
ابتليت أمتنا العربية بالعديد من المعضلات مثل الأميّة والجهل والفقر والحرمان ، واهتزاز بعض القيم الإنسانية والوطنية، واختلال المنظومة الاجتماعية. ومن أخطر المعضلات التي سببت نكبات وأزمات حقيقية عميقة على الأمة العربية، وجود بعض الأنظمة العربية التي رفعت شعاراتٍ برّاقة، وتاجرت بها على حساب مستقبل شعوبها وسلامتها، وأمنها الوطني والقومي.
في غمرة الصراعات التي شهدتها منطقتنا العربية عام 2011 م ،وقف عدد كبير من المثقفين العرب في وجه موجة الخراب والإنهيار التي اجتاحت المنطقة ،وأثبتوا أنهم ليسوا من أنصار الأنظمة الطاغية المتهالكة التي جرَّت الخراب والدمار والحرائق لشعوبها، وهجَّرت معظمهم داخل البلاد وخارجها، بل وقفوا مع سلامة (الدولة) العربية التي تعني الأسس والركائز التي أرست قواعد البناء المدني للدولة، وسلامة مؤسساتها وإداراتها العسكرية والمدنية والأهلية.لأنَّ مفهوم (الدولة) أشمل وأوسع من مفهوم (النظام) الذي يعني مجموعة من الأشخاص أو الأحزاب استولت على السلطة واستأثرت بها، واستفادت من مقدراتها من خلال انفرادها بالحكم .
إنَّ السياق التاريخي للأنظمة السياسية في العالم يؤكِّد أنَّ كل الأنظمة السياسية معرَّضة للزوال والتلاشي. وأنَّ الذي سيبقى للشعوب هو الدولة التي تحمي حياتهم وأملاكهم وسلامتهم الشخصية ومستقبلهم، وتحافظ على حدودهم السياسية، ونظام تسيير الحكم والحياة ،وتحافظ باهتمام على ثرواتهم ومقدراتهم الاقتصادية. لذلك فإنّ من موجبات القضية العربية الكبرى أمام موجات الدمار والخراب العاتية هي حماية (الدولة) العربية في الدول المتأزمة والمتصارعة على السلطة، كي لا تتحوّل الجغرافية العربية الواسعة إلى حالةٍ من الخرابِ والدمار الكلّي كما حدث في الصومال .
لأنه يُراد صوملة وعرقنة ولبلنة كل الدول العربية.