تودع اليوم فلسطين بِموكبٍ مَهيب رهيب في مَشهدٍ صَعبٍ، وعَصِّيبْ كوكبة جليلة، وأيقونة نبيلة عظيمة من خيرة شبابها الأبطال الميامين الأشاوس الصناديد الأماجد المغاوير الرجال، الرجال في زمنٍ عز فيه الرجال تَحَفُهُم، وتَزَفهم ملائكة الرحمان لأِعَالي الجنان، وللحُور العين شهداء أبرار أقمار بإذن الله؛ وقد ارتقت أرواحهم الطاهرة لعلياء السماء، وقد قضوا نحبهم، وهم يجاهدون في سبيل الله حاملين أرواحهم على أكُفهمِ مدافعين عن أرض الجهاد، والرباط، وأقدس المقدسات فلسطين أرض المحشر، والمنشر، والرسالات السماوية، أرض الإسراء، والمعراج، التي فيها المسجد الأقصى المبارك؛ وخير سلوى للقلب بعد تلك المجزرة المروعة التي ارتكبتها عصابات الغدر الصهيوني في مخيم جنين الصمود بعد اجتياح همجي بربري صهيوني بري، وجوي استمر 48 ساعة؛ قامت فيها عصابات الجيش الصهيوني المجرم بتجريف مداخِل المخيم، وتدمير البنية التحتية؛ وقد اندحر المجرمين الغاصبين المحتلين يجرون أذيال الخزي، والعار مخلفين دمار كبير، وشهداء، وجرحى، ورغم ذلك الألم الأليم نجد سلوى للقلوب في ذلك الصمود الأسطوري لأبناء مخيم جنين، وتطبيب للجراح، ومهجة للأرواح، وعِطر فواح نَجِّدهُ في ما قاله الامام العلامة محمد بن إدريس الشافعي، ثالث أئمة المذاهب السنية الأربعة للفقه الإسلامي رحمه الله "الفلسطيني الأصل"، والمولود في غزة، والمدفون جُثمانهُ الطاهر في حبيبة قلبي أم الدنيا مصر؛ حيثُ يقع الضريح في قلب قرافة الإمام الشافعي بالقرب من ميدان السيدة عائشة، وسط القاهرة أعلى، في قصيدة عظيمة جميلة عصماء قال فيها: " دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ، وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ، وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي، فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ، وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً، وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ، وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا، وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ، سَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ، يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ، وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً، فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعداء بَلاءُ، وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ، فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ، وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي، وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ، وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ، إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ، فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ، وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا، فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ، وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن، إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ، دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ، فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ".
