شكّل البدء في تنفيذ المصالحة الوطنية الفلسطينية عبر الرعاية المصرية، بعد قرار حركة حماس حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق الوطني من تولي مسؤوليتها في قطاع غزة، علامات استفهام كثيرة، حول دوافع الأطراف في السير باتجاه المصالحة الفلسطينية، بعد عشرة سنوات تقريباً على استمرار الانقسام، وما ترتب عليه من تداعيات خطيرة أضرت بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني أشد الضرر، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من تردي للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني، وما ترافق مع ذلك من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والجريمة، وفقدان الأمل لدى الشباب، كل ذلك جعل الحديث عن المصالحة الفلسطينية نوع من الخيال، إلا إن حل حركة حماس اللجنة الإدارية من القاهرة وتمكين حكومة التوافق الوطني من استلام مهامها في غزة، قد أثار تساؤلات حول الأسباب والدافع الحقيقية التي جعلت السير باتجاه المصالحة هذه المرة أكثر سهولة من السباق؟ والتحديات التي مازالت تقف أمام تنفيذ هذه المصالحة؟


أولاً: دوافع الطرفين للمصالحة

منذ حدوث الانقسام، عقب سيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة صيف العام 2007، منذ تلك الحظة استمرت قضية المصالحة الفلسطينية تراوح مكانها، رغم العدد الهائل من جلسات الحوار بين حركتي فتح وحماس، التي تمخض عنها عدد من اتفاقيات المصالحة وإنهاء الانقسام، إلا أن الانقسام ظل سيد الموقف، وهو ما يدفع البعض للتساؤل حول ما هي دوافع الطرفين للمصالحة هذه المرة، وهل دوافع الطرفين اختلفت عن السابق؟
دوافع حركة حماس:


عقب إصدار حركة حماس وثيقة المبادئ والسياسات العامة، التي ساعدت الحركة على التقارب مع القاهرة، برزت لدى الحركة إرادة سياسية حقيقية لإنهاء الانقسام، أكد عليها مسؤول الحركة في غزة، "يحيى السنوار"، الذي عقد اجتماع مع اللجنة الادارية المنحلة ووكلاء الوزارات لاطلاعهم على قرارات تم اتخاذها لضمان سير عملية المصالحة الوطنية، وإلغاء كافة التكليفات التي قامت بها اللجنة الادارية أثناء وجود وفد حركة حماس في مصر. وشدد "السنوار" على أعضاء اللجنة الادارية بعدم التدخل من قريب أو من بعيد في عمل الوزارات،. كما أكد عليها عضو المكتب السياسي لحركة حماس، "خليل الحية"، الذي أكد أن حركته ذاهبة بكل جدية نحو إنهاء الانقسام الفلسطيني، لافتاً إلى أن حماس لن تتراجع عن ذلك. ويمكن تحديد أهم العوامل والدافع لدى حركة حماس النقاط التالية:


•تردي الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية في قطاع غزة، التي تتحمل حركة حماس الجزء الأكبر عنها، فهي الحاكم الأول والأخير للقطاع وتتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الحكم.

•فشل تجربة حكم الإسلام السياسي في المنطقة، وتراجع المشروع الأمريكي الذي كان يستند على حركات الإسلام السياسي في المنطقة، واستمرار الأزمة الخليجية التي شكلت ضغوط على استمرار الدعم القطري لحركة حماس.

•انتشار الفساد والمحسوبية في مؤسسات غزة، الأمر الذي أضر بصورة الحركة على المستوى الجماهيري، خاصة إن حماس تعتبر حركة مقاومة، وتكاليف بقاء الحركة في حكم غزة في ظل هذه الظروف قد يضر بصورة حركة حماس بشكل كبير.

