القمم العربية في ميزان التقييم. مصطفى أبو السعود

في بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 بعد اقتحام شارون للمسجد الاقصى، عقد القادة العرب قمة عربية طارئة في مصر ، وكنتُ حينها في المملكة المغربية، حيث حظيت هذه القمة باهتمامٍ كبيرٍ وحصلت على نسبة مشاهدة عالية خاصة أنها جاءت بعد انقطاعٍ دامَ أربعة سنوات، وتم خلالها اعتماد فكرة الانعقاد السنوي الدوري للقمة العربية نهاية شهر مارس من كل عام، وبعدها بدأ الكثيرون ينتظرون شهر مارس لمتابعة القمة، وينظرون لها على أنها قد تكون رافعة للتفاؤل والأمل في نفوسهم.

 لكن مع تتالي القمم دون نتيجة عملية حقيقية تسر قلوب المتابعين، فقدت الجماهير رغبتها في متابعتها حتى وصل الحال أن الكثيرين جداً لا يعرفون أنها عُقدت، ولا يتابعونها لو عرفوا أنها ستُعقد، هنا السؤال، ترى لماذا ؟

ثمة أبجديات ترسخت في العقل العربي من المحيط إلى الخليج تجاه أي قمة عربية بأنها لا تأتي بجديدٍ يشرح صدره ،حيث بات يعرف ديباجيتها وموضوعاتها وخاتمتها ومخرجاتها، لأنها من وجهة نظره ( زيها زي غيرها)، ففي كل قمة نسمع كلاماً جميلاً عن تعزيز التعاون العربي المشترك، وتعزيز أواصر العلاقة البينية، وضرورة العمل الجاد من أجل خدمة القضية الفلسطينية، والكثير مما لذ وطاب من الشعارات، فإذ بنا بعد انتهاء القمة نرى عكس ما كنا نسمعه، فنرى الخلافات العربية تتوسع كماً وكيفاً، ونرى التخاذل العربي للقضية الفلسطينية يأخذ مناحٍ جديدة، ونرى الاصطفاف مع العدو الصهيوني يجري على قدم وساق، فاحتار المواطن العربي ، أيصدق ما يقوله الحكام أم ما يفعلونه؟

ملاحظات على القمم العربية :

1_في القمم العربية التي يُفترض فيها أنها عربية بحثة، نرى ضيوفاً ليسوا عرباً وليسوا مسلمين يحضرون ويفرضون رأيهم على المجتمعين، فيقررون لهم وينصرفون، ربما يقول قائل أن هذا عرف دبلوماسي، وهنا أقول أنه لم أعلم يوماً أن الاتحاد الاوربي عقد اجتماعاً ودعى شخصية عربية لتقول كلمتها .

2_ ربما في كثير من القمم تغيب قادة وملوك ورؤساء.

 3_ القمة ليست أكثر من مجرد نشاط وفعالية سياسية ، يلعبون دور البطولة الوهمية فينددون بكل نعومة، ثم يعودون لبيوتهم وكأن شيئاً لم يكن.

4_ لم يحدث أن لاحظنا تغيراً ايجابياً في العلاقات العربية من قمة سابقة إلى قمة لاحقة، بل إن التدهور هو سيد الموقف.

5_ يعطي المجتمعون أهمية كبيرة لقضايا ثانوية، وأهمية ثانوية لقضايا أكثر أهمية، ينددون بكل قوة بدور ايران وتركيا، وينددون بصوت هادئ بجرائم امريكا والكيان الصهيوني في الوطن العربي.

6_ ترسخت مقولة في العقل العربي بأنه اتفق العرب ألا يتفقوا، ومن المخجل أن وصل هذا الاختلاف في قمة تونس لتأجيل اعلان مكان القمة القادمة.

7_ إن ما يتم تناوله في القمم العربية يمكن تناوله من خلال اجتماع قمة عبر أحدى منصات التواصل الاجتماعي أو تقنية " فيديو كونفراس "، وتوفير مصاريف القمة وتوزيعها على الفقراء.

7_ في كل قمة يقدم القادة ما يفتح شهية الاحتلال على ابتلاع ما تبقى من الحقوق الفلسطينية، وهذا لمسناه في المبادرة العربية التي قدمتها السعودية والتي رغم ما فيها من خدمات للاحتلال، إلا أن شارون قد ركلها بقدميه وسار على دربه من جاء بعده.

إن الامتعاض العربي الشعبي من القمم العربية وصل عنان السماء حتى أن الشاعر العراقي مظفر النواب كتب قصيدة مشهورة هجى الزعماء العرب، كما كتب الشاعر الدكتور " أحمد حسن المقدسي " قصيدة ختمها بتساؤل:

فـَبـِأي ِّ نـصر ٍ ســـوف تأتي قِمــــة ٌ تمــضي لمَعْـمَعـَة ٍ بغيـــــر ِ جـِـــــياد ِ

آذار ُ يا آذار ُ لا تـَعْــــتـَب ْ علــــيـنا انــــت َ مـُــــنـْذ الآن َ شـَــــهْر ُ حِـــــداد ِ