قال تعالي: " وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ، وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ؛ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُۥ ۚ وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ، وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ، وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ"؛ إن الله جل جلاله قد فضل بعض النبين على بعض، وفضل بعض الأيام على بعض، وفضل بعض الشهور على بعض، وفضل بعض الأماكنِ على بعض؛ ولذلك فإن مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والمسجد الأقصى المبارك أفضل بقاع الأرض؛ وأما عن مدينة، ومخيم جنين لابد أن نُبين في هذا المقال نبذة عن مدينة جنين. مدينة، ومخيم جنين الحنين، والأنين، والصمود الأسطوري البطولي على مر كل العصورِ، والسنين؛ فلقد جاء اسمها القديم "جانيم" بمعنى جنان، ترتفع المدينة عن سطح البحر من 125 ـــــــ 250 متراً، وتكون الرأس الجنوبي لمثلث سهل مرج بن عامر، على أحد المداخل الجنوبية المؤدية إلى جبال نابلس؛ والمعروف أن جنين الحالية تقوم على البقعة التي كانت عليها مدينة عين جانيم الكنعانية التي تعني عين الجنان، وفي العهد الروماني أقيمت مكانها قرية ذكرت باسم جيناي من قرى مقاطعة سبسطية وقد مر السيد المسيح سيدنا عيسى عليه السلام- بجنين وهو في طريقه من الناصرة إلى القدس، ويقال إنه شفى عشرة من المجذومين في قرية برقين غربي المدينة وتخليداً لهذا الحدث شيدت كنيسة في القرية ما زالت باقية حتى اليوم، وهي نقطة مواصلات هامة، حيث تربط الطرق المتجهة من حيفا، والناصرة شمالاً إلى نابلس والقدس جنوباً؛ ومدينة جنين عبر التاريخ هي مدينة قديمة أنشأها الكنعانيون كقرية تحمل اسم عين جيم في موقع جنين الحالية، وقد ترك هذا الموقع بصماته على مر التاريخ، حيث كانت المدينة عُرضة للقوات الغازية المتجهة جنوباً أو شمالاً؛ وفي العهد الروماني أطلق عليها اسم جيناي، ولما ورث البيزنطيون حكم البلاد أقاموا فيها كنيسة جينا، وقد عثر المنقبون الأثريون على بقاياها بالقرب من جامع جنين الكبير، ويرجع تاريخ إنشائها إلى القرن السادس الميلادي. وفي القرن السابع الميلادي نجح العرب المسلمون في طرد البيزنطيين منها، واستوطنتها بعض القبائل العربية وعرفت البلاد لديهم باسم "حينين" الذي حرف فيما بعد إلى "جنين"، وقد أطلق العرب عليها هذا الاسم بسبب كثرة الجنائن التي تحيط بها؛ وفي القرن السادس للميلاد كانت في مدينة جنين كنيسة عثر على بقاياها بالقرب من الجامع الكبير؛ وفي فترة الحروب الصليبية كانت جنين بلدًا صغيرة وقعت في أيدي الإفرنج، وحصنوها بقلاع وأحاطوها بأسوار منيعة وبعد معركة حطين عام 1187م دخل المسلمون المدينة، ونزل بها السلطان صلاح الدين وهو في طريقه من القدس إلى دمشق؛ وفي عهد المماليك تمت عمارة الخان "الفندق" الذي أنشأه الأمير طاجار الدوادار "وأنشأ فيه سبيلاً ، وحمامًا، وعدة حوانيت يباع بها ما يحتاج إليه المسافر، وينتفع به، كما قامت السيدة فاطمة خاتون ابنة محمد بك بن السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري بتشييد الجامع الكبير الذي شيد على أنقاض مسجد آخر سابق له، حيث حول إلى كنيسة في أيام الصليبيين؛ وفي سنة 496 -1103 وقعت جنين تحت الحكم الصليبي بعد أن داهمها الصليبيون بقيادة تنكريد دوق نورمانديا، وضمت لإمارة بلدوين، ومملكة بيت المقدس، وأطلق عليها الصليبيون اسم جبرين الكبرى، وبنوا فيها القلاع، وأحاطوها بالأسوار لأهمية موقعها الجغرافي؛ وقد هاجم المسلمون بقيادة صلاح الدين في معرض غاراتهم على الكرك وغنموا منها الشيء الكثير ثم انسحبوا منها إلا أنهم عادوا إليها بعد هزيمة الصليبيين في موقعة حطين المشهورة عام 583هـ-1187م. ثم عادت جنين لسيطرة الصليبيين!