• عودة الدور المصري القوة والفاعل، فدخول القاهرة على خط المصالحة، واحتواء حركة حماس، واعطائها ضمانات عربية ودولية، كان عاملاً إيجابياً في تحرك الحركة باتجاه المصالحة، وهذا ما تأكد من بيان اللجنة الرباعية، الذي رحب بالجهود المصرية، ورفع الحظر عن المساعدات الدولية لغزة، بعد تولي حكومة التوافق مهامها في غزة.

•رفع الفيتو الأمريكي والإسرائيلي عن المصالحة الفلسطينية، حيث صرح المبعوث الأمريكي لعملية السلام، في الشرق الأوسط "جيسون غرينبلات"، إنه يتعين على المجتمع الدولي العمل من أجل إعادة سيطرة السلطة على قطاع غزة فقد نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن "غرينبلات" قوله: "لقد حان الوقت لوقف مراقبة الوضع في غزة والبدء في تغيير الوضع هناك، وهذا يعتبر مؤشر على الموافقة الأمريكية على الجهود التي تقوم بها القاهرة لتحقيق المصالحة.

•خشية حركة حماس من فتح مواجهة عسكرية جديدة مع إسرائيل في ظل استمرار الحركة في حكم غزة، وما سوف يترتب عليه من قيام إسرائيل بتدمير البنية التحية لقطاع غزة، بحجة استخدامها في اعمال المقاومة.

•رغبة القيادة الجديدة لحركة حماس في إحداث الفارق، وإنهاء الوضع الشاذ في الساحة الفلسطينية، خاصة أنّ معظم هذه القيادة أسرى صفقة وفاء الأحرار، ولم يكونوا جزء من حالة الانقسام.


دوافع السلطة وحركة فتح


خلال الشهور القليلة الماضية ادركت السلطة الفلسطينية وحركة فتح خطورة استمرار الانقسام الفلسطيني، لذلك اتخذت مجموعة من الإجراءات العقابية التي أدت لتأزيم الوضع الاقتصادي في غزة، بهدف اجبار حركة حماس على السير باتجاه المصالحة، من أجل استعادة السلطة السيطرة على قطاع غزة، استباقاً للتطورات السياسية، خاصة في ظل الحديث عن قرب طرح الولايات المتحدة الأمريكية خطة سلام، قد يكون قطاع غزة جزء أساسي منها، إلا أن هناك دوافع أخرى، لعبت دوراً مهماً في سير السلطة الفلسطينية وحركة فتح باتجاه المصالحة مع حركة حماس، ومن بينها:


•انسداد الأفق السياسي، ووصول عملية السلام لطريق مسدود، عقب تخلي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عن مسار أوسلو، مما يتطلب وحدة الموقف الفلسطيني، الذي لن يأتي إلا عبر الوحدة الوطنية.

•محاولة توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، في ظل قرب طرح الولايات المتحدة الأمريكية خطة سلام جديدة، قد لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وبالتالي مواجهة هذه التحديات تتطلب وحدة الموقف الفلسطيني.

•مساعي القيادة الفلسطينية لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني، وهو ما يتطلب حضور حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وهذا لن يتحقق، إلا عبر بوابة المصالحة الفلسطينية.

•قطع الطريق على التفاهمات بين حركة حماس وتيار "محمد دحلان"، فخلال الفترة الأخيرة ناورت حركة حماس، بورقة "دحلان" مع الرئيس عباس وحركة فتح، وهو ما حقق نتائج إيجابية، في دفع الرئيس وحركة فتح للتعاطي بشكل إيجابي مع حركة حماس.

