طغى الرويبضة والمتعالمين في مجتمعنا العربي على العلماء والفلاسفة والمفكرين والمثقفين . بل باتوا يتصدرون المجالس وأحيانا المناصب الكبيرة والولايات والأمصار ، فيتكلمون ويتصرَّفون في أمور الناس دون أثارة من علم أو فكرٍ أو ثقافة ، فقد صارت الصدارة لهؤلاء المتفيهقين والمتثاقفين والمتعالمين والمتفيقهين والمتشدقين الذين يحملون الناس على فتاوى شاذة وغريبة وخارج إطار الحقيقة والأخلاق السامية والنواميس المعمول بها ، غاية ما تؤدي إليه الإدبار عن الدين الحق والنفور عن المسلمين. نعم هذا هو زمن الرويبضة البائس، حيث تجد الأصاغر هم الذين يتصدَّون التعليم والثقافة والفتوى والسياسة والاقتصاد ،والعسكر
وهذا التراجع الذي نعيشه نحن العرب يشِّكل بؤسنا وتعاستنا ،ويبعدنا أكثر فأكثر عن الفكر المعرفي والعلمي ويفرض سطوته من خلال تكريس الفكر الغيبي والظلامي وهو المؤسِّس لعقل عربي متخلف ومتكلِّس في آن . لذا فلا عجباً من وجود هؤلاء في سدَّة السلطة والحكم ويقودون سفينة البلاد إلى الهاوية ، ومنهم تصدر فتاوى التحريم والفتن ،واتخاذ القرارات المصيرية نيابة عن الشعوب المقهورة والمظلومة ، فهم لا يمثِّلون سوى الذل والمهانة والتخلف والتبعية للغرب الليبرالي المتوحش الذي يمارس نهب الثروات والسيطرة الفعلية من وراء الستار لاتخاذ القرارات السياسية والمصيرية بكل خنوع وذل . 
      ومن صفاتهم الجهل الكبير المركَّب ، والمتعالم المزري الفادح والتشبُّع بما لم يعطوا مع الشعور بإعجابهم بأنفسهم إلى حد النرجسية القاتلة ، وهم يعانون من الفراغ العلمي والمعرفي والأخلاقي. وتجدهم على صفحات التواصل الاجتماعي يقولون بغير علمٍ ويخوضون بالجهل والهوى في النوازل ومسائل الجروح المتقيِّحة الصديدة والتعديل مما قد لا يتمكَّن أحد الخوض في غماره إلا العلماء الأفذاذ ، هؤلاء الأصاغر ينفثون سموم جهلهم عبر فحيحهم في أتون الفتن يشعلونها متسربلين برداء الدين والدين منهم براء . وهم أيضاً يحبّون الظهور والتصدُّر وهو الذي يهلكهم من مراءاة الناس ، ويسعون باستمرار عبر منهج الخصومات واللِّدَد في الخصومة والمناقشات والمحادثات والمناظرات مع المخالفين دون أية ضوابط عقلية أو معرفية .
    وهم المتنطعون بشدّة والمبالغون في الأمور . ويملكون كل أدوات الفتنة والعداوة الشديدة بين بعضهم البعض متنابزين بالألقاب الشنيعة بسفاهةٍ وسطحيةٍ ويتداولون الخناجر رمز الغدر في معالجة ما يعترضهم من أمور . وكذلك يحافظون على مسوخهم وكِبَرِهِم وفحشهم وعدم التواضع للحق والحقيقة وهم جبناء في مواطن الإقدام لبيان الحق والحقيقة . وما يكتبونه فيه من ركاكة الأسلوب ما يفيض على جهلهم ولا يستقيم أبداً على لسان العرب . .
...........................
قال اللغوي ابن منظور: الرويبضة: هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها، والغالب أنه قيل للتافه من الناس لربوضه في بيته، وقلة انبعاثه في الأمور الجسيمة.
calendar_month08/07/2020 10:03 am