعيد الشباب.
جيوغرافيك تابعت رجل سبعيني استحم بالنهر في ظل تدني درجات الحرارة ومياه النهر الملوثة، فالطبيعي ان يصاب الرجل بأمراض في ظل هذه الأجواء ولكن ما حدث مخالف تماماً، فقد أجريت له فحوصات طبية قبل وبعد دخوله في النهر ووجدوا أن حالته تحسنت بشكل كبير ولم تسوء كما كان متوقع.
تقول الحكاية إنه قبل آلاف السنين توصلت الآلهة والشياطين لاتفاق مؤقت يقضي بالتعاون على خض رحيق الخلود في محيط اللبن الأولي وتقسيمه بالتساوي بينهم. لكن عندما ظهرت الكومبه (أي القارورة) التي تحوي الرحيق هربت الشياطين بها ولحقت بها الآلهة، وتحاربت الآلهة والشياطين 12 يوما وليلة في السماء على القارورة. وخلال المعركة سقطت نقاط من الرحيق على أربعة أماكن، أصبحت 4 مدن تشهد أكبر تجمع بشري سلمي في العالم، بحسب وصف اليونسكو، هي "الله آباد" و"هاريدوار" و"أوجان" و"ناشيك، يحدث أربع مرات كل 12 سنة بالتناوب بين المدن الأربعة.
فبداية يناير من كل عام يصل ملايين الحجاج الهنود لمدينة الله آباد شمال الهند للمشاركة في مهرجان " ماها كومبه ميلا " الهندوسي.
يأتي الزهاد والقديسين والنسّاك (من طبقة السادهو) والمتعبدين من فئة الكالبافاسي والزوار، يسيطر عليهم شعور بوحدة المقصد، بأن يتخلصوا من الشرور، ويتطهروا في النهر المقدس، يتوافدون إلى المكان ويغمرون أجسادهم في مياه النهر شديدة البرودة، يقودهم زاهدون عراة يكسو أجسادهم الرماد وبعضهم يعيش في الكهوف، يكونون عراة إلا من سترة على الوسط، ومنهم من يخلع تلك السترة ليكون عاريا تماما.
يأتي الزوار إلى المنطقة يحملون أمتعتهم فوق رؤوسهم بينما يقوم باعة ببيع الحلوى وغزل البنات وبالونات مضيئة، وتتوقع الحكومة الهندية أن يجذب مهرجان "ماها كومبه ميلا" هذا العام ما بين 100 مليون إلى 150 مليون شخص من بينهم مليون سائح أجنبي، وتستعد الحكومة للمهرجان بإقامة 14 مستشفى مؤقت، تعمل على مدار الساعة، وبناء أكثر من 100 ألف حمام، و600 مطبخ كبير لتليبة حاجات الحجاج، وإقامة نقاط تفتيش على طول الطرق المؤدية إلى مدينة الله آباد.
بالقرب من النهر المقدس تقام عشرات الآلاف من الخيام، يجلس فيها رجال ونساء وأطفال يجتمعون حول مواقد صغيرة يشعلونها بهدف إعداد العشاء أو الحصول على التدفئة.
خلال المهرجان تقام الصلاة وتقديم البخور والتمسح بالرماد، ويقوم الرجال الهندوس الذين يحظون بالقداسة بقيادة مسيرات تشارك فيها الفيلة والجمال والخيول والعربات والفرق الموسيقية، وآلاف البشر، وتقام الصلوات الهندوسية برسوم تدفع مقابل تحقيق الأماني.
والمهرجان مصنف ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي للبشرية، وتقول إن الزهاد هم الحاملون الأساسيون لهذا التراث من فئة الأخادا وأصحاب المعتَزَلات الهندوسية (ويسمى واحدها أشرام) والمنظمات الدينية أو الأفراد الذين يعيشون على الصدقة.
وتضيف في تعريفها للمهرجان أن لهذا المهرجان دور روحي أساسي في البلاد وله تأثير هائل على الهنود العاديين. ويجمع الحدث بين علم الفلك، والتنجيم، والروحانية، والتقاليد الطقسية، والعادات والممارسات الثقافية والاجتماعية، ما يجعله مهرجاناً زاخراً بالمعرفة بتجلياتها المختلفة.
ونظرا لأن المهرجان يقام في أربع مدن مختلفة في الهند، صار من الطبيعي أن يعبر عن أنشطة اجتماعية وثقافية مختلفة، ما جعله بالتالي مهرجاناً متنوعاً على المستوى الثقافي.
ويكتسب المهرجان بعدا خاصا هذا العام قبل الانتخابات العامة في البلد ذي الأغلبية الهندوسية، ويتوقع المحللون أن يواجه حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء مودي، منافسة قوية في انتخابات عامة مقررة في مايو/أيار المقبل.
وقال ماهيش شارما الذي يرأس وزارة الثقافة في بيان "كومبه هو مزيج بين الوعي الروحي والتراث الثقافي.. نحن أيضا نعرض هنا التقاليد الثرية للهند كما يتصورها رئيس الوزراء ناريندرا مودي".