•رغبة الرئيس عباس في إنهاء الانقسام، الذي وقع في عهده، وبالتالي لا يريد الرئيس إنهاء مسيرته السياسة بدون إنهاء هذا الملف.
ثانياً: تحديات المصالحة


لا شك أن هناك تحديات كثيرة تقف أمام تحقيق المصالحة الفلسطينية، خاصة في ظل فشل تجارب المصالحة السابقة، التي ولدت حالة من الإحباط لدى كثير من أبناء الشعب الفلسطيني، وتبقى قضية الشراكة السياسية والأمن والموظفين والمعابر والكهرباء والبطالة وندرة الوظائف وتردي الأوضاع الإنسانية في غزة، من أهم تلك التحديات التي تقف أمام المصالحة الفلسطينية، فكل تلك الأزمات على طاولة الحكومة الفلسطينية، من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها، في محاولة لإخراج القطاع من هذه الحالة المتردية. ورغم كثرة التحديات التي يمكن أن تقف حجر عثرة أمام المصالحة الفلسطينية، إلا أنه يمكن تحديد أهم تلك التحديات بالنقاط التالية:


قضية الموظفين


ليست "اسرائيل" وحدها هي التحدي الذي يواجه حكومة الوفاق الوطني، فعديد التحديات الداخلية والملفات الشائكة التي ورثتها الحكومة من سنوات الانقسام العشر، حيث تجذرت حالة الانقسام بين مؤسسات السلطة في الضفة وغزة، وأصبحت كل منطقة منفصلة تماماً عن الأخرى، كما أن مشكلة عودة الموظفين السابقين، تعتبر واحدة من التحديات التي ستعمل الحكومة على معالجتها خاصة وأن حكومة حماس عملت على إحلال موظفين جدد بدل الموظفين السابقين. ويعتبر ملف موظفي حكومة حماس بغزة، من أهم العقبات أمام المصالحة. لأن ملف الموظفين والتعقيدات التي تقف أمام هذا الملف، وعمل اللجنة الإدارية والقانونية المنوط بها تقييم ملفات موظفين غزة، قد يمثل عائقًا مهمًا أمام تنفيذ أي اتفاق للمصالحة. فقد كان هذا الملف، من أبرز معوقات نجاح اتفاق "الشاطئ" بين الحركتين الموقع عام 2014، حيث رفضت السلطة دمجهم بدون مراجعة لملفاتهم الوظيفية ضمن موظفي الحكومة، واقترحت تشكيل لجنة لدراسة ملفاتهم، وهو ما رفضته حركة حماس في السابق.


الشراكة السياسية


طريق المصالحة الوطنية الفلسطينية ليست مفروشة بالورود، حتى وإن توفرت الإرادة السياسية والرغبة الحقيقية، والحاضنة العربية، والموافقة الدولية، إلا أن اختلاف البرامج السياسية بين فتح وحماس يشكل أهم تحديات المصالحة الفلسطينية، فحركة حماس لا تؤمن بالتسوية السلمية مع إسرائيل لإقامة الدولة الفلسطينية، وتؤكد على ضرورة المقاومة المسلحة للاحتلال وترفض الاعتراف بإسرائيل. أما حركة فتح، فترى أن الحل السياسي السلمي والمقاومة الشعبية والاشتباك السياسي مع الاحتلال في المحافل الدولية، بالإضافة للمفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية هي السبيل الوحيد لإقامة الدولة على حدود عام 1967 وخلال جلسات الحوار المتعددة التي جرت في القاهرة والدوحة منذ 2005 وحتى 2014، حاول الطرفان تقليل الهوة بين البرنامجين، ولكن تمسك كل طرف بمبادئه أفشل ذلك. ولكن عقب طرح حركة حماس وثيقتها الأخيرة، جسرت الفجوة بين البرامج السياسية، وأصبح الطرفين أقرب لتبني خيار الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وهذا ما يساهم في الوصول لشراكة سياسية، والاتفاق على استراتيجية وطنية موحدة، زمن السلم والحرب، يمكن أن تذلل العقبات التي تقف أمام المصالحة الوطنية، لأنه بدون الوصول لهذه الشراكة في ظل حالة التشرذم الذي يعاني منها النظام السياسي الفلسطيني لن تستمر المصالحة طويلاً.


