
عندما نتحدّث عن التنمية المستدامة وضرورتها وأهميتها، فإننا نتحدَّث عن التنمية البشرية الشاملة والكلِّية بمعناها الإنساني، فإننا ندرك تمام الإدراك أنَّ شمولها هو للجوانب السياسية والثقافية والتربوية والقانونية والإجتماعية والدينية والإقتصادية والبيئية والنفسية إلخ، إذْ لا يمكن إحداث التغيير المراد تغييره دون تحقيق الأمن والأمان والسلام الذي يتطلّب توفير تحقيق الإستقرار والطمأنينة، حيث يعتبر الأمن والأمان والسلام أحد أهم أهداف التنمية المستدامة التي لايمكن تحقيقها على نحو مستمر ووطيد، دون إقامة السلام الدائم .
لقد شهدت البشرية حالةً غير مسبوقة من التوتر والقلق نتيجة اندلاع الحروب والنزاعات المسلحة وغياب الأمن والأمان والسلام . بخاصة بعد نشوب أعتى الحروب البشرية في عصرنا الحديث في أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية. وهذا ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تولي هذه الموضوع الهام والحيوي الإهتمام المطلوب منها، وتتبنى السعي لدرء المخاطر الناجمة غن تلك الحروب والتي تهدِّد السلم والأمن الدوليين، وأن تتبنّى إعلان يوم عالمي للسلام تحتفل به البشرية كل عام ، وذلك قبل نحو أربعين عاماً مضت ، حيث اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً في العام 1981م للإحتفال بالسلام العالمي، والهدف من ذلك نشر ثقافة الأمن والأمان والسلام وتعزيزها عند الناس ،وتعميم قيمها بين الأفراد والجماعات والبلدان والأمم والشعوب .وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قرَّرت في العام 1991 م إعتبار يوم 21 أيلول من كل عام يوماً للسلام العالمي تحتفل به، وذلك بالدعوة إلى إنهاء الحروب والنزاعات ووقف إطلاق النار في المناطق التي تندلع فيها الصراعات والحروب، ومناشدة البلدان والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الإقليمية والشخصيات الهامة الفاعلة للعمل على تحقيق ذلك الهدف، لما له من إنعكاسات إيجابية على الناس، وهي دعوة تتضمّن التكاتف والتضامن والتعاون لتحقيق هذه المهمة الإنسانية العظيمة والنبيلة بمّا ينسجم مع ميثاق هيئة الأمم المتحدة الذي ينصّ على صيانة الأمن والسلم الدوليين، باعتباره مبدأ أساسياً من مبادئها وما تؤمن به ، والعمل على حل النزاعات والصراعات والخلافات بين الأطراف المتنازعة بالطرق السلمية والدبلوماسية وتحريم إستخدام القوة العسكرية أو التهديد بها في العلاقات بين الدول.
وكان شعار المجتمع الدولي يحمل أرقى المعاني الإنسانية راجياً للبشرية التعافي من كل الأمراض والتخلص من جائحة كوفيد 19 (كورونا)، مع المناداة بأن يكون العالم أكثر إنصافاً وتنمية شاملة مستدامة، ووقف إطلاق النار في المناطق والبؤر المتوترة في العالم .
إن السلام وقيمه هو ما تنشده الدول والشعوب الفقيرة المستضعفة ومن مصلحتها التمسك بالأمن والأمان والسلام ففيه وحده يمكن تحقيق طموحاتها وآمالها وتطلعاتها بما ينسجم مع القواعد الآمرة ـ أي القواعد التي تجبر الغيرـ في القانون الدولي المعاصر، تلك التي يتضمنها ميثاق هيئة الأمم المتحدة والمعاهدات والإتفاقيات الدولية الجماعية ذات الصفة القانونية والإشتراعية أو الإتفاقات والمعاهدات الثنائية التي تقّر صراحةً عدم الإعتداء على الغير وحماية الأمن والسلم الدوليين، واحترام حق تقرير المصير للأمم والشعوب وسيادتها وإستقلالهاعلى كامل أراضيها، وامتلاكها لثرواتها الطبيعية الهائلة، وحل النزاعات والخلافات بالطرق السلمية والطرق الدبلوماسية ،وعدم اللجوء إلى القوة العسكرية والتهديد بها، فضلاً عن التشارك والتعاون بينها لإنماء العلاقات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية وفي مجمل قطاعات التنمية البشرية المستدامة، ومنها ما واجهته البشرية من تهديد خطير إثر تغيّر المناخ ، ومداهمة فايروس كوفيد 19 (كورونا)، دون أن ننسى ما للإرهاب الدولي من مخاطر تهدد البشرية جمعاء، بخاصة ما جرى في العقدين المنصرمين، وبعد تفجير برجيّ التجارة العالميّين في الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ الحادي عشر من أيلول عام 2001 م. واستمرار خطر تنظيم القاعدة الإرهابي وما تلاه تنظيم داعش وجند الشام وجبهة النصرة وأخواتها، بحيث تسلل الخوف والهلع إلى العديد من مناطق العالم.