يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي في الثامن من شهر آذار، كون المرأة تحمل على عاتقها أعباء وصعوبات جمّة ،ففي هذا العام 2022 يختلف في بعض جوانبه عن سوابقه من الأعوام الماضية وذلك بسبب وجود تحديات كبيرة إضافية تواجه النساء هموماً وقسوةً جديدتين على المرأة بدل أن تساعدها على تجاوز كل أشكال القهر والظلم والمصاعب الموروثة. ولعل أبرز هذه الهموم وتلك الصعاب والمعوقات التي مازالت تحول دون وصول المرأة العربية إلى قناعة تامة هو ما يتوافر من لوائح تشريعية وقوانين ناظمة ،ومن نمطية في الاجتماع السياسي وتكوين الأفكار والمفاهيم والمواقف السياسية لا يخدم طموحاتها، كما أن الحروب والجائحات والاضطرابات الصراعات العاصفة تتحامل على المرأة أكثر من الرجل في تحميلها أثقال هموم الترمل واليتم والقهر والظلم والتشرد والاضطهاد والتهميش .
من هنا ندرك دور الإسلام الكبير في الدفاع عن المرأة ،وطالب بإحقاقهن حقوقهنّ. فقد قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلّم : (أوصيكم بالنساء خيراً).وما قاله النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين كانَ في سَفَرٍ، وكانَ غُلَامٌ يَحْدُو بهِنَّ يُقَالُ له أنْجَشَةُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: )رُوَيْدَكَ يا أنْجَشَةُ سَوْقَكَ بالقَوَارِيرِ( .ونحن لا نرى أغلبية النساء في وطننا العربي أنهنَّ يتمتعن بالرعاية الكافية .وقد تغافل الحكام وأصحاب القرار والقيمون في العديد من بلداننا العربية عن وصية رسول الله، أو أنهم لا يتذكرونها سوى إبان الأزمات والمحن والجائحات، أو في فترات الانتخابات التي تغلب عليها السمات الذكورية. حيث تظهر البراغماتية بأعلى صورها في فترة التنافس الحزبي للحصول على أعلى المقاعد في البرلمانات في ترشيح المرأة ودعمها جزئياً لتحقيق ما يطلق عليه (الكوتا) ،وهذا التنافس الحزبي الذي يشمل المؤسسات السيادية والإدارية أو على مستوى القيادة في المنظمات الحزبية تسبب في إضعافها ونزع منها القدرة على اتخاذ القرار وتحقيق استقلاليتها. 
إن الأثقال التي تتحملها المرأة جراء رعاية الأطفال والاهتمام بأسرتها وبيتها في الظروف القاسية كبيرة جداً، وقد فرضت الحروب أوضاعاً قاهرة وصعبة جداً جعلت من المرأة ضحية تحمي ضحايا آخرين، ونتيجة للحروب الطاحنة والصراعات السياسية ازداد عدد الأرامل في العديد من بلداننا العربية اللواتي زاد على المستوى العالمي قياساً لعدد السكان .
في هذا السياق لا يمكننا إغفال حالة الوعي عند أجيال الشباب من الجنسين في التقليل من وطأة بعض العادات والتقاليد العشائرية القاسية والجافة، ومحاولة التخلي عن كثير من تلك العادات نتيجة العيش في المدن الكبرى واستخدام التكنولوجيا الحديثة التي فرضت أسلوباً آخر من التواصل الاجتماعي بين الناس خارج إطارالعادات والتقاليد العشائرية والقبلية الصارمة. وهذا له دور هام وكبير في زيادة منسوب الوعي الاجتماعي، على الرغم من ثورة العلومات وتنوع التوجهات، والفوضى العارمة في استخدام الميديا التي أنتجت بعض المشكلات التي لم تكن معروفة في السابق. وتضاعفت معها حالات تفسخ العلاقات الأسرية، وازدادت حالات الطلاق في العديد من الدول، كما زادت الشرخ بين الفئات العمرية المتفاوتة في الوعي أيضاً، بعد أن كان التعاون بين هذه الفئات أكثر مما هو عليه اليوم بكثير، لأن حاجة الفتيان والمراهقين والمراهقات إلى الإرشاد والتبصر من الأكبر منهم سناً تضاءلت إلى حد غير مسبوق، ويعتقد هؤلاء أنه أصبحت لديهم القدرة للوصول إلى أي معلومة من خلال (الداتا) وانفجار المعلومات التي يمكن الحصول عليها في أقل مدة زمنية من خلال الشاشة الزرقاء ( الموبايل) أو الكمبيوتر، دون الرجوع إلى الاستعانة بخبرات الأهل، أو ذوي الاختصاص والأكثر خبرة.
على الرغم من كل ذلك، وعلى الرغم من التقدم العلمي وتوفر المعلومات الذي أنجز، ما زال نحو 127 مليون فتاة عبر العالم بعيدات عن التعليم ولم يدخلن المدارس كما يجب، ولم يحصلن على حقهن في المعرفة والتعلم والتدريب والعمل وشغل المناصب الهامة، كما أن ثلثي عدد النساء البالغات في العالم اللواتي يقدر عددهن بنحو 750 مليون امرأة يعانون الأمية الكلية أو الجزئية. وهذا يفرض على الحركات النسائية ومنظمات المرأة والنقابات المنتشرة في العديد من أنحاء وطننا العربي وبلدان العالم، تركيز الجهد على المطالبة بتوفير بنية تحتية ملائمة لكل نساء الأرض، تساعدهن على تقليص الفجوات والفوارق بين الوضعية الاجتماعية المتفاوتة التي تعيشها نساء العالم، بما في ذلك المطالبة الملحّة والضرورية بتطبيق مقتضيات الاتفاقية الدولية لمنع كل أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979م، حيث نلحظ أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد مبدأ عدم جواز التمييز أبداً، ويعلن أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الإنسانية الواردة في الإعلان المذكور، دون أي تمييز، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس بين الرجل والمرأة، واعتبار الحق في الانخراط في العمل السياسي والحزبي والمنظمات الحقوقية ،وفي تولي المهام القيادية مسألة طبيعية ،ولا تعتمد على نمطية التخصيص (أي الكوتا)، لأن هذه النمطية تكرِّس الفوارق بين الجنسين وعدم المساواة بدل أن تلغيهما.
من الهام والضروري بمناسبة يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار، التذكير بتجارب نسائية رائدة حصلت في بعض الدول العربية، تفوقت فيها المرأة على الرجل في بعض الأعمال، كما أننا لم ولن ننسنى تجربة نساء فلسطين الحرائر اللواتي جابهن الاحتلال وتعرّضن للأسر في سجونه وناضلن جنباً إلى جنب مع الرجل من أجل تحرير فلسطين الحبيبة .كما لا يمكننا إغفال دور كبير المرأة العربية في النضال ضد كل أشكال التمييز التي يعانونها ضمن دولهنَّ الاستبدادية .وكان لهنَّ نضال لا يمكن إغفاله فقد دخلن سلك القضاء ومجال إدارة الأعمال وحققن درجات علمية عالية وتبوأنَّ مناصب رفيعة .  
في يوم المرأة العالمي هو محطة جديدة وهامة للمرأة كي تزيد من تحديها لإثبات قدراتها وجدارتها الموصوفة. تحية للمرأة في يومها العالمي . تحية لكل شهيدات وشهداء أمتنا العربية. الحرية لأسيراتنا وأسرانا في سجون الاحتلال وسجون طغاة العالم.
calendar_month15/03/2022 02:38 pm