الملف الأمني وسلاح الفصائل


الملف الأمني من أهم الملفات الشائكة والمعقدة أمام استمرار المصالحة، خاصة في ظل إصرار حكومة التوافق الوطني على استلام كافة مهام ومسؤوليات في غزة، بما فيها الملف الأمني، وهذا ما ظهر خلال كلمة رئيس الوزراء في بداية الجلسة الأسبوعية للحكومة الثلاثاء الموافق 26/9/2017م، في ظل وجود أجهزة أمنية وشرطية تتبع بشكل مباشر لحركة حماس.

ويعتبر الملف الأمني من أهم التحديات التي تنتظر حكومة الوفاق الوطني، صحيح أن حماس وفتح اتفقتا على تأجيل النظر في هذا الملف إلى ما بعد الانتخابات القادمة، لكن الواقع يقول أن هناك أجهزة أمنية في الضفة تختلف تماماً عن تلك الموجودة في غزة. وفي هذا السياق أوضح عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل أن "الأمن سيبقى على حاله لمدة عام، يتم خلاله دمج ثلاثة آلاف عنصر أمني تابع للسلطة مع القائمين على الأمر حاليا، ثم بعد عام تعاد دراسة المنظومة الأمنية في الضفة وغزة وهيكلتها من خلال لجنة خاصة". وقال "ومع هذا، فالأمن سيخضع لوزير الداخلية وحكومة الوفاق، وأي تغيير فيه لن يكون إلا بقدر ما اتفق عليه في القاهرة، وبالنسبة للوزارات المدنية فستخضع هي الأخرى للحكومة بشكل طبيعي".

من جهة أخرى يعتبر ضبط سلاح الفصائل وعدم استخدامه في الخلافات الداخلية، من أهم التحديات التي تقف أمام المصالحة الفلسطينية، خاصة في ظل انتشار المجموعات المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة، فالسلطة الفلسطينية ترفع شعار أن سلاح السلطة سلاح واحد، وأنه لا يوجد سلاح غيره (سلاح الأجهزة الأمنية)، فيما ترى حركة حماس أن سلاح المقاومة لا يمكن المساس به، ولكن هناك من يرى إن حركة حماس تخشى على دورها المقاوم في حال قيام السلطة بالمهام الأمنية في قطاع غزة، في ظل رفض الرئيس عباس لخيار المقاومة المسلحة، ولعل هذا ما دفع "الإسرائيليين" للدخول على خط المصالحة، لتبديد التوافق الوليد بين الحركتين بوساطة مصرية، والترويج لمقولة إن حركة حماس تريد (لبننة) الساحة الفلسطينية، -تكون بمثابة حزب الله في قطاع غزة-، على أن تخفف من الأعباء الإدارية وتوكل بها إلى السلطة الفلسطينية، ما يعني أن السلطة الفلسطينية سيكون أشبه "مقاول ثانوي" في حين أن السلطة العليا ستبقى بيد حركة حماس.


توحيد المؤسسات


لا شك إن توحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية التنفيذية والتشريعية والقضائية بين غزة والضفة الغربية، من أهم التحديات التي تواجهه طريق المصالحة الفلسطينية، خاصة إن الانقسام استمر عشرة سنوات تقريباً، وتولد عنه انقسام افقي في مؤسسات الدولة بين الضفة وغزة، مما يجعل مهمة توحيد هذه المؤسسات أمر غاية في الصعوبة، في ظل تعدد القوانين واللوائح التي قامت عليها هذه المؤسسات، وربما يكون ذلك دافعاً نحو العمل على سرعة توحيد المؤسسات الفلسطينية، خاصة القضائية.


الضغوط الإقليمية


خلال السنوات الماضية لعبت الضغوط الإقليمية أدواراً سلبية في استمرار الانقسام، لأن استمرار الانقسام كان يخدم مصالحها الاستراتيجية، عبر استخدام الورقة الفلسطينية كأحد أوراق الضغط في المعادلة الدولية والإقليمية، وهذا ما يؤكد أهمية عودة الدور المصري القوى والفعال في ملف المصالحة، لأن القاهرة استطاعت خلال الفترة الماضية بناء علاقات قوية مع حركة حماس مما ساهم في تجاوب الحركة مع المساعي المصرية، وعمل على ابعاد التأثير السلبي للقوى الإقليمية.


