وأخيراً أُرغمت حكومة المستعمرة برئاسة نتنياهو، وائتلاف الأحزاب اليمينية المتطرفة والأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، على الرضوخ وقبول الهدنة المؤقتة وتبادل الأسرى، وهذا يعود لعدة أسباب:
أولاً فشل قوات الاحتلال وأجهزته في تحقيق إنجازات ميدانية وعملياتية ملموسة في اعتقال او قتل قيادات فلسطينية، أو كشف أماكن المحتجزين وإطلاق سراحهم بقوة جيش المستعمرة، أو معرفة أماكن احتجازهم.
لقد رضخ نتنياهو مُرغماً لصفقة التبادل الأولى، خلال مرحلة الهجوم الثانية وقبل انتهاء خطتها في احتلال كامل قطاع غزة، وقبل البدء بالمرحلة الثالثة من خطة الهجوم التي أعدها وزير الدفاع يوآف جالنت، ففشل في اجتثاث حركة حماس، وفشل في إطلاق سراح المختطفين بدون شروط.
ثانياً الضغط من قبل عائلات المختطفين ومطالبتهم إطلاق سراح ذويهم وأبنائهم من المدنيين، ورفضهم المعلن في مواصلة الهجوم الإسرائيلي المرافق لسقوط قتلى من المختطفين بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.
لقد شكل أهالي المختطفين أداة ضاغطة على حكومة المستعمرة، التي تخشى زيادة أفعالهم وزيادة التضامن معهم من قبل فعاليات إسرائيلية معارضة أو رافضة لاستمرار عمليات الحرب والإبادة على الفلسطينيين، بدون نتائج ملموسة بعد شهر ونصف من العمليات العسكرية بعد 7 أكتوبر 2023.
ثالثاً الضغط الأميركي بسرعة المطالبة بتحقيق خطة التبادل، المقتصرة على إطلاق سراح مختطفين من ذوي الجنسيات المزدوجة، بما فيها من الأميركيين والأوروبيين، خاصة بعد فشل هجوم قوات الاحتلال التي سببت جرائم وانتهاكات وإبادة للمدنيين الفلسطينيين، أحرج الأميركيين، واستفز الرأي العام الشعبي في أوروبا وأميركا، وانعكس ذلك على حجم احتجاجاتهم ومظاهراتهم في واشنطن ولندن، وباقي العواصم الأوروبية تضامناً مع معاناة الفلسطينيين ورفضهم للجرائم الإسرائيلية، وما يقترفه جيش المستعمرة من انتهاكات وتدمير وقتل للفلسطينيين.
الهدنة المؤقتة، وتبادل الأسرى، لن تكون مجرد حالة مرورية للمشهد السياسي والقتالي بين طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، منذ بداية الهجوم يوم 7 أكتوبر، وبداية الاجتياح يوم 28 أكتوبر، ليكون يوم الخميس 23 تشرين ثاني نوفمبر 2023 مجرد حالة مرورية، وتتواصل بعدها المعارك وتبادل الاشتباك، ولكنه سيشكل قاعدة عمل يمكن البناء عليها، نحو الخطوة أو الخطوات اللاحقة، بين الطرفين.
حركة حماس، حققت إنجازاً عملياً ضد العدو الإسرائيلي، سينعكس لها بزيادة حضورها وشراكتها في صنع القرار السياسي الفلسطيني، وطنياً وعربياً ودولياً، ولكنها سببت أوجاعاً من الصعوبة أن تنتهي وجروحاً عميقة لدى أهالي قطاع غزة، وأثماناً باهظة بحجم الخسائر البشرية من الشهداء والجرحى، وهدم البيوت وفقدان الممتلكات التي تم تدميرها وتحولت آلاف العائلات بدون مأوى، تتطلب التعويض وإعادة البناء، والتفاهم الداخلي الفلسطيني، مصحوباً بتغطية عربية ودولية مالية وفنية مهمة وضرورية.