؛ ثم نجح الملك الصالح أيوب في إخراجهم نهائياً منها سنة1244؛ وفي سنة 1255 غدت فلسطين تتبع سلاطين المماليك، وكانت جنين تحت سيادتهم تتبع سنجق الجون، وظلّت البلدة في حوزتهم إلى آخر عهدهم؛ ومن أبرز الحوادث التي تعرضت لها جنين في العهد المملوكي الوباء الذي انتشر في مصر، والشام وقضى على سكان جنين لم يبق منها إلا امرأة عجوز، كما كانت جنين مركزًا للبريد، حيث كان يحمل البريد من جنين إلى صفد، ومن جنين إلى دمشق عن طريق طبريا –بيسان-إربد- دمشق؛ وفي عام 922هـ - 1516م دخلت جنين تحـت الحكـم العثماني، وفي سنة974هـ-1516م، بَنَتْ فاطـمة "زوجـة لالا مصطفى باشا" جامعاً كبيراً في جنين؛ وفي سنة 1010هـ-1602م، تولّى الأمير أحمد بن طرباي حكم جنين تحت سيادة العثمانيين، ثم تولّى حكم صفد ثم اللجون؛ وتعرضت جنين للحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، حيث عسكر قائده كليبر في مرج بن عامر فهاجمه أهالي نابلس، وجنين، وكادوا يقضون على الفرنسيين في تلك المنطقة؛ مما دفع بنابليون إلى إرسال نجدة لكليبر، ولما انتصر الفرنسيون أمر نابليون بحرق جنين، ونهبها انتقاماً منهم لمساعدتهم العثمانيين!. ثم دخلت جنين كباقي مدن فلسطين تحت الحكم المصري بعد أن نجح إبراهيم باشا في طرد العثمانيين، وعيّن حسين عبد الهادي حاكماً لها، كما جعلها مركز لواء خاصاً به، إلا أن حكم المصريين لم يدم طويلاً، حيث خرج المصريون من بلاد الشام عام 1840م؛ فعادت جنين قائم مقام في متصرفية نابلس التابعة لولاية بيروت التي أنشئت بدلاً من ولاية صيدا؛ وفي القرن العشرين ارتبطت جنين بالسكك الحديدية التي وصلتها بالعفولة وبيسان، ونابلس، وفي الحرب العالمية الأولى أقام الجيش الألماني مطاراً عسكرياً غرب جنين، وفي عهد الانتداب البريطاني أصبحت مركزاً لقضاء جنين، ولها سجل حافل بالنضال ضد الاستعمار البريطاني، والصهيوني حيث أعلنت أول قوة مسلحة ضد الاستعمار البريطاني عام 1935م بقيادة الشهيد البطل عزالدين القسّام رحمه الله، والذي قضى نحبه شهيدًا في صباح يوم الأربعاء 20/11/1935؛ حيثُ استشهد الشيخ/ عز الدين القسام ورفاقه في معركة غير متكافئة مع المجرمين من جيش الاحتلال البريطاني في أحراش جبال الخطاف بالقرب من يَعَبُدْ؛؛ وقد شارك سكان مدينة جنين في إضراب عام 1936م، وقد تعرضت جنين أبان فترة الانتداب البريطاني إلى كثير من أعمال العنف، والتنكيل، والتخريب، والتدمير، وهدم البيوت على أيدي القوات البريطانية؛ نتيجة لبعض الحوادث، مثل: قتل حاكم جنين "موفيت" في عام 1938م؛ وفي 14 مايو 1948م تركها الإنجليز؛ مما دفع اليهود بمحاولة فشلت في السيطرة على المدينة أمام صمود المقاتلين الفلسطينيين بمساعدة الجنود العراقيين الأبطال، والذين استشهد منهم حوالى 112 شهيد عراقي مع شهداء أخرين دفنوا في جنين بفلسطين؛ وبعد توقيع الهدنة عام1949م هاجم الفلسطينيون، والعراقيون مواقع اليهود واستطاعوا استرداد عدد من القرى، مثل: فقوعة، وعرابة، والمقيبلة، وصندلة، وجلمة، وغيرها؛ وطرد اليهود منها وبقيت جنين مركزاً لقضاء يتبع لدار نابلس، وفي عام 1964م أصبحت جنين مركزاً للواء جنين ضمن محافظة نابلس، وفي عام 1967م وقعت جنين تحت الاحتلال الفاشي البربري الصهيوني المجرم مثل باقي مدن الضفة الغربية، واستمرّت كذلك حتى قدوم تحررت مع دخول السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1995م؛؛ وبعد ذلك تعرضت جنين لعمليات كر، وفر من المحتلين الصهاينة، ولعلميات اجتياح لِمخيم جنين من قِبل عصابة جيش المحتلين الصهاينة القتلة المجرمين الارهابيين في الأول من أبريل/نيسان 2002م، ودخلت عصابة قوات الاحتلال الصهيوني المخيم، وتعرض بالدبابات الحربية، وتعرض المخيم لقصف همجي عنيف بأوامر من المجرم الهالك رئيس وزراء عصابة العدو الصهيوني "أرئيل شارون" سفاح مجزرة صبرا وشاتيلا!؛ والذي مات بعدها ميتة أسوأ من مِيتة الخنازير والكلاب؛ فَأصيب بشلل دماغي، وبقى في المستشفى عِدة سنوات وحيدًا، طريدًا يهرب من منظرهِ الشنيع ورائِحته النَتنة حتى أقرب الناس إليهِ، إلى أن تساقط لَحمة، وصار الدود يخرج من رأسه، وجسدهِ النجس قبل أن يموت؛ ويذهب هذا الكافر المجرم القاتل إلى جهنم، وبئس المصير.