لكن هذا لا يعني انتهاء الضغوط الإقليمية السلبية، فإلى جانب المصلحة الإسرائيلية في استمرار الانقسام وعدم التقارب بين حركة فتح وحماس، فإن إيران وتركيا وقطر، تبقى أطرافاً رافضة لعودة التفاهمات بين حماس ومصر من ناحية، وبين حماس والسلطة من ناحية أخرى، الأمر الذي يؤكد أن التفاهمات ستبقى معرضة للنيل منها، لأن أهم ما في هذا التوافق أنه جاء في وقت بلغ فيه تراجع الاهتمام العربي والإقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية ذروته، في ضوء استحواذ تطورات الأزمة السورية والصراعات الدائرة حول تقاسم نفوذ كل الأطراف في سوريا، وإدراك الكثيرين أنّ ما يحدث في سوريا الآن هو الذي سيحدد معالم خرائط التحالفات والصراعات الجديدة في الشرق الأوسط، وفي ظل هذه الظروف باتت إسرائيل غير معنية بشأن أية جهود لتجديد مفاوضات السلام، مع السلطة الفلسطينية، وأكثر ميلاً لتعميق مشروع التحالف مع أطراف عربية باتت حريصة على هذا التحالف من دون شروط مسبقة تتعلق بالقضية الفلسطينية.


التحديات الأخرى


بالإضافة للتحديات السابقة، هناك تحديات فلسطينية أخرى، أبرزها ما يتعلق بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وما يتعلق بالانتخابات في ظل تمسك السلطة بأن تجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية فقط، في حين تطالب حركة حماس بإجراء متزامن للانتخابات التشريعية مع الرئاسية مع انتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، بمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وأيضا من التحديات التي تنتظر الحكومة أيضاً شبح البطالة والفقر والخريجين من الشباب في غزة، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في القطاع بسبب الحصار والانقسام، مما يتطلب سرعة العمل لتغيير الوضع في قطاع غزة على كافة المستويات.


لا شك أن الأيام الأخيرة شهدت تحولات كبيرة في ملف المصالحة الفلسطينية، وهذا مرجعه توافر الإرادة السياسية لدي الأطراف، وخاصة لدى حركة حماس التي أبدت مرونة كبيرة عبر حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق الوطني من العمل في غزة، ترافق ذلك مع توفر حاضنة عربية تمثلت في عودة الدور المصري القوي والفعال، بموافقة دولية واقليمية على إنهاء ملف الانقسام الفلسطيني، وعودة السلطة لغزة استعداداً للحل السياسي، الذي قد يكون مركزه غزة، بما يتطلب سرعة عودة السلطة لغزة وبسط نفوذها على هذا الإقليم الجغرافي.


 خلاصة القول إن جديد المصالحة الفلسطينية هذه المرة، هو توفر الإرادة السياسية الحقيقية بضرورة إنهاء الانقسام، عقب إدراك حركة حماس الواقع المحلي والإقليمي والدولي الجديد، مما بات يتطلب منها تقديم مرونة سياسية لضمان استمرار وجودها في النظام السياسي الفلسطيني، بموافقة دولية وإقليمية، في مقابل أدراك السلطة الفلسطينية وحركة فتح بأهمية استعادة غزة في هذه اللحظة الفارقة، قبل طرح الولايات المتحدة الأمريكية خطة سلام قد تشكل بداية لتصفية القضية الفلسطينية عبر الحل الإقليمي، الأمر الذي دفعها باتجاه التقارب مع مصر والتفاهم مع حركة حماس، وهذا كله خلق الفرصة المواتية للمصالحة الوطنية، وترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، لكن هذا لا يعني أن طريق المصالحة مفروشة بالورد.

calendar_month01/10/2017 04:49 pm