إن الهجوم الصهيوني الإجرامي العنيف الذي بدأ قبل عدة أيام على مخيم جنين أعاد للذاكرة الاجتياح الهمجي الذي نفذته عصابة قوات الاحتلال على مخيم، ومدينة جنين، إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2002م المعروف أيضا بـ"معركة نيسان"؛ حيث نشاهد اليوم نفس المشهد، ونفس الدمار، وبنفس الأسلوب الإجرامي تُعاد مشاهد عام 2002م!؛ فلقد مسحت جرافات عصابة الاحتلال الإسرائيلي معالم ساحة مخيم جنين، وهي الفضاء المكاني الأوسع في المخيم، والذي كانت تجري فيها كافة فعالياته كبيوت العزاء والأفراح، وتجمعات الناس؛ فدمّرت المدرعات، والجرافات الصهيونية البنية التحتية فيها، واقتلعت أعمدة الكهرباء، كما فاضت كميات كبيرة من المياه بالشارع بعد تجريف الشبكات الأرضية الواصلة إلى بيوت المخيم؛ وتعرض المخيم لقصف "مواقع رباط المجاهدين" وقصف صرح الشهيد عبد الله الحصري (أحد مؤسسي كتيبة جنين) في الجهة الجنوبية من المخيم؛ بيد عصابة الجيش الصهيوني المجرم، ليبين لمجتمعه بأنه يحقق إنجازًا في مخيم جنين بقتله للمجاهدين، لكن ما حدث فعليا هو تدمير للبنية التحتية فقط"؛ وختامًا نقول لعصابة جيش المحتلين إن مخيم جنين عصى على الانكسار، والاندثار، والانحدار، ولن يرفع الراية البيضاء، ولن يركع إلا لله عز وجل، على الرغم من شلال الدم النازف من خاصرة الشهداء الأبرار ، وإصابة مئات الجرحى الميامين وارتقاء عدد من الشهداء الأقمار الأبطال، من الذين، وقفوا سدًا منيعًا في وجه عصابة جيش المحتلين، ومنعوا تقدم وتغلغل جيش المجرمين رغم القصف الحربي من طيران العدو، واستخدام المدرعات، وأحدث الأليات العسكرية الوحشية، وحشد زُهاء ألفين جندي صهيوني؛ إلا أن جنين بقيت صامدة، واندحر جيش الغاصبين. ولن تسقط راية الجهاد من جنين حتى تحرير الأقصى، وكل فلسطين، فإن قوافل الشهداء لا تمضي سُدى.. إنّ الذي يمضي هو الطغيانُ؛ قال تعالى: " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً"؛ فسلام إلى مخيم جنين، وأبطالها المجاهدين، وأرواح الشهداء الأبرار في الخالدين إلى يوم الدين ، ونسأل الله جل جلاله أن يجعل أرواحهم في أعلى عليين في جنات الفردوس، والنعيم المقيم..
الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي، والمحلل السياسي
                                   الكاتب الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
  عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
 رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
  عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية
 dr.jamalnahel@gmail.com
calendar_month07/07/2023 12:00 am